الخميس، مارس 21، 2013

عن النفاق الاجتماعي: ما نقوله وما نفعله في محيطنا


بين الفرد والمجتمع العربي شبه اتفاق ضمني مفاده أن للفرد الحرية في عمل أي شيء يريده شرط أن لا يجهر به، لأن الجهر يستدعي تدخل المجتمع لفرض الانضباط وتطبيق القواعد السلوكية التي تضمن انسجام أخلاقيات المجتمع، هذا ما يخلق بداخلنا ازدواجية مقيتة، خصوصا في علاقاتنا الحميمية والجنسية، فأن أمارس الجنس ولا اخفي الأمر فتلك كارثة، أما أن أمارسه فعلا وأذمه قولا فتلك هي الفطنة وهي عين ما يرضي المجتمع. وضع المرأة أكثر تعقيدا لأنها متهمة بالنظرة والهمسة، متهمة بالسيجارة التي تدخنها سرا ومتهمة بريبيريتوار هاتفها وما يحتويه من أرقام، متهمة بقائمة أصدقائها على الفيس بوك او عبر المسنجر، فهي موضوع طلب جنسي من الرجل المختفي خلف تكنولوجيا مقيتة تضمن له أن يدعي الطهر علنا ويمارس العهر سرا، أنا شخصيا لست من الذين يطيقون النزعة الطهرانية المفرطة لأني لا أريد أن أكون ملاكا فرغباتي من حقها أن تتحقق ولست أنكر عليها ذلك أو اخفي سعيي لتحقيقها لحظة ما أحس بها، لأني كمثقف أؤمن بقيم الفردانية والحداثة والعلمانية، أجدني في صراع نفسي مرير بين ما أؤمن به وما تشربته من خلال قراءاتي وبين ما يريده المجتمع مني. إني ممزق بين رفض عادات وتقاليد أراها بائسة وتحمل نتائج الرفض اجتماعيا من خلال التفسيق التمجين والتغريب الذي اتهم به والذي يصل أحيانا لحد التكفير، وبين أن انصاع لما هو مطلوب مني اجتماعيا، أي أن أمارس التقية الاجتماعية واغرق في اللهو والزهو سرا، وأصلي في الصف الأول جهرا، مبديا، ومؤكدا طهرانية حياتي، تلك الطهرانية التي أعلم ويعلم المقربون مني أنها غير صادقة.
نحن مجتمع يسكنه جوع دائم للخروج على التقاليد للامتلاء من متع الحياة المحرمة، ونحن نسعى لذلك سرا ما استطعنا، لكننا نفتقد للشجاعة الكافية لنقول علنا داخل محيطنا القريب ( العائلي والعشائري والمهني ) إننا مارسنا الجنس وشربنا الخمر مثلا، فنحن نسعى من خلال استراتجيات حياتية عديدة لرسم صور متماسكة عنا تستجيب لتوقعات الآخرين اتجاهنا ولانتظاراتهم منا وتصوراتهم عنا، وكأننا لا نعيش إلا لنفعل ونحقق ما يريده الآخرون منا. وهذا ما نفعله باقتدار عجيب، لكن نفعله علنا فقط، أما سرا فذاك سر لا تعلمه إلا رغباتنا المشتعلة في الزوايا المعتمة.

