الجمعة، مايو 15، 2009

المثقف علمانيا

بتاريخ 1:26 ص بواسطة عمار بن طوبال


حين أتحدث عن المثقف فأنا اقصد تحديدا المثقف العلماني وليس المثقف الديني، لان هذا الأخير يمكن إدراجه ضمن فئة الفقهاء أو الدعاة، نظرا لاختلاف طبيعة كل طرف ( مثقف علماني/ فقيه )، حيث الأول يشتغل على ما هو نسبي ودنيوي، في حين يشتغل الثاني على ما هو معياري ويتسم بشيء من الثبات.
صحيح أن العلمانية
في العالم العربي والإسلامي ذات سمعة سيئة بين الأوساط الشعبية، وصحيح أيضا أن الأنظمة العربية التي طبقت العلمانية سواء بشكل معلن مثل تونس أو بشكل غير معلن كالجزائر قد طبقتها بشكل مجتزأ يبدو في ظاهره معاديا للدين، وبالتالي فهي أساءت إلى العلمانية بمقدار ما أساءت للدين من خلال توظيفه كذريعة لتبرير الاستبداد.

ولكن أرى وهذا رأيي الشخصي أن قدر المثقف أن يكون علمانيا فيما يدعو إليه لأنه يحمل بالأساس قيما إنسانية لا تحصر نفسها بشكل كبير ضمن إطار الثقافة التي ينتمي إليها إنما يحمل أفكارا قادرة على الانتشار في بيئات اجتماعية ودينية مغايرة رغم ما يلحقها من تغير عند انتقالها من بيئة لأخرى.
المثقف ليس رجل دين ولا فقيه بالرغم مما يفترض أن يحمله من قيم دينية هي قيم اجتماعية بالأساس، ولا هو برجل سياسة بالرغم من القيم السياسية التي يحملها ويدعو لها. مع أن المثقف العربي الحديث هو سليل الفقيه، وكنت في أول إدراج بمدونتي قد أشرت إلى هذه النقطة راجيا العودة للتوسع فيها لاحقا.
لذلك عندما نتحدث عن جوهر المثقف فنحن لا نتحدث عن فقيه كما أننا لا ندعو لسجن المصحف والأفكار الدينية في المساجد ودور العبادة لان هذا نوع من الاستبداد الذي يجب على المثقف محاربته فدعوته لحرية كل طرف في نشر أفكاره والدفاع عنها يجب أن تكون لبنة أساسية تدخل في جوهر تكوينه، ولهذا نجد غوستاف فلوبير وهو نموذج لمثقف يعي مكانته ودوره جيدا يقول مقولة صارت شعارا لاحقا: " قد اختلف معك في الرأي ولكني سأقاتل من اجل حرية رأيك".

وهذا هو دور المثقف المرتجى أي الدفاع عن الحرية والقيم الإنسانية النبيلة سواء كانت تلتقي مع القيم الدينية أو تبتعد عنها. فالمثقف هو من ينتصر للقيم الدنيوية، وهذا ما يأخذه عليه الإسلاميون الذين ينتصرون للقيم الدينية أساسا.
مع أنني لا أحبذ استعمال كلمة الإسلامي لأنها تلغي ضمنيا مجموعة كبيرة من الأفراد بمجرد إطلاقها على فئة معينة. لهذا الكثير يستعيضون عنها بكلمة الاسلاموي والتي تعين توظيف الدين الإسلامي ونصوصه المقدسة لأغراض صراعية مرتبطة بتقاسم النفوذ مع تيارات أخرى ذات مرجعيات غير مقيدة بالنص الديني، فنحن نجد أنصار تيار الإسلام السياسي مثلا يقومون بتوظيف قراءات معينة للنص الديني من اجل الوصول للسلطة التي هي وحتى في الفكر الإسلامي وعلى امتداد التجربة التاريخية للمسلمين سلطة دنيوية وليست سلطة دينية.
ومن هنا يحدث التناقض فمقولة الإسلام دين ودولة هي مقولة حديثة والنظام السياسي في الإسلام صاغته اجتهادات فردية وليس الوحي الإلهي، حتى الخلافة ليست فرضا دينيا.

1 تعليق على "المثقف علمانيا"

.
gravatar
غير معرف يقول....

السؤال من أوجد البدرة ومن سوى الفكرة.
سبحان من وسعت رحمته الكفار.

أترك تعليقا

conter