الأحد، يناير 25، 2015

ذهنية الجزائري

بتاريخ 11:44 م بواسطة عمار بن طوبال


الجزائري أناني بطبعه، فهلوي، يعتقد أنه غير معني بالمعايير التي تنتظم فيها المجتمعات وتحدد على أساسها سبل الارتقاء الاجتماعي أو المكانة والوضع الذي يحق لكل شخص بلوغه انطلاقا مما يملكه من مؤهلات، فالجزائري، كفرد، يعتقد أن القفازة هي المعيار الوحيد الذي يحدد المكانة التي يبلغها الأفراد، لهذا فهو غير معني كفرد بتهيئة نفسه معرفيا واجتماعيا وفق مسار معروف ومعترف به اجتماعيا ومهنيا، من أجل أن يكون له الحق في شغل وظيفة أو احتلال مكانة، أو بلوغ وضع امتيازي، مؤمنا بالحلول السحرية والسريعة التي قوامها التحايل و"المعريفة"، بمعناها الدارج، وتوظيف العلاقات التي تحمله على أكتافها لتضعه في مكان لا تؤهله إمكاناته لشغله، فهو غير معني بتاتا بالسؤال: هل يحق لي أن اشغل هذا المنصب أو احتل هاته المكانة؟. ما دام يؤمن بأن كل واحد من أفراد المجتمع لن يتردد في الحصول على ما لا حق له فيه، موظفا كل ما يستطيع من سبل وعلاقات لأجل ذلك، فالقافز هو من يكون الأسبق والأقدر على اختصار الطريق من أجل بلوغ منابع الريع التي تنزل عليه المن والسلوى وتقيه البرد والجوع، لهذا يجد الجزائري سبل نجاحه وارتقائه الاجتماعي في جو الرداءة الذي يمعن في خلق وتنمية كل الظروف التي تجعله يفرّخ ويتمدد، رغم أنه، كفرد داخل جماعة، لا يكف عن التنديد بالرداءة التي تجعل كل شيء لا يسير وفق المعايير المحددة له. رغم أن سلوك ذلك الجزائري المندد، وهو وسط الجماعة، بالرداءة، هو نفسه سلوك شديد الرداءة، وسلوك لا معياري؛ لا يعترف سوى بالمعايير التي يضعها لنفسه والتي تعطيه كل مبررات التحايل والقفز على معايير الآخرين. فنحن كمجموعة بشرية لم نصل بعد لخلق ثقافة العمل الجماعي والإقرار بالتراتبية الاجتماعية ، التي تجعل من المؤهلات المعلنة والمعترف بها اجتماعيا وقانونيا، هي المعيار الأساسي للارتقاء الاجتماعي، وليس المؤهلات المستشعرة ذاتيا، ولا طرق الدخول من النافذة التي يتقنها الجزائريون بشكل مدهش.
ولأننا، كجزائريين، لا نقر بالتراتبية، وبالتالي بأحقية أهل الاختصاص في القول والفعل في مواضع اختصاصهم، فالجزائري مستعد لإبداء رأي والدفاع عنه باستماتة حتى في موضوع تطور الهندسة النووية، لهذا تسخر الصحافة الرياضية من الـ 40 مليون مدرب، أي من الشعب الجزائري الذي يعتقد كل فرد من أفراده بأنه الأعلم بكرة القدم، كما يسخر كل فرد من آراء الآخرين معتقد أنه رأيه هو الصواب، وهذه العقلية خلقت لنا إنسان جزائري لا يمكن إقناعه لأنه يعتقد أنه فاهم دون أن تكون له مؤهلات الفهم العلمية والمعرفية، فالجزائريون في معظمهم يؤمنون بمقولة: " أعطيني فاهم الله لا قرى "، كما يردد أولئك الفاشلون دراسيا بشكل رتيب ومتكرر مقطع من أغنية الشيخ العنقى: " ما قريتش فليكول قراني الجوع والحفى "، هذا الموقف من المعرفة والخبرة هو ما يجعل أي جزائري ذو مستوى تعليمي بسيط يناقش دكثورا في تخصصه دون أن يشعر بأنه يتجاوز حدود إمكانياته ومعارفه، فمعارف الجزائري وآراؤه هي ما يعتقد أنها كذلك، أي مجموع التصورات البسيطة عن الحياة والعالم المستنبطة من ثقافة سمعية فقيرة وبسيطة بدورها، لكنها تصورات، وبسبب نفسية الجزائري المتصلبة وذهنيته المنغلقة، تتحول إلى دوغما ويقينيات لا تتزعزع، دون الحاجة إلى البرهنة عليها، فيكفي أنه يؤمن بها ويراها كذلك حتى تكون هي الصواب عينه والحقيقة ذاتها، وهذا التصلب في المواقف والإنغلاق في الرأي هو ما يجعل حوراتنا كجزائريين غالبا ما تتسم بالحدة والرفض المتبادل والمسبق بين أطراف الحوار الذين يتحول الحوار بينهم إلى حوار طرشان، وحتى عندما يستمع أحدنا للآخر غالبا مالا يقتنع بآراءه مهما كانت منطقية وسديدة.


ردود على "ذهنية الجزائري"

أترك تعليقا

conter