الخميس، مارس 21، 2013

فايسبوك إسلامي؟!

بتاريخ 8:13 م بواسطة عمار بن طوبال




يتحول الفاسبوك، وبفعل غزو الرؤى المحافظ لفضائه إلى خناق يضيق على رقاب الفيسبوكيين الذين يتعاملون معه كفضاء حر منفلت من الهيمنات الناعمة التي فرضها المجتمع وسدنته في الواقع الاجتماعي.ن فعبر الفايسبوك تحاسب المرأة على صورة نشرتها أو كلام علقت به، وتحاسب حتى على صمتها، فهي مطالبة هنا، تماما كما هي مطالبة في واقعها الاجتماعي بأن تقول خيرا أو تصمت؛ والخير المقصود هو ما يرضى عنه حراس المعبد القديم وأخلاقياته التي تنهار في مجال السلوكيات، لكنها ، أي الأخلاقيات القديمة،ـ تنافح من اجل الإبقاء على شرعيتها كقيم نموذجية ومعيارية نمجدها بالقول والكتابة، رغم أننا نعتدي عليها سرا عبر سلوكياتنا، لكن المجتمع وحراس قيمه، لا تهمهم الاعتداءات السرية على تلك القيم بمقدار ما يهمهم ويستنفرهم التشكيك في شرعيتها أو إنكار صلاحيتها لزماننا وواقعنا من خلال جعلها موضوعا للنقاش أو تجاوز تعاليمها بقول أو بتعاليم أخرى تقدم نفسها كبديل عنها، لأن السلوك الإجتماعي الخاطيء في تصور حراس القيم الاجتماعية يمكن التسامح معه لأنه خاطيء أي خارج عن المعيار المرضي عنه من جهة، ومن جهة أخرى، ونتيجة كونه خاطئا، فهو لا يتحول إلى نموذج لأنه لا يمارس بشكل علني، وبالتالي تبقى إمكانية التوبة عنه والرجوع إلى "جادة الصواب" قائمة. في حين أن ما يقال أو ما يكتب علنا يعبر عن فكر وعن قناعات معينة وفي حالة كون تلك القناعات متعارضة مع ما تضعه القيم الاجتماعية السائدة كنموذج للسلوك السوي والقول الخيّر، فإن ذلك التعارض يخلق تصادما احتداميا بين الرؤى السننية التي تلوذ بمعيارية الدين وبالعمق الهوياتي للقيم المجتمعية السائدة وبين الرؤى الجديدة التي تعسى لطرح أفكارها كبديل للنظام الاجتماعي الذي تنتقده وتسعى لكشف خطل مرجعياته الفكرية، ومع ان النتيجة غالبا ما تكون انتكاس ونكوص أصحاب الرؤى البديلة الذين ينهزمون امام هول وقوة الردع الاجتماعي وادواته الناعمة والحادة، إلا أن تلك الرؤى نفسها لا تنهم تماما إنما تضل مالكة للقدرة على الانبعاث من جديد مع مدافعين جدد عنها.
وبالعودة إلى الفايسبوك وما يحدث فيه من تجاذبات بين من يريدونه فضاء لنشر قيم الحرية والحداثة وبين الرؤى الأكثر محافظة في المجتمع التي تريد جعل الفيسبوك فضاء لنشر الدعوة الإسلامية والتغلب على الشيطان، ولو ظاهريا فقط، ونتيجة الغلبة العددية لحراس النوايا الذين لا يتوانون عن كيل اتهامات التفسيق والتجريح، والدعوة لأجل فايسبوك إسلامي، مع أني لم أفهم لحد الآن مالمقصود بالفايسبوك الإسلامي الذي يدعو له بعض المعتوهين، فإن التواجد هنا أصبح لا يحتمل.

1 تعليق على "فايسبوك إسلامي؟!"

أترك تعليقا

conter