الأحد، يناير 25، 2009

غزة ... الجزائر ... والعهدة الثالثة !!!

طوال فترة العدوان الاسرائيلي على غزة عاش الشارع الجزائري غليانا منقطع النظير، تمكنت الارادات الحية في هذا الوطن من كسر قانون منع المسيرات الساري المفعول منذ 2002 ، من خلال الخروج في مسيرات ضمت مئات الآلاف وتحولت في ثالث جمعة من العدوان الاسرائيلي إلى أعمال شغب وعنف ضد رجال الشرطة، كانت تلك الأعمال التخريبية رفضا من الشعب الجزائري الفخور بتاريخه النضالي، للموقف الرسمي الجزائري، اتجاه المجزرة، حيث رأى جل المواطنين ان الموقف غير الفعال للحكومة والصمت الرهيب لرئيس الجمهورية يحمل أساءة كبيرة للجزائر بأكملها. فالرئيس بوتفليقة التزم الصمت طوال فترة العدوان، لم يقل لا كلمة حق ولا كلمة باطل. واكتفى بمواقف أجزاب التحالف الرئاسي وجمعيات المجتمع المدني غير الملزمة للسلطة في شيء.
لقد كان الرئيس مشغولا بحسابات سياسية ضيقة متعلقة بالعهدة الثالثة والموقف الأمريكي والفرنسي من تعديل الدستور لأجل التمكين لتبوتفليقة من الخلود في الحكم، هذه الحسابات الآنية والضيقة أثرت كثيرا على مصداقية الرجل في نظر الجزائريين، وفي نظر كل انصار الحرية والعدالة في العالم.
لقد اساء بوتفليقة لتاريخه الثوري والنضالي ولقيمه اللبيرالية التي أضجرنا بها كثيرا وهو يرددها في كل خطبه.
ومثلما أساء بوتفليقة بموقفه الصامت الغير مفهوم والغير مبرر لتاريخه كله، أساء النادي الجزائري للتدوين لكل المدونين الجزائريين، بتلك الرسالة الإنبطاحية والمراوغة المرفوعة لفخامة رئيس الجمهورية التي تطالبه بالتدخل لأجل غزة ( وهذا أمر جميل في حد ذاته ) وتؤكد أننا "" على أبواب عهدة رئاسية ثالثة شعارها الأبدي العزة والكرامة "" (وهنا مربط الفرس وخلط السم بالعسل )، حيث استغل اعضاء النادي الجزائري للتدوين أحداث غزة لأجل التطبيل للعهدة الثالثة، متاجرين بدماء آلاف الاطفال الابرياء والنساء والشيوخ، لأجل اهداف غير نبيلة بالمرة، إن تلك الرسالة تحمل أساءة بالغة لكل المدونين الجزائريين، المدونون الذين تحدث اعضاء النادي الجزائري للتدوين باسمهم جميعا حيث ورد في الرسالة المرفوعة لفخامته :"" نتقدم إليكم سيد الرئيس نحن المدونون الجزائريون بطلب...."""
إن المدونات التي يفترض انها مجهودات فردية لأشخاص ولجوا عالم التدوين بحثا عن مزيد من الحرية في التفكر والجرأة في الطرح، قد تحولت في فقه أعضاء النادي الجزائري للتدوين إلى لجنة مساندة لترشيح م
ن يعتدي على الدستور ويختطف السلطة بحجج واهية، لا تختلف في شيء عن لجان خالد بونجمة وجمال ولد عباس. وما يسمى يجمعيات المجتمع المدني التي تقتصر مهمتها فقط على التطبيل لمن يملك السلطة والاستفادة من ريع النظام.
إن أعضاء النادي الجزائري للتدوين احرار في أتخاذ الموقف الذي يتناسب ومبادئهم وحساباتهم، هم احرار في التأييد والمساندة، والمناشدة رغم أن أصواتهم ضلت مبحوحة ولم تصل للذي ناشدوه. إن للكثير من المدونين الجزائريين الآخرين أحرار في رفض الاستسلام لمؤسسة الاستبداد الناعم التي يسعى الرئيس الحالي عبد بوتفليقة لتكريسها في واقع الممارسة السياسية الجزائرية، وقد باشر أولى الخطوات في هذا الأتجاه من خلال الإعتداء على الدستور الديمقراطي الوحيد الذي عرفته الجزائر وتعديله تحت تصفيق لجان مساندة من طراز النادي الجزائري للتدوين الذي يؤكد بكل فخر في رسالته المرفوعة لفخامة الرئيس: ""ولتكن العهدة الثالثة مرة أخرى عهدة العزة والكرامة"".
ولكن أعضاء النادي الجزائري للتدوين ليسوا أحرارا في التكلم باسم كل المدونين الجزائريين، لأنهم لا يمثلون سوى انفسهم، وهم مدانون اخلاقيا بسبب متاجرتهم بدماء اهلنا في غزة وتوظيف كل تلك الدماء التي سالت دفاعا عن الكرامة العربية والإنسانية، لأجل تكريس الإستبداد وتأييد الرغبات الغير مشروعة ( ديمقراطيا ) للرئيس الجزائري للخلود في الحكم رغم اعترافه بالفشل في تسيير شؤون الدولة وهو سبب كافي للمطالبة برحيله لدى الشعوب الواعية والتي تحترم نفسها ولا تسيء لواقعها وتاريخها.
ـــــــــــــــــــــــ
اقرأ ردود اخرى على هذه الرسالة:
يوسف الحساس: نادي تدوين حكومي!!!
منير الجزائري: المتاجرة بغزة

