الأحد، يناير 25، 2015

عن العيب

بتاريخ 11:46 م بواسطة عمار بن طوبال



العيب هو إتيانك فعل يؤدي إنكشافه إلى شعورك بإحراج، خزي، ندم ... فالعيب كمفهوم يتحدد إنطلاقا من ثنائية الستر والانكشاف من جهة، ومن جهة ثانية يتحدد إنطلاقا من فكرة "اللايجوز" التي تتعين بدورها من خلال الممنوع ( قانونا) والمرفوض ( اجتماعيا ) والمحضور والمحرم (دينيا)، ونظرا لتعقد مفهوم العيب وارتباطه بالهيبة والمكانة الشخصية للفرد في نظر الجماعة أكثر من ارتباطه بالكرامة التي هي شعور نفسي صميم غالبا ما لا يطلع الآخرون على هدرها أو الاعتزاز بها، فإن الإحساس النفسي اتجاه الإتيان بما يصنف عيبا يختلف عن الشعور النفسي عند إتيان ما لا يجوز سواء كان دينيا أم قانونيا أم مجرد فعل اجتماعي مرفوض عرفا، لهذا لا يرتبط خرق القانون بالشعور بالذنب الذي يعقب إتيان الحرام لدى البعض، كما أن الخروج عن العرف الإجتماعي لا يستلزم الشعور بالخزي خاصة حين يرتبط بخرق العادات والتقاليد التي تتسم بكونها مكبلة لانطلاقة الأفراد المتطلعين، فيصير تجاوزها ورفض مقتضياتها السلوكية باعثا لنوع من الشعور المزهو بالتحرر، وهذا الشعور غالبا ما يفتقد، كما يفتقد الشعور بالذنب بنفس القدر، حين يتم اقتراف ما يصنف على أنه عيب، رغم كون العيب يستعير مجالاته التي تتسع وتضيق بحسب الجماعة المنتجة له، من العرف والدين بنسبة كبيرة، في حين يتم تجاوز، وبنسبة كبيرة، القانون كمحدد للمقبول والمرفوض في المجتمع على اعتبار أن القانون هو موقف وصنيعة الدولة اتجاه ما يجب على الأفراد تجنب فعله وما يحق لهم إتيانه من سلوكات وتصرفات، وبما أن العيب هو صنيعة المجتمع والمعبر عن توجهاته الأخلاقية وتغيرات القيم ضمنه، وهو لا يأبه بالممنوع قانونا، أي أنه لا يأخذ بما تراه الدولة كإطار تنظيمي للمجتمع، فهو يتبلور نتيجة ميل الجماعة، من خلال أفرادها المنذورين لحراسة القيم القديمة والمساهمين في إعطاء مشروعية الوجود للقيم الجديدة وهم غالبا كبار السن من النساء والرجال، إلى إنتاج معايير معلومة من طرف الأفراد المنتسبين للجماعة تحدد المقبول والمرفوض من السلوكيات والأقوال، كما تحدد مواضع القبول ومواضع الرفض لنفس السلوك أو القول. 
وبالعودة إلى المحدد الشكلي لماهية العيب؛ أي ثنائية الستر والانكشاف نلحظ أن المجتمع يحث على الستر أكثر من حثه على عدم إتيان الفعل، لهذا ترتبط السمعة والتي هي غالبا ذات صلة وثيقة بإتيان العيب سلوكا بدرجة أولى، وقولا بدرجة أقل، بالمعلوم من تلك السلوكات والأقوال، وليس بما تم إتيانه من تلك السلوكيات والأقوال فعلا، لهذا لا يأبه المجتمع بالعيب الممارس سرا، مما يجعل ميل الأفراد متجها إلى اعتبار الحرام عيبا، بما أن الحرام هو مكون أساسي من مكونات العيب، وهذا ما يسهل عليهم اقترافه ( أي الحرام ) دون شعور كبير بالذنب، على أساس أن المحاسب على الحرام هو الله الذي لا يغفل ولا يغض الطرف، في حين أن المحاسب على العيب هو المجتمع الذي يغض الطرف عن العيب إذا لم ينكشف للعلن.

ردود على "عن العيب"

أترك تعليقا

conter