في رواية أرض السواد لعبد الرحمان منيف ينزع أهل بغداد عن القنصل البريطاني ريتش اسمه الحقيقي ويعطونه إسما يرونه يوافقه وهو " الأشيقر ". فالإسم الجديد يجعل ، بحسبهم، الغريب الوافد المجل بالسرد والمهابة فردا محليا مألوف الإسم ومحدد الهوية، مادام الإسم هو هوية الفرد ومنح إسم جديد يعني اجتثاث الفرد من هويته السابقة ومنحه هوية جديدة تنتمي ولو حجزئيا إلى الهوية المحلية المألوفة والمؤطرة مخياليا بمحددات يعرفها المنتمون إلى الجماعة ويتواضعون على تثمينها.
يبدو أن تغيير الإسم في في العرف الشعبي كعملية إلغاء لحضور الآخر الغريب الوافد والمتطير منه، في النحن، هو عرف مرحب به من لدن الجماعات المغلقة وخاصة الجماعات الطائفية والإثنية التي يعتبر الإسم فيها أيقونة ثقافية تعبر عن الإنتماء. ففي الهند مثلا يتم تغيير إسم الفتاة التي تزف لطائفة غير طائفتها حتى يتواءم اسمها الجديد مع المحيط الإجتماعي الذي وفدت عليه والذي يتسم بانسجام ثقافي تحرسه صفات تحددا الأسماء واللباس والعادات والطقوس الدينية والاجتماعية ... يشترك المسلمون في هذه العادة، حيث أن كل داخل جديد للدين الإسلامي قادما إليه من ديانة / ثقافة أخرى ينصح باختيار إسم جديد يكون عربيا يعبر من خلاله عن انتمائه الديني الجديد، ويبدو أن المسيحيين لهم نفس العادة ولو أنها لا ترتبط بشكل آلي ومباشر ما بين اعتناق الديانة وتغيير الإسم كما هو الحال عند المسلمين.
نفس الممارسة نعثر عليها لدى جماعات أخرى غير طائفية ولا تحددها الإثنية العرقية بشكل قوي، نتيجة التداخل الإثني الذي يربطها بجماعات أخرى تشاركها الجوار الجغرافي والإنتماء الديني، لكنها ذات خصوصية ثقافية معينة تعطي مبررا لهكذا ممارسة وتجعلها مطلوبة كما هو الحال عند بعض الأعراش والقبائل الجزائرية كبعض العائلات العريقة التي تسكن جبال تسالة لمطاعي بولاية ميلة مثلا، حيث تعطي هذه العائلات للعروس الوافدة من منطقة مغايرة اسما جديدا بعد اليوم الثالث من الزواج، وكأن عملية إعادة التسمية دليل امتلاك تزهو به عائلة العريس، وهو في الوقت نفسه ولادة جديدة للمرأة التي انتقلت من وضع البنت إلى وضع الزوجة/ الكنة وما يترتب عن ذلك الإنتقال من انتماء لعائلة جديدة يقابله فك ارتباط تدريجي مع عائلتها السابقة.