السبت، سبتمبر 11، 2010
الرواية الجزائرية المعاصرة، محاولة تحديد منهجي
لماذا نفرد دراسة حول الرواية الجزائرية المعاصرة، وما هي مميزات هذه الرواية التي تجعلها متميزة عن المتن الروائي الجزائري الحديث؟
ثم ما هي المحددات المنهجية التي تجعلنا ندرج نصا روائيا معينا من النصوص الروائية الجزائرية ضمن الرواية المعاصرة؟
هل نكتفي بالمحدد الزمني وحده، أم أن لهذه الروايات خصائص شكلية ومضمونية متفردة عن مجموع النصوص الرواية الجزائرية؟
هي رواية حديثة، فإن الحديث عن الرواية المعاصرة يحمل الكثير من الالتباس من الناحية المنهجية، في حالة ما إذا أخذنا بالمحدد الزمني لوحده؛ بالإضافة إلى صعوبة إن لم نقل استحالة تحديد تاريخ معين نطمئن إليه منهجيا للفص
ما نشير إليه بداية هو أن الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية هي رواية حديثة النشأة، إذ لا يتجاوز عمرها النصف قرن، ذلك إذا سلمنا بالافتراض القائل بأن أول نص روائي جزائري مكتوب بالعربية ويحمل كل المواصفات الفنية المتعارف عليها تقديا هو رواية ريح الجنوب لعبد الحميد بن هدوقة التي صدرت سنة1971.
وانطلاقا من هذه المقولة التي صارت تحمل صفة المسلمة نتيجة لا جدية النقد واطمئنانه للمقولة السائدة دون البحث عن ما يزحزحها ويفككها لإعادة تأسيس مقولات أخرى أكثر اقترابا من الحقيقة، انطلاقا من هذه المسلمة لا يمكننا بأي حال من الأحوال الحديث عن نصوص كلاسيكية في الرواية الجزائرية .
ونظرا لما سبق، ولأن الرواية الجزائرية
ل بين الرواية المعاصرة وباقي المتن الروائي الجزائري الحديث.
وهذه الصعوبات تتمثل فيما يلي:
1- التداخل الجيلي:
والمقصود بالتداخل الجيلي هو استمرار الكتابة الروائية بالنسبة لروائيي الجيل السبعيني، وتداخلها مع الكتابة الروائية للجيل التسعيني ( جيل الأدباء الشباب ) ؛ فالرواية الجزائرية حين ننظر إليها بمنظور الأجيال الأدبية نجدها تنقسم فقط لجيلين هما جيل السبعينات ( جيل الرواد والآباء المؤسسين ) وجيل التسعينات
( جيل الأدباء الشباب)، حيث نلاحظ فروق بين هذين الجيلين في النظر للكتابة الروائية وفي طبيعة المواضيع المطروحة روائيا؛ على اعتبار أن فترة الثمانينات هي فترة فراغ رغم النصوص الروائية الكثيرة التي صدرت في هذه العشرية، فترة فراغ لأنها كانت استمرار بشكل من الأشكال لفترة التسعينات على المستوى الفني وعلى مستوى المشاريع الإيديولوجية التي انخرط فيها الروائيون الجزائريون، فقد ظلت نفس الأسماء من جيل الرواد ( وطار ، بن هدوقة، مرتاض...) هي الحاضرة وبقوة، وحتى الأسماء المهمة التي بدأت تنشر أعمالها الأولى في عشرية الثمانينات ( واسيني الأعرج، أمين الزاوي..) لم تأتي – في تلك الفترة – بجديد على مستوى الرؤية الفنية، وإن كانت قد استطاعت المضي بالشكل الروائي إلى فضاءات أرحب عن طريق التجريب والانفتاح أكثر على التجارب الروائية العربية والغربية.
إن روائيي الجيل السبعيني مازالوا حاضرين – من خلال انتجاتهم – في الوقت نفسه الذي دخلت فيه الساحة الروائية أسماء جديدة تحاول طرق مواضيع جديدة وبأساليب مغايرة في الكتابة تمثل الجيل الجديد من روائيي التسعينيات ( الأدباء الشباب)، وهذا ما نقصده بالتداخل الجيلي.