الثقة قيدا إجتماعيا


الثقة والإحترام أدوات قمع فعالة في ظل النظام الأبوي لأن الأبوية كنظام وكثقافة تركز على بسط نفوذها المجتمعي عن طريق مجموعة قيم نبيلة تغرسها في أفرادها وخصوصا لدى النساء من أجل أن تسيطر عليهن ذهنيا وأخلاقيا دون اللجوء للتضييق المادي على الحرية الذي قد يولد رغبة أعمق في التمرد. فتصير تلك القيم المزروعة في نفس الفتاة، لغايات أبوية، لجاما يطوق حرية الحركة والاعتقاد لديها، فبحجة الحفاظ على مشاعر الأهل، والبقاء في مستوى الثقة الممنوحة لها من طرف الأب والإخوة تقيم الفتاة، والشاب بدرجة أقل، رقابة ذاتية حادة وحذرة على كل سلوكياتها خشية أن لا تكون في مستوى المعيار المرضي عنه إجتماعيا والذي منحت لها الثقة على أساسه، وبواسطة تلك الثقة استطاعت أن تخرج للدراسة والعمل والسفر لوحدها في بعض الأحيان، فالثقة الممنوحة لها والمزروعة فيها تجعلها مصفحة ضد الغلط ( الغلط كما يتصوره المجتمع )، لأنها ببساطة فتاة تربت على احترام القيم المرضي عنها اجتماعيا.
فعن طريق تلك القيم المنعية ذات الوظيفة القمعية تقوم الأبوية بالسيطرة على فئات واسعة من النساء وتوجيه سلوكيات الأفراد المختلفة ظروفهم، ولكن المؤمنين بنفس القيم، نحو مزيد من التطابق والمعيارية؛ المعيارية التي تحدد السلوك الحسن والسيئ؟.
وعن طريق هذه المعيارية تستطيع الأبوية، كنظام وكثقافة، أن تتحكم في أكبر عدد ممكن من الأفراد دون أن تكون بحاجة للقيام برقابة مباشرة على السلوكيات، لأن تلك الرقابة غير ممكنة واقعيا.
إن خطورة توظيف مفاهيم الجذب إلى تربة القيم السائدة، وأبرزها مفهوم الثقة بالمعنى المحدد وبالوظيفة المحددة له، تكمن في القدرة الرهيبة على تجريد كل نزوع تحرري، وانفلاتي من سطوة القيم، من أدواته وتحييد تلك الأدوات التي من ضمنها، ولعل أبرزها، العلم المحصل نتيجة عملية تعليمية طويلة في ظل نظام تربوي علماني، رغم عدم التصريح بعلمانيته غالبا.
إن ما نحصله من علم وما نتحصل عليه من شهادات، لا يساهم في تمايزنا سلوكيا عن الفئات الأمية أو ذات المستوى التعليمي المتدني إلا بشكل طفيف وسطحي لا يمس الجوهر، أي لا ينفلت من سطوة القيم التي يهدينا عقلنا الذي أناره العلم لإدراك خطلها. ولكن، ونتيجة لعمق تجدر القيم الأبوية فينا، نعجز عن تجاوزها عبر سلوكياتنا، رغم أننا لا نكف عن التنديد بها قولا.