الخميس، يناير 15، 2009

أندري نوشيه: يهودي ضد إسرائيل

على خلاف مواطنه أنريكو ماسياس والذي يتاقطع معه في المولد القسنطيني بالشرق الجزائري وفي العرق اليهودي والجنسية الفرنسية، قدم المؤرخ اليهودي الفرنسي اندري نوشي في رسالته التي وجهها للسفير الإسرائيلي بفرنسا، موقفا انسانيا يستحق كل الاحترام، فيهودية نوشي لم تجرده من انسانيته وانحيازه لقيم الخير والعدالة ودفاعه عن تلك القيم من خلال موقه الحازم اتجاه ما ترتكبه اسرائيل في غزة من مجازر وصفها نوشي بالنازية.
أندري نوشي (6 8 سنة ) من موالد مدينة قسنطينية بالشرق الجزائري، كان محاربا قديما في جيش فرنسا الحرة بقيادة الجنرال ديغول أثناء الاحتلال النازي لفرنسا، وبعد رحيل شبح النازية عن أروبا والعالم انتقل للمجال الاكاديمي ليتخصص في التاريخ ويؤلف في خمسينيات القرن الماضي كتابا مهما عن دور الاستعمار الفرنسي في تدني المستوى المعيشي للاهالي الجزائريين. درّس بجامعة تونس، وله عدة مقالات وكتب في التاريخ والسياسة، وهو الآن يشغل منصب استاذ شرفي بجامعة نيس الفرنسية.
اندري نوشي يهودي، ولكنه اتخذ موقفا اتجاه اسرائيل، لم يستطع الحكام والمسؤولين العرب وحتى بعض المثقفين أن يتخذوا موقفا مشابها له بمثل تلك الشجاعة والحزم، ليقدم لنا مثالا عن الانسان الذي ينحاز للحق والخير ويكون مستعدا لتحمل تبعات انحيازه ذاك، مثله مثل الرئيس شافيزمثل رجب طيب اردوغان، مثل الرئيس البوليفي موراليس، ومثل كثيرين غيرهم كانوا عربا اكثر من العرب.
حين قرأت رسالة اندري نوشي شعرت بالخجل من كل المواقف العربية
وهذا نص الرسالة:
سيدي السفير:
هذا اليوم في تقليدكم هو شباط , يوم وجب أن يكون يوم سلم, لكنه في الواقع كان يوم حرب. فبالنسبة لي و منذ عدة سنين, يثير الإستعمار الإسرائيلي لفلسطين واغتصاب أراضيها سخطي. وإني لأكتب لكم باعتباري فرنسيا, يهودي المنشأ وفاعلا في اتفاقيات التعاون بين جامعتي نيس وحيفا.

