تتسم المجتمعات المسلمة عموما بذهنية محافظة، ذات بنية ثقافية أبوية تمجد قيم العائلة وما يتصل بها من قيم فرعية تكون علاقة الرجل والمرأة مجالا لبروزها واشتغالها بشكل يخدم التصور الأبوي لطبيعة تلك العلاقة التي تموضع المرأة في وضع حرج يحملها مسؤولية حمل شرف العائلة، بشكل يجعل حريتها مرهونة بتلك المسؤولية التي لا تتدخل المرأة في تحديد تبعاتها، إنما يفعل المجتمع الذكوري ذلك.
غير أن التحديث المتسارع الذي مس البنى التقلدية في المجتمعات المسلمة خلال القرن الأخير قد ساهم في تهشيم الكثير من القواعد الناظمة لعلاقة الرجال بالنساء، حيث إقتحام النساء المتزايد لمجال التعليم والعمل وحصول الكثير من النساء على استقلال اقتصادي مكنهن من تخفيف الضغط العائلي عليهن، قد خلق أزمة قيم، وهي أزمة تصور لا يلتقي بسلوكه في الواقع، حيث لا يزال الوعي الذكوري يستبطن تصورات ماضوية عن المرأة؛ تصورات تصادر حريتها في التصرف في جسدها، وتنمطها في صور نموذجية: الأم، الأخت، الزوجة ... أي تصورات تجعلها كائنا ملحقا بالذكر بالضرورة وتابعا له بشكل كامل. وهذا التصور لا يصمد أمام تغيرات الواقع التي تخبر عن تحرر متزايد للمرأة وعن افتكاكها لمساحات تصرف لم تكن متاحة أمامها في الماضي القريب. هذا الاستقلال الأنثوي انعكس على شعور المرأة بحرية اتجاه ذاتها وجسدها الذي صارت ترى أن من حقها التصرف فيه وفق ما تحب وترغب لا وفق ما يقره المجتمع من طرق ووسائل التشارك الجسدي بين الرجال والنساء، إنما وفق ما يتيحه لها واقعها الجديد من حرية.
هذا واقع زعزع الكثير من المفاهيم القديمة المتصلة بالمرأة كمفهوم بنت الفاميلية الذي تسعى الذهنية المحافظة لململته وأسطرته على المستوى الخطابي واللفظي على الأقل، بعد أن انفلت من التأطير واقعيا بامتلاك النساء تدريجيتا لجرأة اقامة علاقات عميقة ومتعددة خارج مؤسسة الزواج مستغلين ما يوفره الطب من أمكانية استعادة العذرية، بشكل وضع التصور الرجالي عن بنت الفاميلية في مأزق بين مثال مرتجى وواقع لا يجود بذلك المثال إلا نادرا، فالرجل مأزوم الرجولة يبحث عن بنت الفاميلية بحسب ما يتصورها إثباتا لرجولته المأزومة والمهزوزة، وهو إن لم يجد هذه البنت فاميليا اختلقها أو اقنع نفسه بأن من اختارها هي كذلك، رغم أننا كرجال نعلم أننا نغض الطرف إكراما لأمانينا وإرضاء لغرورنا، مع أننا، في الحالات السوية غير مطالبين بغض الطرف عما نعتبره خروج عن النموذج والمثال المرتجى من طرف الذات لا من طرف المجتمع، فالاصل ان نتقبل الحرية الشخصية لنا ولشريكاتنا سواء كن حبيبات أو صديقات أو زوجات.
