
الاثنين، ديسمبر 14، 2015
التنافر والانسجام

أرسلت في 11:18 م
الجمعة، نوفمبر 27، 2015
مصطلحات جزائرية: الزوفري
يقول المثل: ما يتهنى الزوفري من همو حتى يلقى البايرة اللي تلمو.
فالزوفري في المخيال لجمعي شخص منذور للبؤس والشقاء، وأقصى ما يمكن أن يحصل عليه من نعم ومتع الدنيا هو بايرة تمنحه بعض الدفء وبعض الأولاد الذين غالبا ما سيتبعون مسار أبيهم ويتشربون معاناته ويتوارثونها. كان ذلك المصير هو المسلك المتوقع والسائد الذي عاشت في ظل إكراهاته أجيال من الزوافرة منذ بدايات تشكل الظاهرة في الجزائر بعد 1870.
أصل الكلمة مأخوذ عن كلمة "ouvrier" الفرنسية التي تعني العامل، ولكنها بشكل أكثر تحديدا العامل اليدوي الذي يبادل عرقه وجهده بقوت يومه، لهذا ارتبطت في المخيال الشعبي بالأعمال الأكثر شقاء وتدنيا في سلم التراتبية الاجتماعية (الحمالون في الموانيء، العمال الزراعيين في مزارع الكولون، ولاحقا العمال المهاجرون في فرنسا والذين كانوا يشتغلون في المصانع والمنشآت التي تتطلب جهدا مضنيا في مقابل حصولهم على رواتب جد متدنية). تحول كلمة ouvrier إلى زوفري ارتبط بتحول في معناها أيضا، فقد صارت تعني على الأرجح الصعلوك، وفي بداية تفكيك البنى التقليدية للمجتمع الجزائري بعد 1871 كان الصعلوك هو كل خارج عن قبيلته، سواء مطرودا كعقوبة على ارتكاب جريمة أو جناية لا تغتفر، وهذا هو الغالب، أو فارا بسبب رفضه التأقلم مع نظام القبيلة الذي يقيد الحرية الفردية لأبعد الحدود. فالكلمة " استعملت من طرف عامة الناس لتشير إلى أولئك الأفراد الذين يغادرون قبائلهم في اتجاه مزارع المعمرين للعمل كأجراء، وهذا الطلاق بين الفرد وقبيلته والعيش بدون أسرة، جعلت نظرة القبيلة نحو هذا الفرد تتحول إلى نظرة سلبية وتحول معها مصطلخ "ouvrier " إلى " زوفري"، بمعنى الصعلوك أو المتسكع الذي خرج عن العادات والتقاليد وأخلاق القبيلة وأصبح يعيش حياة مختلفة عن تلك التي ترعرع فيها" . وفي الوقت الذي كان شعور الزوفري يزداد حدة بأن قبيلته قد تخلت عنه، وأنه صار فردا مفردا متروكا ليواجه مصيره وحده في عالم تسيطر على وسائل الإنتاج فيه قوة خارجية ( المعمرين، والإدارة الاستعمارية)، كان عدد كبير من الجزائريين يلتحقون بمزارع الكروم، ليس كأفراد كما كان عليه الحال سابقا في المرحلة الأولى لبروز أولئك الصعاليك، إنما كجماعات ذات انتماء قبلي واحد؛ وهم أولئك الذين انتزعت منهم أراضيهم وطردوا من السهول نحو الجبال القاحلة التي لم تكن قادرة، بسبب طبيعتها الجرداء والوعرة، على توفير لقمة العيش لعدد كبير من الأفراد لم يمارسوا طوال حياتهم سوى الزراعة والرعي، لهذا كان توجههم طبيعيا نحو المزارع الكبيرة التي كانت تزداد اتساعا ونموا بفضل التوسع في زراعة الكروم الذي يعد ركيزة الاقتصاد الكولونيالي في الجزائر، ليتحولوا إلى زوافرة وخماسة، ويتجه بعضهم ليصيروا عمال يدويين وحرفيين في المدن التي أنشأها الاستعمار، وخاصة في الموانئ كحمالين وبنائين، وعمال (زوافرة ) المدن هم الذين سيشكلون النواة الأولى للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، والذين أخذ عددهم في التزايد بشكل ملفت منذ الحرب العالمية الأولى، وفي أوساطهم ستنشأ وتتطور الوطنية الجزائرية الراديكالية المطالبة بالاستقلال مع حزب نجم شمال إفريقيا وحزب الشعب لاحقا .