نخبتنا المزيفة


           ظل المثقف في الجزائر المستقلة أسير خطيئته الأولى، خطيئة الإلتحاق المتأخر بالثورة، أي كونه تابعا للعسكري المغامر وللسياسي الشعبوي، ونتيجة دراماتيكية الإحساس بالذيلية، لم ينوجد المثقف الجزائري الشريك للسياسي، أي حامل أفكار التطوير والتغيير، والقادر على الإنوجاد في المجال العام بصفته مثقفا وفقط، أي بعيدا عن حشر السياسي له داخل هذا المجال الذي تتصارع فيه الرساميل الرمزية من أجل تحصل أكبر قدر من التأثير في صياغة السياسة العامة للبلد وفي توجيه الحراك الاجتماعي الوجهة التي ترتضيها.
لم يتأسس الوضع الرمزي للمثقف الجزائري على قاعدة متينة تقيه شر الحاجة إلى الدولة ومؤسساتها في تحصيل عيشه، مما خلق وضعية للمثقفين تكاد تنفرد بها الجزائر دون بقية الأقطار العربية والإفريقية، وهي كون المثقف موظفا بالضرورة عند الدولة، أي مقولب داخل مؤسساتها، وتحديدا داخل المؤسسة الجامعية التي أنتجته، وبالتالي فهو مدين للدولة التي علمته ووظفته، مما يجعله عاجزا عن حشر أنفه فيما قد يغضب السياسي أو العسكري، أو بعبارة مختزلة يوظفها عامة المواطنين: الدولة. وعجزه عن أن يحشر أنفه فيما لا يعنيه، ناتج عن خوف وعن طمع؛ خوف من أن يفقد الرفاهية والمكانة الاجتماعية التي توفرها الوظيفة التي يشغلها داخل الجامعة أو مؤسسات الدولة التي تحتاجه كمستشار أو خبير يقدم معرفة بمقابل، وطمع في تعزيز تلك المكانة وتحصيل المزيد من أدوات الرفاه الاجتماعي مما يحول المثقفين الموظفين إلى فئة ذات امتياز داخل المجتمع، وكلما تعززت تلك المكانة الاجتماعية، وقد تعززت كثيرا في السنوات الأخيرة، كلما ازداد عجز المثقف عن أن يكون مثقفا بالمعنى الغرامشي للمثقف، أي أن ينحاز للروح الاجتماعي ويدافع عن الحق والحرية وكل القيم النبيلة التي يجب توفرها في المجتمع لكي يتقدم، وان يندد بالخروقات ويفضح التجاوزات التي تحدث من طرف الفئات المهيمنة والشخصيات والطبقات ذات النفوذ، والتي تتغلغل بشكل كبير داخل مؤسسات الدولة وتساهم في صياغة الساسة العامة للدولة، بمعنى أن المثقف الحقيقي والجدير بهذه الصفة غالبا ما يجد نفسه ضد الدولة ممثلة في بعض مؤسساتها وما يصدر عن هذه المؤسسات من قرارات.
في ظل تموضع المثقف داخل مؤسسات الدولة ( مؤسسات التربية والتعليم بمختلف مستوياتها، الصحافة العمومية، مراكز البحث ... ) واشتغاله على رتق إيديولوجياتها الوطنياتية متخليا عن دوره مقابل ما توفره له هذه المؤسسات من رفاهية اجتماعية نكون بإزاء حالة من التخلي الطوعي عن الدور الإجتماعي للمثقف، مع الإصرار على الاحتفاظ بالصفة، مما ينتج لنا تناقضا صارخا بين ما ينتظره المجتمع من مثقفيه وفئته المتنورة، وبين ما تستطيع هذه الفئة المقولبة تقديمه، وهي غالبا لا تقدم سوى ثرثرة علموية لا تسهم سوى في تزيف الوعي بالواقع لدى المتلقين. الوضع الذي يعمق حالة فقدان الثقة، لدى فئات واسعة من المواطنين، في هؤلاء المتعلمين الذين يجيدون التكلم بطلاقة ويتسابقون على موائد السلطة، على اعتبار إنهم فئة تسلقية ومصلحية توظف معارفها من اجل تعزيز مكانتها الإجتماعية في حين هي تدعي عكس ذلك.

مالكوم إكس التحرري


لم يكن نضال مالكوم أكس ضد الاستعباد الأبيض للسود للأمريكيين فقط، إنما، وكواحد من الباحثين عن الخلاص الذي وجده في الإسلام، كان نضاله من أجل حرية إنسانية تمتح من تسامح الاديان وممكنات السياسة، لتؤسس ذاتها القدسية، فقد أعلى من شأن الحرية كمطلب للسود، في بداية نضاله عقب خروجه من السجن، وقد أسلم وانظم لحركة أمة الإسلام التي وجدت في العنصرية البيضاء اتجاه السود الأمريكيين مجالا للدعوة، وقد وجد مالكوم إكس في عمق الاضطهاد الذي عاناه في صغره وشبابه البائسين سببا إضافيا للنضال المطالباتي بالحرية والمساواة لكل الامريكيين، رغم انزلاقه لدعوات عنصرية مضادة اتجاه البيض، وانتهاجه لخطاب فرقوي بين السود والبيض الأمريكيين. وقد كان انخراطه التنظيمي في حركة امة الإسلام والمتطلبات التنظيمية للحركة، ومواقفها التكتيكية تدفعه نحو المزيد من الجذرية، غير أنه وفي سنواته الأخيرة صار أكثر ميلا نحو مفهوم أكثر تسامحا للحرية التي لا تعني المطالبة بها ضرورة الصدام مع الآخر الذي نصوره مختلفا، وهذه المواقف الإنسانية هي التي جعلته يتصادم من حركة أمة الإسلام التي انفصل عنها وتبرأ من مبادئها سنة واحدة قبل إغتياله من طرف ثلاثة من أعضاء الحركة الذين انهوا الخلاف بين مالكوم اكس وأمة الإسلام بشكل درامي ودموي.

