الخميس، مايو 14، 2009
الفلسفة ضحية إلغاء العقل لصالح المرجعية النصية
بتاريخ 3:10 ص بواسطة عمار بن طوبال
يقول ابن رشد عراب العقلانية الحديثة:" الدين حق والحكمة حق والحق لا يضار الحق"طبعا المقصود بالحكمة هنا الفلسفة بالمفهوم الحديث والتي تتوسل بالعقل لإثبات براهينها.هذه المقولة الرشدية كانت في سياق رد ابن رشد على الغزالي الذي سفه تاريخا بأكمله من الفكر الفلسفي الإسلامي بحجة انه طريق إلى الضلال.
وابن رشد كفقيه وفيلسوف قدم أفضل شرح إسلامي لأرسطو، رأى عكس رأي أبي حامد الغزالي، بأن لا تعارض بين الدين والفلسفة إلا في عقول العامة وفي عقول المنغلقين على الرؤية الدينية المحضة والسطحية.وبعد ثمانية قرون من زمن ابن رشد (1126-1198م) والغزالي ( 1058 – 1111) ، نجد أن الغزالي انتصر في الفكر العربي في المقابل اندحر فكر ابن رشد العقلاني كاستمرار لنكبته التي هي في النهاية نكبة الفكر العربي الإسلامي برمته الذي لا يزال ينظر للعقلانية وإعمال العقل كطريق للضلال خصوصا حين يكون إعمال العقل على مشارف النص الديني، وهذا ما أوصل الثقافة العربية إلى حالة جمود مستمرة منذ عدة قرون.نحن نلاحظ أن فترات ازدهار الحضارة العربية الإسلامية كانت هي فترات إعمال العقل وفترات ازدهار التفكير الفلسفي وبروز مدارس وأعلام الفكر العقلاني بعيدا عن قلعة العلم الشرعي، تلك القلعة المنغلقة على ذاتها داخل ما يسميه محمد اركون بالسياج الدوغماتي المغلق، فترة المعتزلة وعلم الكلام كانت لحظة مشعة بلغ إشعاعها خارج بغداد ودار الحكمة وامتد في الزمن إلى وقتنا الحاضر، دون أن يكون لتلك الفترات الراقية في تاريخنا الفكري (ورغم إشعاعها بعيدا في التاريخ والجغرافيا) أن تؤسس لثقافة عربية تنتصر للعقل وتتوسل بأدواته لأجل الرقي والتقدمإن كل حالة ضعف تكون نتيجتها خوف على الهوية، وبما أن هويتنا كمسلمين تحيل بشكل مباشر على المرجعية الدينية (قرآن وسنة) فان الخوف على الهوية نتيجة حالة الضعف التي لحقت بالعالم العربي الإسلامي، قد تمت مجابهته بالعودة إلى النص الديني والانغلاق عليه كمرجعية وحيدة لأمور الدين والدنيا وتجاوز للعقل وللتفكير الفلسفي الذي يطرح الأسئلة دون أن يعطي الإجابات الحاسمةلان إجابات العقل المتفلسف تبدو نسبية وخاضعة للحظة التي أنتجت فيها، في حين أن إجابات النص الديني معيارية وغير مرتبطة بزمانها في غالب الأحيان، فهي (أي إجابات النص الديني عن إشكالات الحياة والدين) تقدم نفسها كحكم مطلق متجاوز للزمان والمكان لان أصل القرآن متجاوز وغير مقيد بزمان ومكان ( زمن نزول الوحي وظروفه ) ومن هنا كانت أحكامه أو ما يستنبط من أحكامه، متسمة بهذه الميزة، مع أن تاريخ الفقه الإسلامي يعطينا أمثلة ناصعة عن تغير الأحكام بتغير عوائد الزمان ، حدث ذلك من الشافعي وهو ينتقل من العراق إلى مصر وحدث ذلك مع الكثير من الفقهاء الذين فهموا حيوية النص الديني وقدرته على الاستجابة المتجددة لتحديات الأزمنة المتغيرة.حين نطرح السؤال بهذه الصيغة: العقل أم النقل؟نكون أمام ثنائية حدية تلغي احد الطرفين لصالح الآخر، وبالتالي أرى أن طرح القضية بهذا الشكل هو طرح خاطئ ويهيئ النفس والعقل لإلغاء احد الحدين مسبقا، وهذا الأمر فيه تعسف ومغالطة كبيرة رغم أن جل المقاربات التي تناولت هذه العلاقة الملتبسة بين العقل والنقل تصل في النهاية إلى صيغة توفيقية أو بعبارة اصح تلفيقية تنتصر للنقل وتفتح بابا للعقل. في حين أن النص الديني نفسه وأنا هنا استشهد بالنص الديني كمرجعية مشتركة لنا كمسلمين، النص الديني ينتصر لإعمال العقل بمطلقيتهولكن الفهم الفقهي للآيات التي تدعوا لإعمال العقل، قد عمل على تقميط تلك الآيات وحصر دعواتها المنتصرة للعقل داخل مجالات معينة يعتبر الخروج عنها مروقا يعاقب عليه بالتفسيق والتكفير، والتاريخ يعطينا أمثلة كثيرة عن هكذا حالات من التكفير الذي لحق بالكتاب والفنانين وحتى رجال الدين النتيجة أن مقولة: من تمنطق تزندقمازالت تحكم فكرنا بشكل ينفي العقل إلى الزوايا المظلمة ويفسح المجال للنص الديني بفهمه الظاهر والسطحي ليكون المرجع الوحيد لحياتنا مع أن هذه الحالة الغير سوية هي تجاوز للنص الديني في حد ذاته الذي يدعوا لإعمال العقل