وما يجدر الإشارة إليه في سياق الحديث عن الزوفري كفاعل أساسي في تشكل الوطنية الجزائرية، هو أن المناطق التي انتشر فيها الزوافرة واستقروا بشكل كبير بعد أن أوجدت الظروف المشتركة بينهم رابطة انتمائية قائمة على التضامن، كسهول المتيجة التي طردت منها القبائل الأصيلة التي كانت تسكنها واستولى عليها المعمرون وصارت تحتوي على مزارع شاسعة تحتاج لأيادي عاملة كثيرة ودائمة، هي مناطق غابت عنها بعد الاستقلال البنية القبلية، وكان لهذا الغياب نتائج كارثية خلال عشرية التسعينات، حيث أن أغلب المجازور الجماعية " تركزت بالدرجة الأولى في هذه السهول والمناطق المجاورة لها لأن الفرد هنا... اكتشف حقيقة الأب الروحي [الداعية، صاحب المشروع السياسي المستمد من الشريعة] ووجد وسيلة للتعبير عن التضامن الاجتماعي في مفهوم الجهاد الذي يلغي كل التفرقة بين الأفراد والقبائل" فالكل سواسية، وهذا تعبير معكوس عن رغبة انتقامية دفينة من القبيلة التي حرمته دفء الانتماء في مرحلة سابقة، فالأصول المعروفة والقرابة المعترف بها، والمصانة ضمن قيم تضامينة شديدة الإلزامية، غالبا ما شكلت ذرع حماية للأفراد من الزيغ الاجتماعي..
أرسلت في 8:26 م
السبت، نوفمبر 21، 2015
فضاءات مفتوحة ووعي منغلق

أرسلت في 12:16 م
الجمعة، يونيو 19، 2015
الزواج المأزوم

لكن ما يعمق الأزمة بين الطرفين هو كون الإثنين لا يعبران صراحة عما يريدان، بل، وهذا هو الأسوأ، يقولان عكس ما يضمران، وما يرغبان فيه فعلا وحقا، حيث لا يعترفان ولا يتصارحان بما يريدان خوفا من سوء التأويل، وإساءة الفهم التي قد تعمق المشكلة التي يحس كل طرف في بداية العلاقة بأنها أصلا عميقة وتهدد بشكل جدي استمرارية الزواج، لهذا نجد أن المرأة تتحدث بصوت جدتها ويتكلم الرجل بعقل أبيه، لكن كل واحد منهما يسلك سلوكا مغايرا لما يقوله، وينتظر من الأخر أن يكون صادقا فيما يقول ومخلصا لما يعلنه من أفكار والتزامات،دون أن يشعر هو أنه ملتزم بتنفيذ قوله السابق.
هذه إشكالية المجتمعات التي تعيش حداثة هجينة، تمجد الماضي قولا وتتجاوزه فعلا، وتحاكم فعل الحاضر بقيم الماضي، وهذا ما يخلق الأزمة التي تتعمق وتفتت الكثير من العلاقات التي كانت في الماضي تحضى بديمومة ومتانة لا يطالها تصدع، وصارت الآن هشة وتجابه دوما بعدم الرضا والتذمر من مختلف الأطراف الذين يشكلون أطراف تلك العلاقة، خاصة في موضوع الزواج، فكل امرأة تقبل فرحة على عش الزوجية غالبا ما تصاب بخيبة ولا يمضي عام حتى تبدأ في البحث عن تنفيس لتلك الخيبة قد يكون الطلاق وقد تكون المشاكل التي لا تنتهي وقد يكون قمع رغباتها وتطلعاتها بشكل حاد، وقد يكون شيء من البراغماتية التي ترضي الزوج في البيت وترضي رغباتها في الخارج بما في ذلك الخارج الافتراضي، وعلاقاتنا الفايسبوكية تطلعنا يوميا عن الكثير من حالات الخيبة ومن النساء المتذمرات، كما تطلعنا على الكثير من الرجال الخائنين والذين حسموا أمرهم بأن الزوجة صارت تعني بيت وطبخ وأولاد وأنه لم يعد قادرا على الالتزام اتجاهها بأكثر من المتطلبات البيولوجية والتمظهر الاجتماعي، أما نفسيا فإنه يبحث عن ملاذ وسلوى بعد خيبته في الزوجة التي لم تكن كما توقع وانتظر. هذه الحالة المتشنجة غالبا ما تكون بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية وهشاشة التكوين النفسي للكثيرين، سببا في انتشار الطلاق كظاهرة في طريقها للتطبيع في المجتمع الجزائري الذي لم يعد ينظر للمرأة المطلقة كأنها فضيحة كما في السابق، بعد أن صار عدد المطلقات والمطلقين يتزايد بشكل كبير وملحوظ خلال السنوات الأخيرة، خاصة في المدن وبين فئة النساء المتعلمات / المتطلعات اللواتي يتمتعن باستقلال اقتصادي يجعلهن يشعرن بكرامة زائدة اتجاه العلاقة الزوجية التي تبدو لهن، بشكلها الحالي الذي ينتظم ضمن قيم ماضوية رغم حداثة مظهره، مبنية على امتهان للمرأة واحتقار لدورها كشريك في بناء الأسرة، خاصة مع تزايد مساهمتها في الجانب الاقتصادي للأسرة، وهذا ما يعمق حالة عدم الرضا والتذمر والشعور بالخيبة التي لا تستطيع الأمهات والجدات، تفهمها وقبولها لأنهن لم تشعرن بها في السابق، حيث كانت طبيعة العلاقة واضحة والأدوار لا خلاف حولها ولا اختلاف في تفسير طبيعتها.