الانتماء الفيسبوكي


تتجلى الرغبة الانتمائية إلى فئات معينة عبر الفيسبوك، ولتكن في حالتنا فئة المثقفين والمتطفلين عليهم من الطلبة والأكاديميين، في بداية الامر كغريزة احتمائية ضد السقوط في غياهب الضياع الفردي في عالم افتراضي عامر بالعابرين، لهذا نبدأ بالإنتماء لمن نعرف مسبقا، وعن طريقهم، وبالإحتماء بهم نوسع الدائرة التي قد تتجاوزهم لاحقا، فاتحة المجال أمامنا للتقاطع مع دوائر أخرى بشكل مؤقت او دائم، يكون سبب تقاطعنا معها ما تطرحه من مواضيع تثير اهتمامنا وتستفزنا للرد. الرد الذي غالبا ما يورطنا في علاقة غير مبرمجة مسبقا تستدعي تفاعلية من نوع مغاير لما تعودناه في دائرتنا الأولى، ولأن التفاعل الفايسبوكي يومي وإدماني بشكل يخلط ويقرب بين الواقعي والافتراضي، فهو يجعلنا في حالة انفتاح دائم على العالم من خلال الإنخراط في علاقات جديدة من جهة، ومن خلال الطرح التداولي للمكتوب الفيسبوكي الذي ننتجه ونستهكله ونتشاركه فيما بيننا ليكون أداة وصال واتصال بيننا تساهم في تداخل أكبر بين الدوائر والفئات او بين الجزر الفايسبوكية المعزول بعضها عن بعض والتي تتقارب وتتباعد عن طريق المكتوب المطروح في دائرة ما للنقاش وللتعاليق المفتوحة التي تتشاركها الدوائر. يتحول الحضور الفايسبوكي إلى عادة مشتهاة تمارس وفق استراتجيات تسعى لرسم صورة ما مختارة ومروتشة بعناية من طرف المتفاعل الفايسبوكي .

تشافيز البوليفاري


رحل شافيز رحل 
البوليفاري المسكون بروح الثورة، بعد أن وضع أمريكا الاتينية كلها على درب اليسارية التي لن تضل بعدها أبدا. رحل، ككل صناع التاريخ، في عمر العطاء، وفي عز المجد، مجللا ببهاء الحضور وقوة التأثير، هو الطالع من أحراش الحياة الفينزويلية التي قادته إلى الأكاديمية العسكرية بكراكاس، هناك حيث تفتق وعيه السياسي والنضالي وحسه الثوري غير المهادن، والذي ترجمه عمليا بتأسيس " الحركة الثورية البوليفارية "، التي ضمنها، وبواسطتها تسلق إلى قمة المجد السياسي في بلاده التي كانت تئن تحت ضغط التخلف الاجتماعي والتبعية السياسية والاقتصادية.

شافيز الثوري البوليفاري نصير الفقراء والمضطهدين، عاشق القراءة والمطلقات، اليساري دون حسابات يساروية، المؤمن بضرورة تكتل دول العالم الثالث ضد استغلال الشمال الرأسمالي اقتصاديا، وضد هيمنة الغرب سياسيا، والمناضل الذي لا يكل ضد طبقة الرأسماليين الكومبرادوريين في بلاده وفي دول أمريكا اللاتينية، تحول خلال سنوات قليلة إلى أيقونة تحريرية سيمتد تأثيرها الرمزي في الزمان والمكان لتنضاف إلى سلسلة أنبياء التحرر: تشي غيفارا وفرانز فانون ومحمد بوديا.

خليك محترم؟!