2 – غياب النقد:
إن النقد الأدبي في الجزائر يظل شبه غائب عن الساحة الأدبية، ومن ثم فهو عاجز بصفة كبيرة عن مسايرة التطورات الحاصلة في الحقل الروائي الجزائري، وهو – أي النقد الأدبي – في حالات حضوره القليلة لا يقوم في واقع الأمر سوى بمهمتين أساسيتين:
- اجترار الآراء النقدية في قالب نظري محض لا يجيد تطبيق مقولاته النظرية على المتن الروائي الجزائري إلا نادرا، وهو حين يفعل ذلك يظل تركيزه على أسماء معروفة ومعينة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة ( الطاهر وطار، واسيني الأعرج، رشيد بوجدرة )، رغم وجود العديد من التجارب الروائية الأخرى الجديرة بالدراسة.
- التركيز على تجارب روائية فردية دون وضعها في السياق العام لتطور وصيرورة الرواية الجزائرية بشكل عام.
وهذا الوضع يضع أي باحث في هذا الموضوع أمام فقر معرفي يكون عائقا كبيرا أمام إتمام بحثه.
إن حديثنا عن النقد مركز أساسا على النقد الأكاديمي الذي أعطى فرصة – بسبب غيابه – للنقد الصحفي الانطباعي الذي يقتصر على الأخبار في الغالب دون تحليل، وحتى حين يحاول الكاتب الصحفي تحليل نص روائي ما فهو يفعل ذلك من منطلق شخصي لا من منطلق أكاديمي يستند لإطار نظري معين يعطي تحليله مشروعية معرفية.
إذن، فقد ظل النقد الأدبي الأكاديمي المتخصص عاجزا بنسبة كبيرة عن مسايرة التطورات الحاصلة في الحقل الروائي الجزائري باستثناء بعض الدراسات الأكاديمية القليلة التي حاولت تناول الرواية الجزائرية بنوع من الشمولية مع التركيز على مواضيع معينة دون غيرها ومن ضمن هذه الأعمال القليلة نذكر:
- واسيني الأعرج:
1- اتجاهات الرواية العربية في الجزائر، الجزائر 1987
2- الطاهر وطار تجربة الكتابة الواقعية، الجزائر 1989
- مخلوف عامر:
1- مظاهر التجديد في القصة القصيرة بالجزائر ( صدر بدمشق سنة 1998 )
2- الرواية والتحولات في الجزائر ( صدر بدمشق سنة 200 )
3- توظيف التراث في الرواية الجزائرية ( صدر سنة 2005 )
- عبد الحميد بورايو:
1- القصص الشعبي في منطقة بسكرة (دراسة 1986م).
2- الحكاية الخرافية في المغرب العربي (دراسة 1992م)
3- منطق السرد (دراسة 1994م)
4- دراسة في القصة الجزائرية الحديثة (1998م)
5- البطل الملحمي والبطلة الضحية في الأدب الشفوي الجزائري (دراسة 1998م)
بالإضافة إلى كتابات كل من آمنة بلعلي، السعيد بوطاجين، علال سنقوقة، محمد داود، جعفر يابوش...الخ.
هذا الوضع الرديء للنقد الأدبي جعل الكثير من النصوص الروائية الجزائرية غير مدروسة نقديا، ونحن نعلم مقدار أهمية النقد في إضاءة النصوص الروائية، وكذا الدور الكبير الذي يلعبه النقد في التعريف بالنصوص الجيدة والكشف – عن طريق وسائله المنهجية – عن السياقات السوسيوابداعية التي أنتجت هذه النصوص.
ومن هنا فإن غياب النقد الأكاديمي وتأخره مقارنة مع تطورات الحقل الروائي الجزائري، تؤثر تأثيرا شديدا على هذا الأخير الذي يظل مهمشا إن لم تكن هناك ممارسة نقدية موازية.
إن التداخل الجيلي بين الروائيين الجزائريين، وكذا غياب النقد الروائي وتأخره عن مسايرة التطورات الحاصلة في الحقل الروائي الجزائري، يضعنا أمام مأزق منهجي ونحن نحاول وضع محددات موضوعية نستطيع انطلاقا منها حصر النتاج الروائي المندرج ضمن الرواية الجزائرية المعاصرة.
