الأربعاء، مارس 18، 2015

لماذا يعادي المجتمع بعض النصوص الإبداعية؟!

بتاريخ 10:23 م بواسطة عمار بن طوبال

نحن كقراء، لا نتخذ موقفا سلبيا، عدائيا أو متحفظا من نص ما نتيجة قراءة مغلوطة أو سوء فهم لمعناه الحرفي، أو إمكاناته التأويلية. فتلك حجج نخبوية لها غاياتها التي أساسها الظاهر الحرية، وباطنها رمي لكل مخالف إيديولوجي بقصور الفهم والعجز عن إدراك مرامي النص نتيجة القراءة المغلوطة التي سببها افتقاد أدوات الفهم والتأويل، وهذه حجج نخبوية يتم ترديدها باستمرار دفاعا عن النصوص والكتاب أمام " غضبة الجماهير " التي يكون سببها غالبا تنديد بعض القراء بنص ما أو كاتب معين وتلقف فئات واسعة من المواطنين لذلك التنديد وتبنيه كموقف شخصي اتجاه النص أو الكاتب.
جوهر القضية هنا يتمثل في السؤال التالي: مالذي يدفع فئات واسعة من المواطنين لا علاقة لها بالأدب والفكر وليسوا من جمهور القراء إلى تبني مواقف عدائية اتجاه نص أو كاتب معين؟

الأمر هنا مرتبط أساسا بمقدار اللاتوافق الذي يحمله النص المندد به مع قيم الجماعة ومكونات هويتها التي ترى أن المساس بها هو اعتداء لا يمكن السكوت عنه، وهذا اللاتوافق  غالبا ما يكون واضحا ولا يمكن للكاتب أو أنصار النص المندد به الدفاع عنه بحجة التأويل وطبيعة النص التخييلي وغيرها من الحجج التي تتكرر عند كل أزمة مشابهة، هنا يلعب الوسطاء الذين يتصدرون للدفاع عن قيم الجماعة دورا حاسما في التجييش من خلال تقديم قراءة مجتزأة وموجهة نحو ما يقدمه النص من دلائل على مقدار اللاتوافق المذكور، فتنتشر المقتطفات من النص ويتم استحضار النصوص السابقة في حالة احتوائها على تعارضات أخرى مع قيم الجماعة كما تتداول التصريحات على نطاق واسع. كل ذلك من أجل تكوين ملف إدانة يتم توظيفه غالبا بشكل يتجاوز النص أو الكاتب ويمضي نحو غايات سياسية وصراعات ايديولوجية بين النخب والتيارات التي لا يخبو الصراع بينها وينتظر هكذا اهتمام شعبي لتسجيل نقاط ضد الخصوم، كما أن ذلك الغضب الشعبي غالبا ما يكون خادما للكاتب المغضوب عليه من الناحية التجارية ومن ناحية الحضور أكثر داخل الحقل الثقافي الذي يبدي اتجاهه تضامنا وحسدا في نفس الوقت. فالنصوص الأدبية غالبا ما تكون مسرحا للصراعات والمعارك الإيديولوجية، وتلك خاصية سوسيولوجية لصيقة بطبيعة الأدب.

ردود على "لماذا يعادي المجتمع بعض النصوص الإبداعية؟!"

أترك تعليقا

conter