الجمعة، يناير 30، 2015

إستعادة المدينة والانتقام منها

بتاريخ 12:07 ص بواسطة عمار بن طوبال


عمر قاتلاتو الرجلة فيلم فارق في تاريخ السينما الجزائرية لأنه حمل رؤيا انتقادية لسياسية الدولة التي فتحت المدن التي خلفها الأوروبيون أمام البدو وسكان الأرياف الذين حملوا قيمهم وثقافتهم للمدينة مشوهين تلك القيم التي حاولت التأقلم مع المدينة من جهة ومشوهين المدينة نفسها حين حاولوا إخضاعها لقيمهم، وهذا ما خلق وضعا متأزما ومستمر التأزم لحد الآن، حيث أننا نعيش في مدن بقيم ريفية، وقيم الريف هي قيم معادية لمعنى مديني صميم متمثل في المجال العام الذي هو ملكية مشتركة في أصل نشأته، لكنه وفي الحالة الجزائرية، ومثلها حالة الكثير من المدن العربية التي تمت استعادتها وطنيا برغبة ملحاحة في الانتقام من تاريخها الاستعماري ( الجزائر، القاهرة، الدار البيضاء )، تحول تحت ضغط تلك القيم الوافدة من فضاءات ريفية وبدوية إلى فضاء هجين ينوس بين الانفتاح والقدرة على استقبال كل جديد، وبين الانغلاق الذي يتهدده من طرف قيم المحافظة التي سعت وتسعى إلى خوصصته أخلاقيا عبر تصرفات معاديا لروحه كفضاء جامع، حيث السترة والعين الحارسة للجماعة التي تقمع الخروج عن القيم الأخلاقية، أو ما تتصورها كذلك عبر مراقبة السلوكيات بدافع أخلاقي ونشر ثقافة العيب القائمة على النواهي والأوامر. كل هذه الممارسات همشت ثقافة المدينة لصالح سلوكيات تدعي حراسة النبيل من القيم وتدافع عنها بيقين لا يقتصد في إيجاد المبررات الكافية لسلوكياته تلك، مما أعطى تلك الممارسات مشروعية بمرور الوقت، ومن ثمة صار مشروعا، بحكم الغلبة والعادة، وجود الثقافة والقيم البدوية داخل الفضاء المديني، مما شكل تشويها كبيرا في وجه وروح المدينة كثقافة وكسلوك وكقيم.

ردود على "إستعادة المدينة والانتقام منها"

أترك تعليقا

conter