أرسلت في 10:54 م
الجمعة، أبريل 17، 2015
أساطير جزائرية: اللي قرا قرا بكري
مالذي يجعل التعليم منبودا بهذا الشكل من لدن فئات واسعة من الجزائريين، حتى "عامة المتعلمين" أنفسهم لا يثقون أنهم يمتميزون، نتيجة ما يكتسبونه من معارف، عن غيرهم من الذين لم تتح لهم فرصة تحصيل تعليم مقبول، فالجزائري يؤمن بأن اللي قرا قرا بكري، دون أن تكون فكرة تجاوز العلم كخبرة مكتبسة وذات مردودية مجتمعية واضحة في وعيه، فهو عاجز عن تحديد مرجعية زمنية لهذا " البكري"، إنه لا يفكر في الأمر أصلا ولا يتعب نفسه في طرح التساؤل الجوهري حول الفرق الأساسي بين الآن وبكري، ولماذا قراية ( تعليم) الآن مرفوض اتكاءا على قراية زمان ؟. فتعليم زمان هو المرجعية وهو الأصل وهو المبتغى أو ما يجب أن يتسم به المتعلم ويحصله من معارف، ومن ثم ما يستطيع تأديته من وظائف اتكاءا على ما حصله من تعليم، دون أن يكون للفرد المتلفظ بهذا المثل دراية عن طرائق التعليم زمان وعن طبيعة المعارف المقدمة للمتعلم، ولا عن الدور الذي يشغله لمتعلم في المجتمع، إلا ما كان من تصورات بسيطة ومسطحة عن مكانة " الطالب " في المجتمع، والتي هي مكانة تبجيل وتقدير مجتمعي نتيجة ما يمتلكه هذا " الطالب " أو المتعلم من معارف دينية "بسيطة" تساعده على تبؤ صدارة بعض التجمعات، كالصلاة بالناس أو الخطبة وتفسير بعض الأحاديث وأحكام الدين الحنيف، وهي وظيفة جد خطيرة ولكنها بسيطة بساطة المجتمع التقليدي الذي لم يكن بحاجة لما نسميه الآن " القراية " أي نظام تعليمي يلبي احتياجات المجتمع لليد العاملة المؤهلة للقيام بوظائف متشعبة ومتنوعة وتتجاوز في معظمها العمل اليدوي الذي كان هو السائد في المجتمعات التقليدية التي كان " الطالب " يعد من نخبتها وممثلا للمعرفة فيها؛ المعرفة التي يشكل العلم الديني عمدتها. فمفهوم العلم قديما، وخاصة في المجتمعات المسلمة التي لم تعرف ازدهارا حضاريا كالمجتمع الجزائري، كان يعني حصرا العلم الديني وما يتفرع عنه من معارف تكون مساعدة له حتى وإن بدت في الظاهر مستقلة عنه كالرياضيات التي كان تدريسها يتم لغاية ديمية جوهرية وهي تلبية حاجيات "الفريضة " أو تقسيم المواريث، فالمفهوم المعاصر للعلم في العربية لم يكتسب وجوده إلا منذ فترة ليست بالطويلة، مما يجعل العودة إلى المعنى الأصلي والقديم لكلمة علم، عودة للأصل، وهي عودة تنفي ضمنيا، الدور الحديث للعلم المعاصر الذي يعانق المجتمع والناس وآفاق الكون، ملقية به في أحضان الدين الذي يتحول في حالتنا الجزائرية الراهنة، التي تحاول إرجاع العلم الحديث إلى الأصل الديني القديم من خلال المثل: " اللي قرا قرا بكري "، إلى مصدر شرعية ذات طبيعة متعالية ومرجعية لا يمكن لأي علم ينفي الانتساب إليها بشكل قاطع وأخذ بركتها، أن يحضى بقبول جمعي من لدن أفراد المجتمع، لهذا يكثر عندنا كعرب القرن العشرين والواحد والعشرين مفهوم التأصيل كلما تناولنا علما من " علوم الغرب" التي استطاعت النفاذ إلى منظومتنا التعليمية والجامعية، والتأصيل عملية علمية تؤديها النخب الأكاديمية كرد فعل على الإنكار الاجتماعي الذي تجابه به "العلوم الوافدة"، وكتأكيد على الأصالة والعودة نحو أصل نعتقد أنه موجود في الماضي فإن لم نجده اختلقناه ارضاءا للنزوع الماضوي لشعب لا يزال يصر بأن اللي قرا قرا بكري.