مما قد لا يقع فيه كبير اختلاف هو أن النصوص الروائية لجيل التسعينات تندرج ضمن الرواية الجزائرية المعاصرة، هذا الجيل الذي سميناه أيضا جيل الأدباء الشباب والذي دخل مجال النشر في أواخر عشرية التسعينات، ويمكن تحديد تاريخ ولادة هذا الجيل بسنة 1998 وهي السنة التي شهدت صدور روايتين لاثنين من أبرز ممثلي هذا الجيل هما بشير مفتي وحميد عبد القادر، وأما الروايتين فهما " المراسيم والجنائز" لبشير مفتي الصادرة عن منشورات الاختلاف و" الانزلاق " لحميد عبد القادر الصادرة عن دار الشهاب.
من الناحية التاريخية نستطيع القول إن ولادة جيل الأدباء الشباب كانت سنة 1998 حيث توالت بعدها عملية النشر في مجال الرواية للكثير من الأدباء الذين ينشرون أعمالهم الأولى والتي في معظمها تتميز ببعض الخصائص المشتركة، فهذه السنة بالإضافة لكونها سنة صدور الروايتين المذكورتين إلا أنها أيضا كانت بداية لانبعاث الحقل الروائي من جديد وبنفس جديد أيضا، حيث كان الحقل الروائي الجزائر طيلة عشرية التسعينات تقريبا يعاني من ركود وغياب شبه تام لأي نص روائي جديد نظرا للظروف الصعبة التي مرت بها الجزائر والتي جعلت الكثير من المثقفين يركنون لصمت رهيب وعدم قدرة على فهم ما جرى ويجري في بلاد تنهار فيها كل الأحلام والأماني دفعة واحدة أمام همجية الإرهاب، فقد اغتالت يد الإرهاب الكثير من المثقفين وهجر الكثير منهم أيضا نحو الخارج، أما الذين بقوا بالجزائر فقد غرقوا في بحر من الصمت أمام هول المأساة الوطنية، أما من الناحية الفنية فيمكن ذكر رواية "ذاكرة الجنون والانتحار" لحميدة العياشي الصادرة سنة 1986 عن دار لافوميك، كارهاص بتطليق الرواية الجزائرية للشواغل الإيديولوجية التي سيطرت عليها طوال فترة السبعينات والثمانينات، رغم أن العشرية التي تلت صدور هذه الرواية كانت عشرية صمت نتيجة الظروف الصعبة التي مر بها المجتمع الجزائري، مما أخر تبلور النهج الجديد للرواية الجزائرية إلى غاية سنة 1998، التي نتخذها في هذه الدراسة كتاريخ ميلاد الرواية الجديدة في الجزائر، رواية جيل الأدباء الشباب، هذا الجيل الذي لم يفتح عينيه على وهج الاستقلال ولا عاش تلك اليوتوبيات الاشتراكية التي صاغت التوجهات الإيديولوجية للرواية الجزائرية منذ لحظة الميلاد الأولى على يد جيل الرواد ( بن هدوقة، وطار )، إنه جيل لم ينخرط عبر الكتابة الرواية في خطابات الجماعة المشتركة، لأنه ولد ( أدبيا ) في مرحلة تحول وانكسار لأوهام وأحلام السابق، وتخلخل كل تلك الشعارات التي غذت نتاجات الجيل السابق.
وهذا الواقع السوسيولوجي المغاير هو الذي أنتج رواية مغايرة نستطيع أن نتناولها كرواية ضد الرواية السبعينية، وكنصوص تمارس قطيعة حادة مع نصوص الآباء المؤسسين للرواية الجزائرية من الناحية الجمالية والفنية ومن ناحية الرؤى الإيديولوجية التي تتبناها هذه الرواية.
8 تعليق على "الرواية الجزائرية المعاصرة، محاولة تحديد منهجي"
مشكووور
شكرا جزيلا على الجهدج المبدول من طرفكم
شكرااااااا جازاكم الله خيرااا
www.youtube.com/boutaflika1pd
http://aljazairi.ahlamontada.net/t526-topic#1072
http://difaf.forumactif.org/t3661-topic#6013
شكرا على المعلومة القيمة أفادتني كثيرا .
شكرا جزيلا على هذه المعلومات المفيدة و لكن أعطني مثالا عن الرواية الجزائرية المعاصرة (اسم مؤلف+عنوان الروايةà و ألف شكر
شكرا جزيلا على هذه المعلومات المفيدة و لكن أعطني مثالا عن الرواية الجزائرية المعاصرة (اسم مؤلف+عنوان الروايةà و ألف شكر
أترك تعليقا