لم يعد من الممكن الصمت أمام سياسة الإغتيالات والتوسع الإمبريالي لإسرائيل. إنكم تتصرفون تماما كما تصرف هتلر في أوربا إزاء النمسا وتشيكوسلوفاكيا. إنكم تزدرون قرارات الأمم المتحدة مثلما استخف هتلر بقرارات عصبة الأمم, وإنكم تغتالون النساء والأطفال دون خشية من عقاب. إنكم تركبون التفجيرات والإنتفاضة كمطية لجرائمكم.

وكل ذلك هو نتيجة الإستعمار غير المشروع وغير الشرعي الذي لا يعدو أن يكون سرقة. إنكم تتصرفون على شاكلة مغتصبي الأراضي وتضربون بعرض الحائط تعاليم الأخلاق اليهودية, فالخزي لكم وبئسا لإسرائيل.

أنتم لا تعون أنكم تحفرون قبوركم بأيديكم لأنكم لم تدركوا أنه محكوم عليكم بالعيش سويا مع الفلسطينيين والدول العربية ! إن افتقدتم لهذا الذكاء السياسي, فلستم إذن بأهل لتدبير الساسة, وعلى قادتكم أن يستقيلوا. إن بلدا يغتال رابين ويعظم من اغتاله, هو بلد خال من الأخلاق والشرف.

فبحق السماء, ليميتن ربكم المجرم شارون. ومثلما تم هزيمتكم بلبنان سنة 2006, فسوف تلحق بكم على ما أرجو, هزائم أخرى. وستقتلون كذلك شبابا إسرائيليا, لأنه تنقصكم شجاعة إبرام الصلح. فكيف يمكن لليهود الذين طالما عانوا الأمرين من النازيين, أن يتشبهوا بجلاديهم الهتليريين ؟

بالنسبة لي, ومنذ سنة 1975 لا يزال الإستعمار يبعث في شخصيا ذكريات خلت, ذكريات الهتلرية, إذ ليس ثمة فرق جوهري بين قادتكم و قادة ألمانيا النازية.

وإني شخصيا سوف أحاربكم بكل ما أملك من قوة, كما قمت بذلك بين سنتي 1938 و 1945, حتى تقضي عدالة البشر على الهتلرية التي هي في صميم بلدكم.

فبئسا لإسرائيل ولينزلن إلاهكم على قادتها كل النقمة التي يستحقونها. وإني كيهودي من قدماء الحرب العالمية الثانية, فإني أخجل مكانكم. لعنكم ربكم إلى أبد الآبدين. أتمنى أن تلقوا جزاءكم.

