الأحد، فبراير 15، 2015

عن الثقافة الساندويتش

بتاريخ 10:22 م بواسطة عمار بن طوبال

ليست كتب الطبخ والروايات التجارية، وكتب الأبراج بمنتجات دخيلة على الثقافة، إنها جزء من الثقافة بمعناه السوسيولوجي، ووجودها برفوف المكتبات ليس بدعة ولا تعبيرا عن سخافة الثقافة التي تسمح بتسويق مثل هذه المنتجات، إنها ظاهرة صحية يزداد انتشارها في الأوساط التي تسعى لاكتساب نوع من " الدلع البورجوازي " في المأكل والمشرب وطريقة الحديث التي تستحضر أسماء المطاعم وماركات العطور أكثر من أي شيء آخر.
المشكلة عندنا تكمن في تغوّل هكذا نوع من الثقافة " الخفيفة " على حساب الثقافة الرصينة التي يمثلها الأدب والفكر وما يتفرع عنهما من دراسات متطلبة معرفيا، وبالتالي تتطلب قارئ  نوعي، ذو اهتمامات تتجاوز السطحي والبسيط الذي تقدمه الثقافة التجارية، وهذا التغول هو ظاهرة تاريخية ساهم في خلقها وتكريسها الحقل الثقافي بمجمله ( المكتبيون، الناشرون، الموزعون، الإعلام بمختلف أنواعه) ولقيت صدى لدى فئة واسعة ممن يصنفون كمستهلكين للمنتجات الثقافية المكتوبة، وخاصة لدى فئة النساء  بالنسبة لكتب الطبخ، مما وسع سوقها بشكل ضمن لها استمرارية مريحة وربحية أكبر من ربحية باقي أنواع الكتب التي تصنف في خانة الكتب الجادة.

الأدب والكتب الفكرية تحضى بطلب من فئة محدودة تنحصر بالكاد في فئة الطلبة والباحثين وبعض هواة المطالعة الجادة، وبالتالي لا يجب أن تخضع لمعيار العرض والطلب الذي تكون الربحية هي أساسه، إنما يجب أن تحضى بنوع من الدعم خاصة في مجال التوزيع الذي يجب أن تتكفل به الدولة، فالموزعون غالبا ما يقومون بتوزيع  المنتجات التي تتسم بنسبة دوران سريعة مما يجدد الطلب عليها باستمرار، وهذه ميزة تفتقدها الكتاب الأدبية والفكرية التي يكون تسويقها بطيئا، مما يجعل المكتبي والموزع، وهما تاجران، ينظران إليها بارتياب، وبالتالي يتم تجحيم مساحة عرضها لصالح الكتب الأخرى التي تحضى بطلب أكبر، مما يخلق أزمة ويوسع حجم التظلم لدى فئة المثقفين الذي يرى أغلبهم بأن كتب الطبخ والكتب الدينية والتجارية تطغى على الكتاب الأدبي والفكري في مجتمع يهمش الجاد وينساق نحو الخفيف والنافع.

ردود على "عن الثقافة الساندويتش"

أترك تعليقا

conter