الأحد، يناير 25، 2015
القتل المبرر
بتاريخ 11:51 م بواسطة عمار بن طوبال
القتل رافق الإنسان منذ هابيل وقابيل وسيرافقه إلى يوم القيامة، فقط نحن ندعي أننا نستطيع إنتاج بشر لا يقتلون من خلال التربية والتثقيف وردعية القانون، غير أن من يدعون ذلك لا ينددون بالقتل بواسطة القانون، فهو بالنسبة لهم " قتل مبرر"، مع أن فكرة "قتل مبرر" هي فكرة نسبية وخاضعة لزاوية النظر، وبالتالي تفتح المجال لكل شخص بأن يرى في قتل ما بأنه مبرر من زاوية نظره، غير أن أننا لا نتساءل حينتكون الدولة والقانون، والشريعة والدين في بعض المجتمعات سواء التي تدين بديانة سماوية أو تلك التي تتبع شرائع وضعية ووثنية، هي التي تعطي مشروعية القتل وتغطي الفعل، وتنقله من حال الجريمة إلى حال القصاص، لهذا لم نتساءل عن قتل أمريكا لآلاف الأفغان، بنفس القدر الذي تساءلنا فيه ونددنا بقتل القذافي لآلاف الليبيين.
إن فكرة القتل المبرر هي التي تعطي إسرائيل من وجهة نظر الامريكان والأوروبيين الحق في قتل الفسلطيين بالجملة، بما أن الفلسطيين يمكن أن تكون لهم القدرة على قتل إسرائيلي خلسة او جرح آخر في عملية يذهب ضحيتها المعتدون غالبا، فالحق في القتل عند القوي يتحول إلى عقيدة لا تجد من يندد بها بصوت عال وحزن صادق، في حين يتحول " القتل المبرر " حين يصدر عن ضيف إلى موضوع تنديد وإدانة، ومطالبة بوجوب القصاص من القاتل، وعند التطرف في التعبير عن الإدانة نصل إلى المطالبة بوجوب القصاص ليس من القاتل فقط إنما من عشيرته وطائفته أيضا، فالضعيف حين يدان من القوي " مالوش دية " ودمه لا يستصرخ الأرض مطالبا بالقصاص والعدل، لهذا يظل الضعيف في حالة تبرير دائم وتوكيد بأنه يدين العنف ويرفض القتل، مع أنه وأمثاله من الضعفاء يتعرضون للقتل بدرجة كبيرة ويمارسونه بدرجة أقل، لكنه يعلم أن مبرراته للقتل المبرر باهتة ومرفوضة وغير مقنعة بتاتا مقارنة بمبررات القوي التي تجد التسويق والشحن العاطفي الذي يعطيها المشروعية والمصداقية حتى لدى الضعفاء أنفسهم لهذا ونتيجة الهيمنة الإيديولوجية للقوي وتسويق أنموذجه للقتل بشكل براق وحضاري نجد أننا نرى في القتل الذي يمارس باسم القانون ويسمى حكما بالإعدام همجية حين يصدر عن دولة ضعيفة، لكننا نصمت عنه حين يصدر عن دولة قوية، وحتى حين ينفذ بطرق ذات طبيعة محلية ومسنودة بمبررات دينية أو وضعية نجد في بعضها رحمة وفي الآخر همجية، لهذا نرى في الإعدام التي تمارسه الولايات المتحدة الامريكية بواسطة صعقة الكرسي الكهربائي قتلا حضاريا في حين أن الشنق والرجم يعتبر همجية قروسطية، مع أن الميت لا يتساءل عن طريقة قتله.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ردود على "القتل المبرر"
أترك تعليقا