--
أندري نوشي

أستاذ شرفي بجامعة نيس - فرنسا

الثلاثاء، يناير 06، 2009

الحركات الاجتماعية والتغيير السياسي

إن ما تشهده الساحة العربية من تازم اقتصادي واحتقان سياسي غير مسبوق، قد فتح المجال امام قيام حركات اجتماعية ذات توجهات مطلبية اتجاه الدولة، حركات تتجاوز الأطر السياسية التلقيدية المتمثلة في الاحزاب وجمعيات المجتمع المدني، أي أنها تعيد اكتشاف الممارسة السياسية التي كلسها النظام العربي واختزلها في احزاب ورقية لا قوة لها ولا قدرة لها على التغيير من جهة وسلطة قوية بقدرتها على القمع من جهة ثانية؛ هي حركات غير مؤدلجة بالمعنى التقليدي للتوجه الايدولوجي. وغير مهيلكة تنظيميا، طلباتها اجتماعية بالأساس، رغم تنامي مكانة المطالب السياسية في شعاراتها، ومؤطروها في الغالب غير معروفين اعلاميا ولا سياسيا، وذوو طموح سياسي محدود لانهم قادمين لمجال الممارسة السياسية وساحات الاحتجاج من الصحافة وقاعات التدريس بالجامعات في غالب الاحيان، هذه الحركات مثل حركة كفاية المصرية وكفا الفلسطينية وارحلو اليمية وحركة المواطنة بالجزائر والحركات العمالية بالمغرب، تكتسب زخما جديدا بفعل تلاحق الاحداث السياسية في العالم العربي مثل الانتفاضة الثانية وغزو العراق وصولا لحصار غزة والحرب الاسرائلية الاخيرة على الشعب الأعزل في غزة، بالإضافة للمطالب التقلدية التي تنادي بالحريات العامة والإصلاح والتداول السلمي على السلطة.
ولكن قبل الحديث عن طبيعة هذه الحركات الاجتماعية التي تحتل الشوارع العربية في جل العواصم والمدن يجدر بنا الإشارة لمفهوم الحركات الاجتماعية، وهل تندرج ضمنه هذه التحركات الشعبية التي ترفع من سقف مطالبها اتجاه الدولة هي حركات ذات ابعاد سياسية رغم طابعها الاجتماعي والذي يبدو بعيدا عن السياسة، على الأقل بعيدا عن الطموحات السياسية التي تسعى لاستلام السلطة كما هو شان احزاب المعارضة.
تعرف الحركات الاجتماعية على انها "" تلك الجهود المنظمة التي يبذلها مجموعة من المواطنين بهدف تغيير الأوضاع، أو السياسات أو الهياكل القائمة لتكون أكثر اقترابا من القيم الفلسفية التي تؤمن بها، والحركة في مفهومها الاختزالي هي تلك الحركة الاجتماعية التي تخرج من صميم المجتمع الذي تسكن فيه "، ورغم تضحية العلوم الاجتماعية بمفهوم الحركات الاجتماعية لصالح مفهوم آخر اكثر أجرائية وأكثر قدرة على التحديد هو مفهوم المجتمع المدني، فإن للحركات الاجتماعية دور كبير في تغيير الممارسات السياسية في العالم، خصوصا في الدول التي استقرت ديمقراطياتها ونظمها القيمية، حيث شهدت أوروبا حركات اجتماعية ساهمت في تجديد الخطاب السياسي ومن ثمة الممارسة السياسية على غرار حركة الطلاب في ماي 1968 والحركات النسائية وحركات العمال والفلاحين وحركات الخضر، تلك الحركات التي كانت ذات توجهات يسارية أثرت الخطاب اليساري للاجزاب الاشتراكية وساهمت في بلورة وعي جديد بقضايا العالم من خلال ابتكار وسائل جديدة في الممارسة السياسية كالاعتصامات الدورية والمسيرات والإضرابات، رغم أن بعضها انقلب لفعل عنيف بغية تغيير الاوضاع المغضوب عليها بالقوة كما حدث مع اضرابات الطلبة في ماي 1968.
ولكن هل حركات الاحتجاج الاجتماعي في العالم العربي قادرة على اعادة صياغة السياسة العامة للحكومات العربية؟!
يرى البعض بان هذه الحركات هي حركات ذات مطالب مرحلية، سرعان ما تزول ونتدثر بزوال مسبباتها، وبالتالي فمن الغباء ان نعول عليها في احداث التغيير، في حين هناك قراءت اخرى ترى في هذه الحركات الاجتماعية وفي اتساع دوائرها واستفادتها من التراكم الذي وفرته لها الاحداث المتوالية على العالم العربي علامة على تغيير بنيوي عميق في الساحة السياسية العربية، حيث أن هذه الحركات اخذت زمام المبادرة من القوى السياسية التقليدية ( الاحزاب والمجتمع المدني ) رغم محاولة بعض الاحزاب اختطاف نجاحات هذه الحركات وصبها في رصيدها، كما ان هذه الحركات تبدو قد طلقت الممارسات الايديولوجية السائدة في الساحة السياسية العربية والتي تقسم الجميع الى نقيضين: نظام / معارضة، إسلامي / علماني.