ذلك الأصرار على ماضوية غير محددة الصفات ولا واضحة في وعي من يصر على العودة إليها، تنفي عن المتعلم أية مشروعية ومن ثمة تجعل دوره الاجتماعي منفصل بشكل تام عن الدور الذي لعبه المتعلم منذ قرن فقط، وهذا الانفصال هو منبت التشكيك في جدوى ما يتعلمه هذا الفرد وما بتكسبه من معارف، مادام الوعي الشعبي مشدود نحو النموذج والمثال القابع في الماضي مجللا بالأبهة والوقار والتبجيل الذي يجعل أنموذجيته حقيقة لا يطالها التشكيك في وعي عامة الناس الذي يحتقب معاني خاصة محمية بهالة من التبجيل ومحاطة بتصورات عن نجاعتها الاجتماعية تجعلها طابو لا يمس. تلك النجاعة التي كانت مؤكدة وحقيقية في فترات سابقة لكنها فقدت إمكانية الوجود في حاضرنا دون أن تفقد انموذجيتها في المخيال الجمعي الذي يتكيء عليها لإدانة مخرجات الحاضر المتهم كمنظومة بالمروق والهرطقة مقارنة بالماضي الأليف والحميمي والفردوسي الذي يعيد المخيال الجمعي إنتاجه بشكل مستمر مصبغا عليه كلما تباعد الزمن صفات لم تكن فيه.
في الوعي الشعبي الجزائري ارتبط العلم وما يتفرع عنه من عمليات اجتماعية: تعلم، تعليم، خطابة، فتوى، طبابة ... بغايتين: وجاهة دنيوية وحسن عاقبة في الآخرة، وهذا التصور المغرق في تقليديته يمزج العلم بالدين ويجعل من الأول خادما للثاني، فالمتعلم إلى وقت قريب كان هو " الطالب " بالمعنى الدارج للكلمة والتي تعني بشكل يكاد يكون حصريا طالب العلم الشرعي أو حافظ القرآن، وهذا المعنى الذي اتخذته الكلمة يرجع إلى طبيعة نظام التعليم في الجزائر، الذي كان، ولقرون طويلة، يضم العلم الشرعي وما يتفرع عنه على رأس المعارف التي يتم تلقيها وتداولها بين طلاب العلم. وهذا النظام التعليمي الذي استمر لقرون طويلة قبل أن تهدمه تدريجيا المدرسة الفرنسية، وتقضي عليه بشكل كامل المدرسة الجزائرية عقب الاستقلال باستثناء ما ظل يسمى بالتعليم الأصلي والذي حافظ على غايته الدينية من خلال بقائه تابعا لوزارة الشؤون الدينية بدل وزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي من جهة، ومن جهة ثانية حافظ على مخرجاته التي لم تتعارض من التصور الشعبي عن "الطالب" الذي يتعلم الأمور الدينية من أجل تثقيف المجتمع دينيا، وهو الدور الذي يقوم به الأئمة والمرشديين الدينين من خريجي معاهد التعليم الأصلي، في الوقت لذي سارت فيه المدرسة في اتجاه " علماني " قطع بشكل حاد مع نظم التعليم القديم الذي توطد مؤسساتيا ومخياليا خلال الفترة التركية من تاريخ الجزائر واستمر كنوع من المقاومة خلال الفترة الاستعمارية، وطبيعته المقاومة والتي رسختها جمعية العلماء المسلمين، هي التي وطدت مكانته التي تمس في المخيال الجمعي، ومن ثم تحوله، أي التعليم القديم تاع بكري، إلى مرجعية ونموذج شديد التعارض مع طبيعة التعليم الحالي ذو الطبيعة العلمانية غير المعلنة، وذو الأهداف المتجاوزة بشكل كبير لأهداف التعليم القديم، وهذا ما يجعل مقولة: اللي قرا قرا بكري تكتسب مشروعيتها في الوعي الشعبي الجزائري كأسطورة تؤثث سلوك الجزائري في الحياة اليومية.
أرسلت في 10:59 م
أساطير جزائرية: بنت الفاميليا
كانت جداتنا تتحدثن عن بنت الأصل وصرنا نحن نتحدث عن بنت الفاميليا، وبين الأصل الذي يحيل على النسب والعائلة الممتدة وانتمائها القبلي والعشائري وما تمنحه من مزايا للمنتسبات إليها، وبين الفاميليا التي تحيل على نزعة عائلية صغيرة وانتماء يكاد يكون مقطوع الجذور عن ماضيه الأبعد من جيل وعن جغرافيته التي طوحت بالكثير من العائلات بعيدا عن أرض الانتماء "الجدودية" فرق الزمن وفرق الرؤيا، وفرق القيم التي تبدلت وتغيرت وانقلبت على أصيل الماضي فعلا محتفظة بدعوى الانتماء إليه قولا.
