الاثنين، مايو 04، 2009
رواية الجيل الجديد وروح المغايرة
بتاريخ 11:29 م بواسطة عمار بن طوبال
ما يمكن الإشارة إليه قبل التطرق لرواية جيل الشباب، هو أن الرواية الجزائرية وحين نتناولها من منظور الأجيال الأدبية يمكن تقسيمها لجيلين فقط، نظرا لان جيل الثمانينات لم يكن سوى استمرارية بشكل من الأشكال لجيل السبعينات سواء على المستوى الفني، أو على مستوى طبيعة الرؤية للعالم التي تبناها كلا /الجيلين في أعمالهم الإبداعية، ولم يسجل أي تطور جذري خلال سنوات الثمانينات يمكن اعتباره قطيعة مع رواية السبعينات، لهذا نقول وبشيء من الحذر المنهجي عن الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية تحديدا، قد عرفت لحد الآن جيلين فقط إذا اعتبرنا أن الجيل الأدبي لا يحيل على معنى زمني بمقدار ما يحل على طرائق تعبير وتطور فني ورؤيوي للعمل الأدبي لأن ظهور هذه الأجيال مرتبط ارتباطا أساسيا بحدوث ظواهر اجتماعية معينة· ولكن يبدو واضحا أن الأجيال الأدبية تضم أفرادا يسهل على الباحث تعداهم، ورغم أن فترة الثمانينات من القرن العشرين قد عرفت بالجزائر تغيرات سياسية واقتصادية عميقة، غير إن الرواية الجزائرية وباستثناءات قليلة ظلت غارقة في الرؤية التي أنتجها الآباء المؤسسون للرواية الجزائرية دون أن يتمكنوا من إنتاج نصوص تشكل قطيعة مع تلك النصوص والرؤى، هذه القطيعة لم تحدث إلا مع نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي حين برز جيل من الروائيين الشباب يكتبون الرواية لأول مرة غالبا وينتجون نصوصا ذات حساسيات أدبية ومعرفية مغايرة، وهذا ما يسميه داود محمد /بانبثاق حقل روائي جديد/·
هذا الانبثاق لحقل روائي جديد بالجزائر كان نتيجة لتلك التحولات العميقة التي عرفتها الجزائر على جميع الأصعدة بداية من سنة ,1989 تلك التحولات التي كانت بنوعية وقوة غير معهودتين من قبل· فكالإعصار المدمر عمت موجة الإرهاب مختلف أقطار البلاد، وقد كان الفاعل الثقافي الهدف المفضل والمطلوب من لدن هذه القوة الهدامة العمياء· وفي مثل هذا الموقف وجدت الذات الكاتبة نفسها في مواجهة قوى مختلفة، مضادة ومعادية، بيد أنها تشترك في محاولة نفي تهميش المثقف أو إسكاته على أقل تقدير· هذه الظروف المستجدة التي كانت نتيجتها إسكات وتهميش المثقف الجزائري بالإضافة لتعرضه للتصفية الجسدية، والقتل المعنوي، كانت محفزا للأدباء الجزائريين من اجل المقاومة عن طريق فعل الكتابة، والوقوف عن طريق الكتابة كشهداء على تلك المرحلة المتمزقة من تاريخ الجزائر المعاصر·
حيث شهدت فترة نهاية التسعينات مجموعة من النصوص الروائية سواء بالعربية أو بالفرنسية تناولت المصائر الفردية والجماعية في ظل ظروف اجتماعية وأمنية تجعل من الموت المفجع طقس يومي منذ بداية العنف المسلح ضد كل فئات الشعب الجزائري وضد الدولة الجزائرية ورموزها·
ما يميز هذه النصوص المغايرة هو كون معظم منتجيها شباب يكتبون الرواية لأول مرة بعد أن تمرسوا على الكتابة في الصحافة لفترة معينة ( حميد عبد القادر، بشير مفتي، ياسمينة صالح، كمال بركاني··· الخ )·
وهذا الجيل من الروائيين الجزائريين الذي اشترك مع روائيي الجيل السابق في الحقل الروائي الجزائري جنبا إلى جنب تميزت كتابته عن الجيل السابق بعدة ميزات نوردها في النقاط التالية:
- نشرت هذه الأعمال كلها ضمن دور نشر خاصة ( البرزخ، الفضاء الحر، القصبة، الشهاب، منشورات مارينو)، أو عن طريق جمعيات ثقافي (الاختلاف، رابطة إبداع، الجاحظية )، أي لم تحتضنها مؤسسات الدولة بصفة مباشرة، مما يمنحها استقلالية كبيرة في النشر والتوزيع، ومن ثمة استقلالية في طرح المواضيع بحرية أكبر·