للأسف ما ظننتك هكذا؟؟؟.
عبارة محرجة واتهامية كثيرا ما تسمعها إذا تصرفت على سجيتك دون عمل اي اعتبار لما ينتظره الآخرون منك وما يتوقعون ان تقوم به من سلوكات وتتفوه به من أقوال ترضي توقعاتهم السابقة على معرفتهم بك، فللتوقعات الاجتماعية منطق واحد وأسس تمتح من القيم والسلوكيات المرضي عنها اجتماعيا او طبقيا وفئويا، وهذا ما يجعلها متشابهة لذا الأفراد المقولبين اجتماعيا ضمن فئة اجتماعية معينة، وبالتالي فردات الفعل الناجمة عن الخروج على المتوقع والمنتظر غالبا ما تكون متشابهة، فالأفراد كممثليين للجماعة / المجتمع يسعون لتطويق الإختلاف وكسر الخروج على القيم السائدة من خلال تطويق كل فرد على حدا بمجموعة من الانتظارات والتوقعات اتجاهه بشكل يحرجه كلما سلك سلوكا يعرف مسبقا انه لن يكون مرضيا عنه من طرف جماعته التي ينتمي إليها أو ينخرط معها في علاقة ما. غالبا ما ما تكون تلك التوقعات الاجتماعية اتجاه الأفراد مغلفة بنوايا حسنة وصادقة، ومعززة بقيم نبيلة، وهنا مكمن خطورتها على فردانية الانسان التي لا يكون تشكلها فعالا إلا بالانتصار على الجماعة والاطر التي تضعها لقولبة الفرد في عملية تنشئة اجتماعية مستمرة رغم تغير أدواتها من مرحلة إلى أخرى، فالجماعة تستدعي التماثل من خلال السعي لفرض نمط قيمي معين يكون معيارا ونموذجا للسلوك والقول المقبول، في حين تنافح الفردانية على مبدأ عقلي وعقلك، المنافي للنمطية والمعيارية والذي يجعل المنطق والعقلانية أساس الصواب والخطأ.

النساء الوحيدات


نساء باسمات، لكن بسمة اليأس، عابثات، لكن عبث الهروب، إنهن يواجهن واقعا مرا بصبر جبار وبحكايات فائقة القدرة على صنع اللامبالاة والمسرات الظاهرة، يبعدن بثرثرتهن وصخب أصواتهن والضحكات المتعالية سأم الأيام المكرورة، وبرود العلاقات التي كانت او الكائنة، يتحدثن، فيما بينهن، عن عشاقهن بتندر وعن أزواجهن بضمير الغائب، فالزوج يظل: هو، مولا بيتي، الراجل، بابات الأولاد، وكل الصفات الغير حميمية التي تمعن في إبعاد سطوته وجبروته، بالقول على الأقل، هن في قاعات الإنتظار عن الطبيب، في الحافلات، في قاعات الشاي، والمطاعم النصف فاخرة، يلتقين ليتحدثن بجمل " مستأنسة ، مسترسلة ، يظنها السامع مللا وسهوا لها ، لغو نساء وماهي إلا احتضارات صمت لنسوة أتقن فن الهروب من آهاتهن وعثراتهن وخيباتهن." في مجتمع لا يرى فيهن، مهما بلغن من العلم ورقي المرتبة، سوى ناقصات عقل ودين وضلع أعوج ينصح الرجال بأن يتمتعوا به وهو أعوج، لان محاولة أقامته تكسره، فهن المشتهات المطلوبات للفراش عشقا، اللواتي لا تكتملن ذاتا وكينونة وحضورا مثبتا إلا بالزواج، وبالتنازل عن أسمائهن لإزواجهن، ليعشن سيدات تؤثث حياتهن ببعض كذبات يصدقنها، وحين يتلقين في قاعات الانتظار يثرثن بها بفخر كاذب.

فايسبوك إسلامي؟!