هذه الحركات رغم ميولاتها الواضحه لتوظيف شعرات ذات محمولات دينية إلا انها لا تعارض التيارات الاخرى وتضمها إليها نظرا لان بعض مؤطريها ينتمون لتيارات اليسار وهم الذين يؤججون المطالب القومية والاجتماعية على غرار حركة كفاية وحركات الاحتجاج بالمغرب التي يؤطرها اليساريون رغم ميلها لتوظيف خطاب توفيقي ذو محمولات دينية دون الاحساس بالوقوع في تناقض لأن التناقض بين اليسار والتيارات الدينية هو تناقض مصطنع بالاساس صنعته النخبة السياسية والفكرية لاجل تحقيق اهداف مصلحية معينة، أي انه تناقض نخبوي لا تلتفت إليه الجماهير الشعبية كثيرا ونظرا لكون هذه الحركات الاجتماعية هي في النهاية تعبير عن وعي اجتماعي عايش ازمة متعددة الجوانب واستطاع بعفوية إدارك مكامن الداء، وبالتالي فمطالب التغيير التي تقودها هذه الحركات تنصب أساسا حول الوضع الاقصادي في حالات تراجع الازمات الخارجية لانه المطلب الملح والدائم، وهو السبب الرئيسي في تشكل هذه الحركات التي ترى بأن الحكومة عاجزة عن توفير حياة كريمة للمواظنين وتحمل الدولة اسباب تنامي الفقر وتدني مستوى المعيشة واستفحال الفساد نتيجة الانفتاح الاقتصادي الذي فتح الباب امام فئات قليلة للاستحواذ على الثورة وهمش غالبية المواطنين، اما في حالة وجود ازمات كما يحدث الآن في غزة فان الشعارات القومية والدينية تتبؤ الصدارة معبرة عن رغبات صادقة في العزة وفي الوحدة وفي كرامة الامة بمجملها لا كرامة مواطنين في دولة واحدة، لان القضايا القومية تستدعي هبة قومية وشعارات في مستوى الوطن العربي بأكمله لان فكرة القومية العربية رغم تراجعها في الممارسة السياسية إلا انها كفرة لا تزال تسكن الوجدان العربي وتتصدر الخطابات السياسية الجوفاء للحكام العرب الذين لم يهتدوا لطريق الوحدة او التكامل واختزلوه في مجرد شعارات وخطابات موجهة للاستهلاك المحلي.
تلك الشعارات التي تلقفها الشارع العربي والحركات المعبرة عن وعي الافراد الوجماعات بالتحديات التي تواجه الامة في مجملها وبعثوا فيها قبسا من روح الامة، ليجتمعوا حولها وينادو بها ليس كمجرد شعارات لا تلتقي بالواقع انما كهدف تؤمن به الشعوب العربية وتسعى لجر حكوماتها لتبنيه والعمل به.
إن الحراك الشعبي الذي يشهده
العالم العربي في هذه الفترة بالذات تضامنا مع غزة وتنديدا بالعدوان الاسرائيلي والانظمة العربية على السواء، قد سجل تطورا نوعيا في خطابات وشعارات الجماهير العربية، هذا التطور الكبير والخطير يتمثل في تصنيف الانظمة العربية داخل نفس البوتقة التي يصنف ضمنها العدو، وهذا تطور خطير يعبر عن مدى يأس الشعوب العربية من حكامها ومدى فقدان الانظمة العربية لكل ارتباط بطموحات ورغبات الشعوب، اي انفراط العقد الاجتماعي الذي يربط الحاكم بالمحكومين ومن ثمة فقدان الانظمة لكل شرعية محتملة.
إن اكثر القراءات تشاؤما حول مستقبل الحركات الاجتماعية والاحتجاجية في العالم العربي ترى فيها مجرد استجابات حماسية ومرحلية لظروف مستجدة، وان التغيير الذي تنشده لا يمكن إلا ان يقود للفوضى لانها لا تحمل برنامجا بديلا يمكن ان يعوض الفراغ الذي قد يحدثه اي تغيير عنيف للانظمة القائمةـ في حين ترى القراءات المتفائلة بان هذه الحركات تفقد النظام ما تبقى له من مشروعية وتخلق ممارسات سياسية يمكن ان تنضج مع الوقت لتصنع البديل ولتتحول لتنظيمات سياسية قادرة على اخذ زمام المبادرة في تغيير الانظمة وفي الحلول محلها ايضا وبكفاءة، والاهم بتكريس الإنتماءالاصيل لروح الشعوب العربية، وبادراك لتحدياتها.