تحضر بنت الفاميليا في مخيالنا الجزائري كأسطورة ندعي واقعتيها أكثر مما نلتقي بها فعلا وتمثلا وسجايا ونبل خصال؛ إنها، في تصوراتنا القمعية، الطاهرة التي تتحصن بعفة الجسد وبراءة القلب من أدران الغرام وخيبات الهوى. هي في تحديد الصفات: محمودة النسب، مقبولة الجمال، عارفة بالتدبير، وهي سند الرجال إذا ما غدر الزمان، وهي، بالأساس، حافظة الشرف وحاملة ثقله: شرف العائلة وهي بنت، وشرف الزوج وأهله وهي أم وزوجة، دون أن نفهم من الشرف الذي نتحدث عنه أكثر من معنى العفة بمعناها الضيق الذي يحيل مباشرة على انعدام الخبرة الجنسية قبل الزواج وعلى الوفاء الجنسي بعده، وفي تحديد أكثر تضييقا لدى البعض: إنعدام المعرفة الجنسية. فالجزائري المأزوم الرجولة يؤمن، حين يتعلق الأمر بالمرأة والجنس، أن مصدر المعرفة هو التجربة، وهي القناعة التي ترمي بالعارفات بأمور الغرام ولواعج الوصال خارج دائرة بنات الفاميليا حتى لو لم يمسسهن إنس ولا جان.
بنت الفاميليا في عرفنا الجزائري هي غاية الباحثين عن الظفر بالزوجة الصالحة، وهي مطمح وأمل كل الرجال الخلاطين الذي فقدوا، نتيجة تخلاطهم، الثقة في النساء، ولأن بنت الفاميليا صارت لا يظفر بها كما لا يظفر بكل ما هو نادر وغير متاح بوفرة، إلا قلة ممن ترعاهم " دعاوي الوالدين " وتسدد خطاهم النوايا الطيبة وإن خالطها سوء الفعال.
أرسلت في 10:55 م
الرواية والمدينة
يقول عبد الله العروي: تهدف الرواية الواقعية الغربية إلى الكشف عن بنية المجتمع من خلال تجربة فردية تتمثل في سلسلة من الانتصارات والهزائم الظاهرة والخفية، الاجتماعية والنفسانية، هذا هو موضوعها المفضل، وهو موضوع غير متوفر في المجتمع العربي بسبب الإلتحام وتحجر هياكله ".
يحيلنا العروي على وضع إجتماعي عربي شديد المغايرة للوضع الإجتماعي الغربي الذي أعطى الرواية الغربية موضوعها الأساسي: تجربة فردية كاشفة للبنية الإجتماعية يتعين هذا الوضع الإجتماعي المغاير في البنية العربية بغياب الفردانية كمفهوم وكسلوك، ويخبر عن إلتحام إجتماعي لا يزال شديد القوة رغم التضعضع الذي أصابه نتيجة التحديث القسري للبنى التقليدية في مجتمع لم ينجح بعد في إنشاء المدينة كفضاء وقيم حاوية ومنتجة لأشكال التعبير النثرية المعقدة كالرواية. فالمدينة العربية الحديثة وبعد قرن ونصف من بدايات الإنوجاد ( توسيع الخديوي إسماعيل للقاهرة وتخطيطها على طريقة المدن الغربية وبهياكل متشابهة) رغم التطور في التخطيط والتعالي في العمران بشكل مبهر أحيانا لم تنجح في، ويبدو أنها لا تنوي خلق قيم مدينية، تلك القيم التي تتعين بالحرية الفردية وبالديموقراطية وحرية التعبير وسيادة القانون وتموضع المؤسسات في قلب العلاقة بين الأفراد وبعضهم البعض من جهة والأفراد والدولة من جهة ثانية، بالإضافة إلى تموضع الآداب والفنون في صلب اهتمامات الأفراد، وقيام المؤسسات الثقافية ( المكتبات، دور السينما، المسارح، المتاحف، دور العرض ...) بلعب دور الوسيط بين منتجي السلع الثقافية ومستهلكيها من الأفراد والجماعات.
إن تلك التمظهرات للوعي المديني غير موجودة في المدينة العربية إلا بشكل استعراضي شكلاني يدعي ما لايؤمن به، فالمواطن العربي يسكن المدينة لكنه يتعامل معها بوعي ريفي أو بوعي سكان الضواحي الذين يحرصون على الإلتحام الأسري والقبلي والجهوي مكونين شبكة اجتماعية تحفظ المصالح وتدعمها وتدمج الأفراد ضمن منطقها. شبكة تجعل الفرد يتعامل مع المؤسسات لكن بتجاوز منطق المؤسسة الذي يفترض العقلانية والموضوعية والمساواة بين الأفراد وفق نمط معياري مؤطر قانونيا يحدد الحقوق والواجبات. فالفرد العربي وهو يقصد مؤسسة ما لقضاء حاجة، غالبا ما يقصد من يعرفه في تلك المؤسسة أو من يمتلك النفوذ الكافي لتمكينه من قضاء حاجته في المؤسسة المقصودة حتى لو كان غير مسموح له قانونيا بتحصيل المنفعة التي قصد المؤسسة لأجل تحصيلها، وغالبا ما يكون الفرد المقصود لتقديم الخدمة مندمج ضمن شبكته الاجتماعية أو ضمن شبكة أخرى مستعدة لتبادل خدمات مع شبكات موازية، وهذا الوضع الغير عقلاني والذي يقضي على كل معيارية في تعامل المؤسسات يجعل هذه الأخيرة تفقد دورها كوسيط حيادي بين الأفراد وبين الأفراد والدولة.