فالرجل يريد ويتمنى امرأة يكون هو رجلها الأولى ويدرك بينه وبين نفسه أن ذلك مستحيل في الوقت الحاضر، لكن المراة ( الأم، الأخت، الحبيبة، الزوجة ...) تدفعه للتمسك بذلك الوهم، لأنها تهينه وتنظر إليه بارتياب اذا ما هو صارحها بأنه غير مهتم بالماضي الجنسي لمن تكون شريكة حياته باعتباره ماضيها لوحدها، والحياة المشتركة تبدأ من لحظة بداية علاقتهما، فهي تدفعه ليتوجها بنت فاميليا بداية من الكذبة الاسطورية التي ترد بها كل النساء حين يسألن السؤال التاريخي: هل عرفت رجلا من قبل، فترد بلا وفي الغالب نعم ولكن معرفة سطحية او هاتف او اعجاب لا غير، أي انها تبدأ علاقتها بكذبة يعلم هو انها لكاذبة وتعلم هي أنه غير مصدق لما تقول لكنهما يدخلان في حالة توطؤ غير معلن على الكذب اكراما للنموذج المرتجى وهو بنت الفاميليا، فهي تريد ان تكون كذلك حتى وان لم تكن فعلا تتصف بالصفات المطلوبة في بنت الفاميليا. فالمرأة مهما بلغ تمردها أو تحررها الاجتماعي الذي يرفقه بالضرورة تحرر من نمط العلاقات المحافظة والتقليدية وبالتالي شعور بحرية امتلاك الجسد وحرية التصرف فيه ومشاركته مع من ترغب وتحب، لا تزال تريد ان تكون " بنت فاميلية " لأن هذه الصفة هي رأس مال رمزي توظفه في صراعها ضد الاخرين: عائلته، خليلاته المحتملات، وحتى عائلتها بشكل من الاشكال، أي انها صفة ونتيجة هيمنة الذهنيات المحافظة على المجتمع ككل، تموضها في وضع أكثر اريحية وثبات في بيت الزوجية، والرجل، الذي كلما تقدم في العمر كلما ازداد ميلا نحو تبني القيم المحافظة خاصة ما يتعلق منها بقيم العائلة التي على رأسها الشرف والإلتزام يهمه أن تتصف زوجته بهذه الصفة كرأس مال رمزي أيضا لأن زوجته هي شرفه، وسمعتها هي تاج فوق رأسه أو أشواك يسير عليها، فيجتهد في خلق الصورة النمطية لزوجته المستقبلية منذ اللحظة التي يقرر أنها ستكون زوجته، فيعاملها باحترام ويتحدث عنها بحشمة ووقار، رغم أنه قد كان يتحدث عنها وهي حبيبته او صديقته بعبارات ماجنة وبفخر بما فعل معها، لكنه حين يقررأنها ستكون له زوجة يغير ملفوظاته عنها، مجتهدا قدر استطاعته في تسويق صورة بنت الفاميليا عنها، وهذه الصورة الموثثة تفاصيلها بعناية تكاد تضاهي في دقتها وتفاصيلها واستراتجياتها طريقة صناعة النجوم والشخصيات السياسية المرشحة للعب أدوار مهمة وشغل مناصب رفيعة، وتسويق تلك الصورة يبدأ في محيطه العائلي أولا ومحيط المعارف والجيران، أي في المحيط الجغرافي الذي يشمل كل من يمكن ان تشكل ألسنة السوء لديهم تعكيرا لصوف حياته وخدشا لكرامته في حالة ما اذا كانت زوجته غير متصفة بصفات بنت الفاميليا.
إن بنت الفاميليا هي أسطورة مطلوبة من الرجل والمرأة وهي أسطورة يخلقها الرجل أكثر مما تخلقها المرأة نفسها.
غير أن التحديث المتسارع الذي مس البنى التقلدية في المجتمعات المسلمة خلال القرن الأخير قد ساهم في تهشيم الكثير من القواعد الناظمة لعلاقة الرجال بالنساء، حيث إقتحام النساء المتزايد لمجال التعليم والعمل وحصول الكثير من النساء على استقلال اقتصادي مكنهن من تخفيف الضغط العائلي عليهن، قد خلق أزمة قيم، وهي أزمة تصور لا يلتقي بسلوكه في الواقع، حيث لا يزال الوعي الذكوري يستبطن تصورات ماضوية عن المرأة؛ تصورات تصادر حريتها في التصرف في جسدها، وتنمطها في صور نموذجية: الأم، الأخت، الزوجة ... أي تصورات تجعلها كائنا ملحقا بالذكر بالضرورة وتابعا له بشكل كامل. وهذا التصور لا يصمد أمام تغيرات الواقع التي تخبر عن تحرر متزايد للمرأة وعن افتكاكها لمساحات تصرف لم تكن متاحة أمامها في الماضي القريب. هذا الاستقلال الأنثوي انعكس على شعور المرأة بحرية اتجاه ذاتها وجسدها الذي صارت ترى أن من حقها التصرف فيه وفق ما تحب وترغب لا وفق ما يقره المجتمع من طرق ووسائل التشارك الجسدي بين الرجال والنساء، إنما وفق ما يتيحه لها واقعها الجديد من حرية.