الخميس، يناير 01، 2009

نحو رفض ومقاومة داخلية

هل حان الوقت الآن لتحرك شعبي حقيقي من قبل الشعوب العربية، ليس للتنديد بما يحدث في غزة فقط، ولكن لمباشرة فعل حقيقي يغير الوضع القائم في المنطقة بأكملها من خلال العمل على زعزعة الانظمة القائمة وزحزحتها من اماكنها لفسح المجال امام نخب سياسية تؤمن بخيارات الأمة وتجوهاتها نحو تكريس المقاومة كطريقة وحيدة لتجاوز حالة الهوان والاحباط والخزي التي نعيشها.
كلنا نتفق على ان الحكومات العربية والانظمة العربية فاسدة ومستبدة ومتأمرة بالفعل أو بالصمت بسبب ما هي عليه الآن من تخاذل ومن استبداد بمقدرات الأمة، كلنا نعرف أن تلك الأنظمة هي المسؤولة عن خيباتنا وعن هزائمنا، وهي المسؤولة عن الدم الفلسطيني الذي يسيل أمام أعيننا دون ان نستطيع فعل شيء.
اسرائيل والانظمة العربية وامريكا لا يهمهم التننديد والمظاهرات ولوائح الشجب التي ترفع في كل مكان. فصراخنا جميعا يذهب ادراج الرياح، بما انه لا يغير من الأمر الواقع شيئا لقد اتضح بما لا يدع اي مجال للشك مدى مولات الأنظمة العربية للاعداء على حساب مصير ومستقبل الشعوب العربية، في العراق وفي فلسطين وفي سوريا وهي تتعرض لتهديدات أمريكية وفي لبنان، وفي السودان وفي ليبيا وهي تحت الحضر الدولي.
كل دولة عربية أرادت ان تقول لا لأمريكا وإسرائيل وللدول التي تريد استنزاف ثرواتنا فقط وجدت نفسها وحيدة وتخلى عنها العرب جميعا ليتركوها لمصيرها المحتوم.
التاريخ لن ينس أبدا أن دولا عربية ساهمت في تحطيم العراق سواء في حرب بداية التسعينات
حين شاركت جيوش عربية الى جانب الحلفاء بحجة تحرير الكويت، او اثناء الغزو الامريكي للعراق الذي انطلق من دول عربية مجاورة للعراق ، ايضا الا
نظمة العربية تآمرت ضد حزب الله بحجة انه حزب عميل لإيران رغم ان كل الشعوب العربية كانت ترى في حسن نصر الله بطلا مجاهدا ومقاوما استطاع ان يرد الصفعة صفعتين للجيش الاسرائيلي الذي صفع كل العرب في سنة 1967.
إن الظروف التي نعيشها بفعل العدوان الاسرائيلي على غزة تتيح لنا جميعا ، لكل الشعوب العربية فرصة لدق المسامير الاخيرة في نعش تلك الانظمة الهرمة والمتعفنة والتي لا تزال تتحكم فينا وتهيننا وتتخلى عن قضايانا المصيرية لأجل حسابات سلطوية ضيقة.
إن فورة الغضب، الذي نحيسه جميعا، ورغبتنا في فعل شيء ما جدي وفعال لاستعادة كرامة الامة المهدورة، يمكننا توجيهها نحو الداخل، لإصلاح البيت العربي الداخلي وتخلصيه من الطفيليات التي نمت واستحكمت في مفاصله كلها ، يمكن للغضب العربي العارم ان يطيح بهذه الانظمة العربية الفاسدة والمستبدة.
إن ما دفعني لكتابة هذا المقال هو تعليق بسيط في كلماته عميق في مدلولاته من مدون سعودي هو الاخ عبيد خلف العنزي والتعليق كما هو:
في 27,ديسمبر,2008 - 10:22 مساءً, عبيد خلف العنزي كتبها ...
ـــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم

ايها المسلمون جميعا .. أعلن امامكم وامام الله تعالى انني أخلع بيعة عبدالله بن عبد العزيز آل سعود ملك السعودية فما يحدث لا يرضي الله تعالى بدون شك وأيضا لا يقبله
إلا شخص ليس فيه نخوة الرجال ولا شرف العرب ورجل مثل هذا لا يليق ان نطيعه او نبايعه
كن رجلا يا عبدالله بن عبدالعزيز يامن تحكم ارضا خرج منها دين الله تعالى
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وما يحدث في فلسطين لا يرضي الله ولا يرضي عباده
ولا طاعة لأي قائد عربي مالم يردع اليهود ويجعلهم يدفعون ثمن هذه الفلعة وافعالهم السابقة دما زعافا من حلوقهم
كيف يهنى لقادة العرب العيش دون ان يصفع الكيان اليهودي ؟
حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل
المفجوع دامي القلب .. عبيد خلف العنزي
ــــــــــــــــــــــــــ
إنه انقلاب من مواطن بسيط يرفض ان يظل محكوما من رجل ( نظام ) متخاذل يبيع شرف الأمة دفاعا من مصالحه الشخصية والفئوية وهو حال كل الانظمة العربية حاليا. أن يخلع مواطن سعودي بيعة آل سعود وملك آل سعود ( أمير المؤمنين ) فهذا فعل له دلالة عميقة، يترجم درجة الإحباط التي بلغها المواطن العربي ودرجة اليأس التي تسيطر عليه، وتترجم مقدار الخيبة والخجل الذي يحسه كل منا، وهو يدرك أن من يتولى أموره إنسان لا يستحق، وغير مؤهل لذلك.
إن من يسكت على قتل اخواننا ويتآمر على دول عربية اخرى بحجج واهية لايكون إلا خائنا للأمة وجب تنحيته، وفسح المجال أمام الوطنين الذين يؤمنون بقدرة الغنسان العربي على تجاوز التخلف وعلى الحفاظ على كرامته، لحكم هذه الامة المنكو
بة في حكامها
الانظمة العربية لم تترك لنا شيئا نحمدها عليه ونتمنى لها البقاء لأجله، فقمع الحريات وغلق المجال السياسي في وجه القوى القوى الوطنية، وفشل تلك الانظمة الذريع في تسيير شؤون الدولة والمجتمع، وحالة التخلف المهين التي نعيشها، والاستهتار بمصير الشعوب العربية من خلال تهميش مشاركتها في صياغة السياسات العامة للدولة
وتحويل أنظمة الحكم الجمهورية ألى ملكيات يرث فيها الإبن أباه، بالإضافة للإعتماد الكلي لهذه الانظمة على القمع لإخضاع كل الأصوات المنادية بالتغيير الحقيقي والفعال والذي يصب في خدمة واقع خير أمة اخرجت.
كل هذه الأسباب وغيرها كثير يجعل منا متواطئيين ومتخاذلين أذا سكتنا على كل ما حدث وما يحدث، وبما ان جل الانكسارات التي نعيشها ترجع لسبب رئيسي واحد هو الانظمة العربية، فالحل لا يكون سوى بزوال هذه الانظمة المتعفنة، ففي بلاد العرب هناك الكثير من النخب السياسية الملتصقة بطموحات وتطلعات الامة، والقادرة على تسيير الدولة والمجتمع بشكل يجعل منا فخورين بكوننا عرب، فلماذا نسمح للمختاذلين والفاشلين بحكمنا؟!.









conter