إن المناخ المذكور أعلاه الذي يسم المدينة العربية بسمات، ويزودها بقيم غير مدينية هو مناخ غير روائي لأنه معادي لروح المدينة وثقافتها، ولهذا نتساءل مع العروي: " هل يحق لنا رغم هذا أن نوظف شكلا صالحا للمركز لنصف به الضاحية؟! " أو لنكتب عبره حياة ومنطق وثقافة الضاحية؟
أرسلت في 10:51 م
الأربعاء، مارس 18، 2015
لماذا يعادي المجتمع بعض النصوص الإبداعية؟!

جوهر القضية
هنا يتمثل في السؤال التالي: مالذي يدفع فئات واسعة من المواطنين لا علاقة لها
بالأدب والفكر وليسوا من جمهور القراء إلى تبني مواقف عدائية اتجاه نص أو كاتب
معين؟
الأمر هنا
مرتبط أساسا بمقدار اللاتوافق الذي يحمله النص المندد به مع قيم الجماعة ومكونات
هويتها التي ترى أن المساس بها هو اعتداء لا يمكن السكوت عنه، وهذا اللاتوافق غالبا ما يكون واضحا ولا يمكن للكاتب أو أنصار
النص المندد به الدفاع عنه بحجة التأويل وطبيعة النص التخييلي وغيرها من الحجج
التي تتكرر عند كل أزمة مشابهة، هنا يلعب الوسطاء الذين يتصدرون للدفاع عن قيم
الجماعة دورا حاسما في التجييش من خلال تقديم قراءة مجتزأة وموجهة نحو ما يقدمه
النص من دلائل على مقدار اللاتوافق المذكور، فتنتشر المقتطفات من النص ويتم
استحضار النصوص السابقة في حالة احتوائها على تعارضات أخرى مع قيم الجماعة كما
تتداول التصريحات على نطاق واسع. كل ذلك من أجل تكوين ملف إدانة يتم توظيفه غالبا
بشكل يتجاوز النص أو الكاتب ويمضي نحو غايات سياسية وصراعات ايديولوجية بين النخب
والتيارات التي لا يخبو الصراع بينها وينتظر هكذا اهتمام شعبي لتسجيل نقاط ضد
الخصوم، كما أن ذلك الغضب الشعبي غالبا ما يكون خادما للكاتب المغضوب عليه من
الناحية التجارية ومن ناحية الحضور أكثر داخل الحقل الثقافي الذي يبدي اتجاهه
تضامنا وحسدا في نفس الوقت. فالنصوص الأدبية غالبا ما تكون مسرحا للصراعات
والمعارك الإيديولوجية، وتلك خاصية سوسيولوجية لصيقة بطبيعة الأدب.
أرسلت في 10:23 م
الجمعة، مارس 13، 2015
قوانين قمعية بلا سند اجتماعي

لهذا أتصور أن هذا القانون قد أتى من أجل تعميق أزمات مجتمعية مزمنة وعويصة كأزمتي العنوسة والطلاق، فشعور المرأة بأنها محمية و" محرضة " قانونيا يجعلها تتجاوز الدور الذي تحدده القيم والثقافة المجتمعية لها داخل الأسرة بشكل يؤدي إلى تزايد الصدامات العائلية مما سيؤثر بشكل كبير على الإستقرار الأسري الذي يعاني، نتيجة ضغوطات اقتصادية ونتيجة الحداثة المرتبكة التي ينخرط فيها المجتمع، من هشاشة تتجلى في ارتفاع متزايد لنسب الطلاق خاصة بين المتزوجين حديثا، من جهة أخرى ستسهم الطبيعة القمعية للقانون في الإحجام المتزايد عن الزواج من قبل الشباب مما يفاقم من مشكلة العنوسة في المجتمع، وقد سبق لي وتحدثت عن الأسباب القيمية والثقافية للعنوسة في مجتمعنا، بعيدا عن التفسير السطحي والمختزل للظاهرة والذي يرجعها إلى أسباب اقتصادية وإلى غلاء المهور وما إلى ذلك من أسباب قد تشكل جانب من محددات المشكلة لا غير.
أرسلت في 10:44 م
الجمعة، فبراير 20، 2015
تهميش المثقف الجزائري... مسؤولية من؟
أرسلت في 4:18 م
الأحد، فبراير 15، 2015
عن الثقافة الساندويتش

المشكلة عندنا
تكمن في تغوّل هكذا نوع من الثقافة " الخفيفة " على حساب الثقافة الرصينة
التي يمثلها الأدب والفكر وما يتفرع عنهما من دراسات متطلبة معرفيا، وبالتالي تتطلب
قارئ نوعي، ذو اهتمامات تتجاوز السطحي والبسيط
الذي تقدمه الثقافة التجارية، وهذا التغول هو ظاهرة تاريخية ساهم في خلقها وتكريسها
الحقل الثقافي بمجمله ( المكتبيون، الناشرون، الموزعون، الإعلام بمختلف أنواعه) ولقيت
صدى لدى فئة واسعة ممن يصنفون كمستهلكين للمنتجات الثقافية المكتوبة، وخاصة لدى فئة
النساء بالنسبة لكتب الطبخ، مما وسع سوقها
بشكل ضمن لها استمرارية مريحة وربحية أكبر من ربحية باقي أنواع الكتب التي تصنف في
خانة الكتب الجادة.
