الخميس، مارس 21، 2013
الثقة قيدا إجتماعيا
بتاريخ 9:51 م بواسطة عمار بن طوبال
الثقة والإحترام أدوات قمع فعالة في ظل
النظام الأبوي لأن الأبوية كنظام وكثقافة تركز على بسط نفوذها المجتمعي عن طريق مجموعة
قيم نبيلة تغرسها في أفرادها وخصوصا لدى النساء من أجل أن تسيطر عليهن ذهنيا وأخلاقيا
دون اللجوء للتضييق المادي على الحرية الذي قد يولد رغبة أعمق في التمرد. فتصير تلك
القيم المزروعة في نفس الفتاة، لغايات أبوية، لجاما يطوق حرية الحركة والاعتقاد لديها،
فبحجة الحفاظ على مشاعر الأهل، والبقاء في مستوى الثقة الممنوحة لها من طرف الأب والإخوة
تقيم الفتاة، والشاب بدرجة أقل، رقابة ذاتية حادة وحذرة على كل سلوكياتها خشية أن لا
تكون في مستوى المعيار المرضي عنه إجتماعيا والذي منحت لها الثقة على أساسه، وبواسطة
تلك الثقة استطاعت أن تخرج للدراسة والعمل والسفر لوحدها في بعض الأحيان، فالثقة الممنوحة
لها والمزروعة فيها تجعلها مصفحة ضد الغلط ( الغلط كما يتصوره المجتمع )، لأنها ببساطة
فتاة تربت على احترام القيم المرضي عنها اجتماعيا.
فعن طريق تلك القيم المنعية ذات الوظيفة
القمعية تقوم الأبوية بالسيطرة على فئات واسعة من النساء وتوجيه سلوكيات الأفراد المختلفة
ظروفهم، ولكن المؤمنين بنفس القيم، نحو مزيد من التطابق والمعيارية؛ المعيارية التي
تحدد السلوك الحسن والسيئ؟.
وعن طريق هذه المعيارية تستطيع الأبوية،
كنظام وكثقافة، أن تتحكم في أكبر عدد ممكن من الأفراد دون أن تكون بحاجة للقيام برقابة
مباشرة على السلوكيات، لأن تلك الرقابة غير ممكنة واقعيا.
إن خطورة توظيف مفاهيم الجذب إلى تربة القيم
السائدة، وأبرزها مفهوم الثقة بالمعنى المحدد وبالوظيفة المحددة له، تكمن في القدرة
الرهيبة على تجريد كل نزوع تحرري، وانفلاتي من سطوة القيم، من أدواته وتحييد تلك الأدوات
التي من ضمنها، ولعل أبرزها، العلم المحصل نتيجة عملية تعليمية طويلة في ظل نظام تربوي
علماني، رغم عدم التصريح بعلمانيته غالبا.
إن ما نحصله من علم وما نتحصل عليه من شهادات،
لا يساهم في تمايزنا سلوكيا عن الفئات الأمية أو ذات المستوى التعليمي المتدني إلا
بشكل طفيف وسطحي لا يمس الجوهر، أي لا ينفلت من سطوة القيم التي يهدينا عقلنا الذي
أناره العلم لإدراك خطلها. ولكن، ونتيجة لعمق تجدر القيم الأبوية فينا، نعجز عن تجاوزها
عبر سلوكياتنا، رغم أننا لا نكف عن التنديد بها قولا.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ردود على "الثقة قيدا إجتماعيا"
أترك تعليقا