يتحول الفاسبوك، وبفعل غزو الرؤى المحافظ لفضائه إلى خناق يضيق على رقاب الفيسبوكيين الذين يتعاملون معه كفضاء حر منفلت من الهيمنات الناعمة التي فرضها المجتمع وسدنته في الواقع الاجتماعي.ن فعبر الفايسبوك تحاسب المرأة على صورة نشرتها أو كلام علقت به، وتحاسب حتى على صمتها، فهي مطالبة هنا، تماما كما هي مطالبة في واقعها الاجتماعي بأن تقول خيرا أو تصمت؛ والخير المقصود هو ما يرضى عنه حراس المعبد القديم وأخلاقياته التي تنهار في مجال السلوكيات، لكنها ، أي الأخلاقيات القديمة،ـ تنافح من اجل الإبقاء على شرعيتها كقيم نموذجية ومعيارية نمجدها بالقول والكتابة، رغم أننا نعتدي عليها سرا عبر سلوكياتنا، لكن المجتمع وحراس قيمه، لا تهمهم الاعتداءات السرية على تلك القيم بمقدار ما يهمهم ويستنفرهم التشكيك في شرعيتها أو إنكار صلاحيتها لزماننا وواقعنا من خلال جعلها موضوعا للنقاش أو تجاوز تعاليمها بقول أو بتعاليم أخرى تقدم نفسها كبديل عنها، لأن السلوك الإجتماعي الخاطيء في تصور حراس القيم الاجتماعية يمكن التسامح معه لأنه خاطيء أي خارج عن المعيار المرضي عنه من جهة، ومن جهة أخرى، ونتيجة كونه خاطئا، فهو لا يتحول إلى نموذج لأنه لا يمارس بشكل علني، وبالتالي تبقى إمكانية التوبة عنه والرجوع إلى "جادة الصواب" قائمة. في حين أن ما يقال أو ما يكتب علنا يعبر عن فكر وعن قناعات معينة وفي حالة كون تلك القناعات متعارضة مع ما تضعه القيم الاجتماعية السائدة كنموذج للسلوك السوي والقول الخيّر، فإن ذلك التعارض يخلق تصادما احتداميا بين الرؤى السننية التي تلوذ بمعيارية الدين وبالعمق الهوياتي للقيم المجتمعية السائدة وبين الرؤى الجديدة التي تعسى لطرح أفكارها كبديل للنظام الاجتماعي الذي تنتقده وتسعى لكشف خطل مرجعياته الفكرية، ومع ان النتيجة غالبا ما تكون انتكاس ونكوص أصحاب الرؤى البديلة الذين ينهزمون امام هول وقوة الردع الاجتماعي وادواته الناعمة والحادة، إلا أن تلك الرؤى نفسها لا تنهم تماما إنما تضل مالكة للقدرة على الانبعاث من جديد مع مدافعين جدد عنها.
وبالعودة إلى الفايسبوك وما يحدث فيه من تجاذبات بين من يريدونه فضاء لنشر قيم الحرية والحداثة وبين الرؤى الأكثر محافظة في المجتمع التي تريد جعل الفيسبوك فضاء لنشر الدعوة الإسلامية والتغلب على الشيطان، ولو ظاهريا فقط، ونتيجة الغلبة العددية لحراس النوايا الذين لا يتوانون عن كيل اتهامات التفسيق والتجريح، والدعوة لأجل فايسبوك إسلامي، مع أني لم أفهم لحد الآن مالمقصود بالفايسبوك الإسلامي الذي يدعو له بعض المعتوهين، فإن التواجد هنا أصبح لا يحتمل.

مولات الحايك



أحن للحايك. أحن للبياض يسير في الشارع فردا مفردا ومثنى وثلاث، يتمظهر للرائي كجمالية ثقافية، كإعلان عن هوية وعن انوثة لا تمنح نفسها إلا تلميحا من خلف بياض يلف تقاسيم البياض، أو جسدا خالطت بشرته حمرة الخمريات وفتنة الجميلات، وللجزائر تاريخ تنسجه الجميلات ليلا، وفي النهار يغطيه بياض الحايك.
في الأزقة الضيقة للقصبة ولقسنطينة، التي أبدعت سينما الأبيض والأسود في تصويرها، تسير الطفلة الملتفة بالحايك يحرسها محرم من صبية الدار، ملتفة في بياضها تضبط إيقاع الخطوة وتلفها بثقة الفاتنات وتدوزنها بتقارب الساقين وتمايل الخصر واهتزاز الردفين تحت البياض. يلف الحايك جسدا لا يرى، ومع ذلك فهو قادر على إشعال الخيالات وفك عنان الاشتهاء الذي تبثه العيون للعيون، حيث لا شيء يرى في مولات الحايك العازبة سوى سواد العيون وبعض خصلة شعر من الرأس العامر بكل الثرثرات وبكل هذر النساء حين يلتقين في الحمامات والأعراس يحكين عن تلك التي حين غابت عند آخر الزقاق مجللة ببياضها توهجت في الروح وفي قلوب العشاق وفي العيون الشاخصة.

conter