هذا واقع زعزع الكثير من المفاهيم القديمة المتصلة بالمرأة كمفهوم بنت الفاميلية الذي تسعى الذهنية المحافظة لململته وأسطرته على المستوى الخطابي واللفظي على الأقل، بعد أن انفلت من التأطير واقعيا بامتلاك النساء تدريجيتا لجرأة اقامة علاقات عميقة ومتعددة خارج مؤسسة الزواج مستغلين ما يوفره الطب من أمكانية استعادة العذرية، بشكل وضع التصور الرجالي عن بنت الفاميلية في مأزق بين مثال مرتجى وواقع لا يجود بذلك المثال إلا نادرا، فالرجل مأزوم الرجولة يبحث عن بنت الفاميلية بحسب ما يتصورها إثباتا لرجولته المأزومة والمهزوزة، وهو إن لم يجد هذه البنت فاميليا اختلقها أو اقنع نفسه بأن من اختارها هي كذلك، رغم أننا كرجال نعلم أننا نغض الطرف إكراما لأمانينا وإرضاء لغرورنا، مع أننا، في الحالات السوية غير مطالبين بغض الطرف عما نعتبره خروج عن النموذج والمثال المرتجى من طرف الذات لا من طرف المجتمع، فالاصل ان نتقبل الحرية الشخصية لنا ولشريكاتنا سواء كن حبيبات أو صديقات أو زوجات.
فالرجل يريد ويتمنى امرأة يكون هو رجلها الأولى ويدرك بينه وبين نفسه أن ذلك مستحيل في الوقت الحاضر، لكن المراة ( الأم، الأخت، الحبيبة، الزوجة ...) تدفعه للتمسك بذلك الوهم، لأنها تهينه وتنظر إليه بارتياب اذا ما هو صارحها بأنه غير مهتم بالماضي الجنسي لمن تكون شريكة حياته باعتباره ماضيها لوحدها، والحياة المشتركة تبدأ من لحظة بداية علاقتهما، فهي تدفعه ليتوجها بنت فاميليا بداية من الكذبة الاسطورية التي ترد بها كل النساء حين يسألن السؤال التاريخي: هل عرفت رجلا من قبل، فترد بلا وفي الغالب نعم ولكن معرفة سطحية او هاتف او اعجاب لا غير، أي انها تبدأ علاقتها بكذبة يعلم هو انها لكاذبة وتعلم هي أنه غير مصدق لما تقول لكنهما يدخلان في حالة توطؤ غير معلن على الكذب اكراما للنموذج المرتجى وهو بنت الفاميليا، فهي تريد ان تكون كذلك حتى وان لم تكن فعلا تتصف بالصفات المطلوبة في بنت الفاميليا. فالمرأة مهما بلغ تمردها أو تحررها الاجتماعي الذي يرفقه بالضرورة تحرر من نمط العلاقات المحافظة والتقليدية وبالتالي شعور بحرية امتلاك الجسد وحرية التصرف فيه ومشاركته مع من ترغب وتحب، لا تزال تريد ان تكون " بنت فاميلية " لأن هذه الصفة هي رأس مال رمزي توظفه في صراعها ضد الاخرين: عائلته، خليلاته المحتملات، وحتى عائلتها بشكل من الاشكال، أي انها صفة ونتيجة هيمنة الذهنيات المحافظة على المجتمع ككل، تموضها في وضع أكثر اريحية وثبات في بيت الزوجية، والرجل، الذي كلما تقدم في العمر كلما ازداد ميلا نحو تبني القيم المحافظة خاصة ما يتعلق منها بقيم العائلة التي على رأسها الشرف والإلتزام يهمه أن تتصف زوجته بهذه الصفة كرأس مال رمزي أيضا لأن زوجته هي شرفه، وسمعتها هي تاج فوق رأسه أو أشواك يسير عليها، فيجتهد في خلق الصورة النمطية لزوجته المستقبلية منذ اللحظة التي يقرر أنها ستكون زوجته، فيعاملها باحترام ويتحدث عنها بحشمة ووقار، رغم أنه قد كان يتحدث عنها وهي حبيبته او صديقته بعبارات ماجنة وبفخر بما فعل معها، لكنه حين يقررأنها ستكون له زوجة يغير ملفوظاته عنها، مجتهدا قدر استطاعته في تسويق صورة بنت الفاميليا عنها، وهذه الصورة الموثثة تفاصيلها بعناية تكاد تضاهي في دقتها وتفاصيلها واستراتجياتها طريقة صناعة النجوم والشخصيات السياسية المرشحة للعب أدوار مهمة وشغل مناصب رفيعة، وتسويق تلك الصورة يبدأ في محيطه العائلي أولا ومحيط المعارف والجيران، أي في المحيط الجغرافي الذي يشمل كل من يمكن ان تشكل ألسنة السوء لديهم تعكيرا لصوف حياته وخدشا لكرامته في حالة ما اذا كانت زوجته غير متصفة بصفات بنت الفاميليا.
إن بنت الفاميليا هي أسطورة مطلوبة من الرجل والمرأة وهي أسطورة يخلقها الرجل أكثر مما تخلقها المرأة نفسها.