-هذه النصوص تحمل في مضمونها أطروحات جديدة، تعيد النظر في العديد من القضايا الفكرية والإيديولوجية التي سادت وتكرست في الساحة الثقافية، كما أنها عملت على إعطاء قراءات مغايرة للتاريخ تشتبك مع القراءة الرسمية وترفض تبنيها ابداعيا·
- جل تلك النصوص الروائية التي صدرت خلال أواخر عشرية التسعينات وبداية الألفية الجديدة تجرب كتابة جديدة يمكن تسميتها /بعنف النص /، لأنها تعيد النظر في الكتابة التقليدية المعروفة بتلاحق أزمنتها وأحداثها، فهذه النصوص الجديدة تتميز بتكسير زمن الحكي والتشظي على مستوى الذاكرة والذات الكاتبة·
- هذه الكتابة الجديدة التي ينتجها الروائيون الشباب تتميز باعتنائها الكبير بفئة معينة من المجتمع الجزائري وهي فئة المثقفين، هذه الفئة التي شكلت كبش فداء للصراع الدائر بين الدولة والجماعات الإسلامية المسلحة·
- جل تلك الروايات تميل لان تكون بوحا ذاتيا تتماهى فيه حياة الكاتب الروائي مع شخصية الراوي في العمل الإبداعي، فجل تلك الروايات لم تكن في النهاية سوى سيرة ذاتية ولو بشيء من التحوير لحياة الكاتب نفسه·
وبمقارنة هذه الخصائص التي تميز رواية الجيل الجديد من الأدباء الجزائريين مع ما كان يميز روايات الجيل السابق وبصفة عامة المتن الروائي الجزائري منذ لحظة التأسيس في سبعينيات القرن الماضي، يمكننا الحديث على ضوء هذه المقارنة عن روح جديدة ومغايرة تمام المغايرة لتلك الروح الإبداعية التي ميزت المتن الروائي الجزائري قبل سنة .1989
هذا الانبثاق لحقل روائي جديد بالجزائر كان نتيجة لتلك التحولات العميقة التي عرفتها الجزائر على جميع الأصعدة بداية من سنة ,1989 تلك التحولات التي كانت بنوعية وقوة غير معهودتين من قبل· فكالإعصار المدمر عمت موجة الإرهاب مختلف أقطار البلاد، وقد كان الفاعل الثقافي الهدف المفضل والمطلوب من لدن هذه القوة الهدامة العمياء· وفي مثل هذا الموقف وجدت الذات الكاتبة نفسها في مواجهة قوى مختلفة، مضادة ومعادية، بيد أنها تشترك في محاولة نفي تهميش المثقف أو إسكاته على أقل تقدير· هذه الظروف المستجدة التي كانت نتيجتها إسكات وتهميش المثقف الجزائري بالإضافة لتعرضه للتصفية الجسدية، والقتل المعنوي، كانت محفزا للأدباء الجزائريين من اجل المقاومة عن طريق فعل الكتابة، والوقوف عن طريق الكتابة كشهداء على تلك المرحلة المتمزقة من تاريخ الجزائر المعاصر·
حيث شهدت فترة نهاية التسعينات مجموعة من النصوص الروائية سواء بالعربية أو بالفرنسية تناولت المصائر الفردية والجماعية في ظل ظروف اجتماعية وأمنية تجعل من الموت المفجع طقس يومي منذ بداية العنف المسلح ضد كل فئات الشعب الجزائري وضد الدولة الجزائرية ورموزها·
ما يميز هذه النصوص المغايرة هو كون معظم منتجيها شباب يكتبون الرواية لأول مرة بعد أن تمرسوا على الكتابة في الصحافة لفترة معينة ( حميد عبد القادر، بشير مفتي، ياسمينة صالح، كمال بركاني··· الخ )·
وهذا الجيل من الروائيين الجزائريين الذي اشترك مع روائيي الجيل السابق في الحقل الروائي الجزائري جنبا إلى جنب تميزت كتابته عن الجيل السابق بعدة ميزات نوردها في النقاط التالية:
- نشرت هذه الأعمال كلها ضمن دور نشر خاصة ( البرزخ، الفضاء الحر، القصبة، الشهاب، منشورات مارينو)، أو عن طريق جمعيات ثقافي (الاختلاف، رابطة إبداع، الجاحظية )، أي لم تحتضنها مؤسسات الدولة بصفة مباشرة، مما يمنحها استقلالية كبيرة في النشر والتوزيع، ومن ثمة استقلالية في طرح المواضيع بحرية أكبر·