الأدب والكتب
الفكرية تحضى بطلب من فئة محدودة تنحصر بالكاد في فئة الطلبة والباحثين وبعض هواة المطالعة
الجادة، وبالتالي لا يجب أن تخضع لمعيار العرض والطلب الذي تكون الربحية هي أساسه،
إنما يجب أن تحضى بنوع من الدعم خاصة في مجال التوزيع الذي يجب أن تتكفل به الدولة،
فالموزعون غالبا ما يقومون بتوزيع المنتجات
التي تتسم بنسبة دوران سريعة مما يجدد الطلب عليها باستمرار، وهذه ميزة تفتقدها الكتاب
الأدبية والفكرية التي يكون تسويقها بطيئا، مما يجعل المكتبي والموزع، وهما تاجران،
ينظران إليها بارتياب، وبالتالي يتم تجحيم مساحة عرضها لصالح الكتب الأخرى التي تحضى
بطلب أكبر، مما يخلق أزمة ويوسع حجم التظلم لدى فئة المثقفين الذي يرى أغلبهم بأن كتب
الطبخ والكتب الدينية والتجارية تطغى على الكتاب الأدبي والفكري في مجتمع يهمش الجاد
وينساق نحو الخفيف والنافع.
أرسلت في 10:22 م
المثقف هو ذلك المزعج الذي يفسد على الآخرين حفلاتهم التنكرية

إذا كانت نشأة
المثقف الحديث، والذي قام بدور جديد مفارق للأدوار التي قام بها سلفه العظيم وشديد
السطوة: رجل الدين، قد ألقت به في أتون الشأن العام وفرضت عليه إبداء الرأي والدفاع عما يراه صوابا
حتى لو كان ضد " القناعات العامة " التي تستمد سطوتها من الجموع الغفيرة
المستعدة دوما لرجم الضالين والخونة، فإن الدور
الأساسي الذي ينبغي على المثقف أن يقوم به
ويخلص له قدر استطاعته هو أن يكون ضمير أمته الذي
يندد بكل الانحرافات التي قد تحدث ويبّين مكامن الانحراف في القيم وفي السياسات وفي القناعات العامة التي
قد تخفى، نتيجة هوس الحماس الوطني أو القومي ، على عامة الناس وتقودهم، بالتالي، إلى
تبني اختيارات تاريخية فادحة الخطورة، وما حدث في ألمانيا النازية، وإيطاليا الفاشية
والكثير من الديكثاثوريات الحديثة، هو خير دليل على النتائج الباهظة لغفوة المثقف وتراجعه
عن القيام بدور " حارس الضمير الجمعي
" وعاصمه من التيه والضلال، فالمثقف هو الناطق باسم الجوهري والأساسي في الإنسان،
وبهذا فهو مطالب، بحكم وظيفته كمثقف والتي هي أسمى من أية وظيفة أخرى رسمية قد يشغلها
بالمقابل، بأن يترفع عن الآني واليومي والسياسي في مباشرته وممكناته المتعددة، وأن
يتجرد من سطوة " القناعات العامة " التي تعيق عامة الناس ومن ينساقون وراء
هدير مطالبهم، عن إدراك جوهر الأشياء التي قد تقدم منفعة عاجلة وتخبر في عمقها عن مضرات
آجلة .