-هذه النصوص تحمل في مضمونها أطروحات جديدة، تعيد النظر في العديد من القضايا الفكرية والإيديولوجية التي سادت وتكرست في الساحة الثقافية، كما أنها عملت على إعطاء قراءات مغايرة للتاريخ تشتبك مع القراءة الرسمية وترفض تبنيها ابداعيا·
- جل تلك النصوص الروائية التي صدرت خلال أواخر عشرية التسعينات وبداية الألفية الجديدة تجرب كتابة جديدة يمكن تسميتها /بعنف النص /، لأنها تعيد النظر في الكتابة التقليدية المعروفة بتلاحق أزمنتها وأحداثها، فهذه النصوص الجديدة تتميز بتكسير زمن الحكي والتشظي على مستوى الذاكرة والذات الكاتبة·
- هذه الكتابة الجديدة التي ينتجها الروائيون الشباب تتميز باعتنائها الكبير بفئة معينة من المجتمع الجزائري وهي فئة المثقفين، هذه الفئة التي شكلت كبش فداء للصراع الدائر بين الدولة والجماعات الإسلامية المسلحة·
- جل تلك الروايات تميل لان تكون بوحا ذاتيا تتماهى فيه حياة الكاتب الروائي مع شخصية الراوي في العمل الإبداعي، فجل تلك الروايات لم تكن في النهاية سوى سيرة ذاتية ولو بشيء من التحوير لحياة الكاتب نفسه·
وبمقارنة هذه الخصائص التي تميز رواية الجيل الجديد من الأدباء الجزائريين مع ما كان يميز روايات الجيل السابق وبصفة عامة المتن الروائي الجزائري منذ لحظة التأسيس في سبعينيات القرن الماضي، يمكننا الحديث على ضوء هذه المقارنة عن روح جديدة ومغايرة تمام المغايرة لتلك الروح الإبداعية التي ميزت المتن الروائي الجزائري قبل سنة .1989
ـــــــــــــــــــــ
نشرت هذه المقالة اولا بملحق الأثر الثقافي الذي يصدر أسبوعيا عن جريدة الجزائر نيوز
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
2 تعليق على "رواية الجيل الجديد وروح المغايرة"
أخي عمار السلام عليكم
مقالك مفيد جدا وكلامك صائب لأن بعد 1989 في الجزائر
لم يبق شيء على حاله ، كأنما الصحفيون والكتاب بعدها صاروا يتساءلون عن جدوى تلك القيم الاجتماعية والسياسية والتاريخية التي تشبعنا بها منذ الثورة ولكنها أوصلتنا لطريق مسدود ، إذن كان لا بد من إعادة النظر عبر الكتابة الأدبية لإدراك الخلل الذي نعيشه لحد اليوم ..
أعجبتني جدا فكرة النص الصادم وقد حصل معي هذا شخصيا فعندما قرأت لأول مرة رواية أحلام مستغانمي : ذاكرة الجسد وأنا بعمر العشرين أدركت فعلا أن ليس كل من ينتمي لجيل الثورة هو بتلك النزاهة المطلقة التي كلمونا عنها في منهاج أشبه بحكايات الجدّات..
وهنا أذكر لك طرفة حصلت معي بالأمس إذ يناقش أخي الكبير أبي فيقول له بتهكم : ألا يزال هناك جيل ثورة يحاول التحكم بنا فقلت له : إن انتهى جيل الثورة فهناك أبناء الشهداء وان انتهى هؤلاء أيضا فهناك التابعين وتابعي التابعين ههههه
تحياتي الخالصة
زبيدة
صديقتي الغالية
فعلا الرواية الجديدة في الجزائر
هي رواية صادمة بمقدار ما هي مصدومة من خيبة الأمل
التي مني بها جيل قدم شبابه قربانا لاخطاء الماضي
اخطأء من قاموا بالثورة بكل نبل ونزاهة
وانقلبوا بعد الاستقلال على نبلهم
ليعطوا صورة سيئة ومأساوية عن تضحيات الذي قضوا دفاعا عن الوطن
هنا تحضرني مقولة رائعة لمحمد حسنين هيكل:
" الثورة حالة فوضى بطبيعتها والدولة حالة نظام بنشاتها، وحين تتحول الثورة إلى دولة فعلى كل المنخرطين فيها ان يغيروا حساباتهم لان هناك قيما جديدة ستفرض نفسها بفعل قوة الاشياء"
يبدوا ان الثوار الجزائريين لم يستطيعو استعياب
كيفية الانتقال من صنع الثورة الى تأسيس الدولة
فهم يسيرون الدولة كما يسير فلاح صغير حديقة منزله
الخلفية
تحياتي الخالصة
كوني بكل الود عزيزتي وشكرا من القلب لتواجد
الراقي دوما الذي يثلج الصدر والقلب
أترك تعليقا