من هذا المنطلق
يقف المثقف في مواجهة السياسي ورجل الدين كممثلين لسلطة يناضل المثقف، بالضرورة، ضدها،
إنه كاشف آلاعيبها بتعبير إدوارد سعيد الذي ينيط بالمثقف دور النضال ضد السلطة، بعد
أن كانت العلاقة مثقف / سلطة وعلى مدار قرون طويلة هي علاقة تأثير من طرف المثقف واستقطاب
من طرف السلطة في حالات الانسجام وبطش وتنكيل بالمثقف من طرف السلطة في حالات الخلاف
الحاد، دون أن يكون المثقف مطالبا بحكم كونه
مثقفا بأن يتخذ من فضح ألاعيب السلطة وأدوات هيمنتها على الأفراد والمجتمع، وظيفة جوهرية
تنفي عنه صفة المثقف في حال تخليه عنها. وباستعارة مقولة بورديو السابقة وتحويرها نقول
أن المثقف هو ذلك المزعج الذي يفسد على الآخرين حفلاتهم التنكرية، والآخرون هنا ليسوا
سوى أصحاب السلط الذين يتناسلون في المجتمعات الحديثة ويستقوون بما توفره الحداثة والعولمة
من أدوات هيمنة وتوجيه غير مسبوقة، ومن قدرة على التسلط الناعم الذي صارت تتسم به الأنظمة
الحديثة حتى في أكثر المجتمعات ديموقراطية ورقيا اقتصاديا، فالمتسلطون الذين يتخذ المثقف
من فضح ألاعيبهم وكشف استراتجياتهم دورا ووظيفة لم يعودوا محصورين في الفئات التقليدية التي تتعين
برجال الدين والسياسة الذين تعرف العامة مدى نفوذهم وتفقه شيئا من أدواتهم، إنما اتسعت
دائرة الفئات المتسلطة نتيجة تغلغل الحداثة وقيمها في الكثير من المجتمعات لتشكل شبكة
ممتدة من رجال السياسة والإقتصاد والخبراء المتخصصين ورجال الدين والإعلام والشخصيات
العامة ... تلك الشبكة التي لم يعد الإنسان العادي، الذي يتحدث المثقف باسمه ويعبر
عن ضميره ويصوغ آمانيه ويوتوبياته المجتمعية، قادرا على كشف آليات هيمنتها بله رفضها ومواجهتها.
ولكي يقوم المثقف
الحديث بهذا الدور المجتمعي، شديد الخطورة، في عالم تتسارع فيه قدرة السلطة على التنميط
والقولبة عليه أن يكون إنسانيا بالدرجة الأولى أي قادرا على افتكاك نفسه، ووعيه قبل
ذلك، من الهيمنة الرمزية للجماعة التي ينتمي إليها سواء الجماعة الوطنية أو الدينية
أو الإثنية، فهو غير مطالب بحكم وظيفته بأن يتحدث باسم أي من هذه الجماعات منفردة،
ولا أن يضع قدراته في خدمة مشاريع آنية الرؤية
تتعارض مع ما يدعيه لنفسه من قدرة على تمثل وتمثيل الر ؤى القصوى لمن يتحدث باسمهم،
أولئك الذين لم يعودوا، نتيجة تأثير الحداثة والعولمة، منحصرين في "جماعات الإنتماء
" التي تتعين بالوطن والدين واللغة والعرق، إنما صارت خطابات المثقف منفتحة على كل العالم الذي قد يتلقاها أو يتلقى ارتداداتها
عبر خطابات أخرى.
أرسلت في 10:12 م
الجمعة، يناير 30، 2015
الحب العربي الأصيل

أرسلت في 12:16 ص
إستعادة المدينة والانتقام منها
عمر قاتلاتو الرجلة فيلم فارق في تاريخ السينما الجزائرية لأنه حمل رؤيا انتقادية لسياسية الدولة التي فتحت المدن التي خلفها الأوروبيون أمام البدو وسكان الأرياف الذين حملوا قيمهم وثقافتهم للمدينة مشوهين تلك القيم التي حاولت التأقلم مع المدينة من جهة ومشوهين المدينة نفسها حين حاولوا إخضاعها لقيمهم، وهذا ما خلق وضعا متأزما ومستمر التأزم لحد الآن، حيث أننا نعيش في مدن بقيم ريفية، وقيم الريف هي قيم معادية لمعنى مديني صميم متمثل في المجال العام الذي هو ملكية مشتركة في أصل نشأته، لكنه وفي الحالة الجزائرية، ومثلها حالة الكثير من المدن العربية التي تمت استعادتها وطنيا برغبة ملحاحة في الانتقام من تاريخها الاستعماري ( الجزائر، القاهرة، الدار البيضاء )، تحول تحت ضغط تلك القيم الوافدة من فضاءات ريفية وبدوية إلى فضاء هجين ينوس بين الانفتاح والقدرة على استقبال كل جديد، وبين الانغلاق الذي يتهدده من طرف قيم المحافظة التي سعت وتسعى إلى خوصصته أخلاقيا عبر تصرفات معاديا لروحه كفضاء جامع، حيث السترة والعين الحارسة للجماعة التي تقمع الخروج عن القيم الأخلاقية، أو ما تتصورها كذلك عبر مراقبة السلوكيات بدافع أخلاقي ونشر ثقافة العيب القائمة على النواهي والأوامر. كل هذه الممارسات همشت ثقافة المدينة لصالح سلوكيات تدعي حراسة النبيل من القيم وتدافع عنها بيقين لا يقتصد في إيجاد المبررات الكافية لسلوكياته تلك، مما أعطى تلك الممارسات مشروعية بمرور الوقت، ومن ثمة صار مشروعا، بحكم الغلبة والعادة، وجود الثقافة والقيم البدوية داخل الفضاء المديني، مما شكل تشويها كبيرا في وجه وروح المدينة كثقافة وكسلوك وكقيم.
أرسلت في 12:07 ص
الخميس، يناير 29، 2015
الأبوية كسعي لفرض قولبة اجتماعية

أرسلت في 11:03 م
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)