وابن رشد كفقيه وفيلسوف قدم أفضل شرح إسلامي لأرسطو، رأى عكس رأي أبي حامد الغزالي، بأن لا تعارض بين الدين والفلسفة إلا في عقول العامة وفي عقول المنغلقين على الرؤية الدينية المحضة والسطحية.وبعد ثمانية قرون من زمن ابن رشد (1126-1198م) والغزالي ( 1058 – 1111) ، نجد أن الغزالي انتصر في الفكر العربي في المقابل اندحر فكر ابن رشد العقلاني كاستمرار لنكبته التي هي في النهاية نكبة الفكر العربي الإسلامي برمته الذي لا يزال ينظر للعقلانية وإعمال العقل كطريق للضلال خصوصا حين يكون إعمال العقل على مشارف النص الديني، وهذا ما أوصل الثقافة العربية إلى حالة جمود مستمرة منذ عدة قرون.نحن نلاحظ أن فترات ازدهار الحضارة العربية الإسلامية كانت هي فترات إعمال العقل وفترات ازدهار التفكير الفلسفي وبروز مدارس وأعلام الفكر العقلاني بعيدا عن قلعة العلم الشرعي، تلك القلعة المنغلقة على ذاتها داخل ما يسميه محمد اركون بالسياج الدوغماتي المغلق، فترة المعتزلة وعلم الكلام كانت لحظة مشعة بلغ إشعاعها خارج بغداد ودار الحكمة وامتد في الزمن إلى وقتنا الحاضر، دون أن يكون لتلك الفترات الراقية في تاريخنا الفكري (ورغم إشعاعها بعيدا في التاريخ والجغرافيا) أن تؤسس لثقافة عربية تنتصر للعقل وتتوسل بأدواته لأجل الرقي والتقدمإن كل حالة ضعف تكون نتيجتها خوف على الهوية، وبما أن هويتنا كمسلمين تحيل بشكل مباشر على المرجعية الدينية (قرآن وسنة) فان الخوف على الهوية نتيجة حالة الضعف التي لحقت بالعالم العربي الإسلامي، قد تمت مجابهته بالعودة إلى النص الديني والانغلاق عليه كمرجعية وحيدة لأمور الدين والدنيا وتجاوز للعقل وللتفكير الفلسفي الذي يطرح الأسئلة دون أن يعطي الإجابات الحاسمةلان إجابات العقل المتفلسف تبدو نسبية وخاضعة للحظة التي أنتجت فيها، في حين أن إجابات النص الديني معيارية وغير مرتبطة بزمانها في غالب الأحيان، فهي (أي إجابات النص الديني عن إشكالات الحياة والدين) تقدم نفسها كحكم مطلق متجاوز للزمان والمكان لان أصل القرآن متجاوز وغير مقيد بزمان ومكان ( زمن نزول الوحي وظروفه ) ومن هنا كانت أحكامه أو ما يستنبط من أحكامه، متسمة بهذه الميزة، مع أن تاريخ الفقه الإسلامي يعطينا أمثلة ناصعة عن تغير الأحكام بتغير عوائد الزمان ، حدث ذلك من الشافعي وهو ينتقل من العراق إلى مصر وحدث ذلك مع الكثير من الفقهاء الذين فهموا حيوية النص الديني وقدرته على الاستجابة المتجددة لتحديات الأزمنة المتغيرة.حين نطرح السؤال بهذه الصيغة: العقل أم النقل؟نكون أمام ثنائية حدية تلغي احد الطرفين لصالح الآخر، وبالتالي أرى أن طرح القضية بهذا الشكل هو طرح خاطئ ويهيئ النفس والعقل لإلغاء احد الحدين مسبقا، وهذا الأمر فيه تعسف ومغالطة كبيرة رغم أن جل المقاربات التي تناولت هذه العلاقة الملتبسة بين العقل والنقل تصل في النهاية إلى صيغة توفيقية أو بعبارة اصح تلفيقية تنتصر للنقل وتفتح بابا للعقل. في حين أن النص الديني نفسه وأنا هنا استشهد بالنص الديني كمرجعية مشتركة لنا كمسلمين، النص الديني ينتصر لإعمال العقل بمطلقيتهولكن الفهم الفقهي للآيات التي تدعوا لإعمال العقل، قد عمل على تقميط تلك الآيات وحصر دعواتها المنتصرة للعقل داخل مجالات معينة يعتبر الخروج عنها مروقا يعاقب عليه بالتفسيق والتكفير، والتاريخ يعطينا أمثلة كثيرة عن هكذا حالات من التكفير الذي لحق بالكتاب والفنانين وحتى رجال الدين النتيجة أن مقولة: من تمنطق تزندقمازالت تحكم فكرنا بشكل ينفي العقل إلى الزوايا المظلمة ويفسح المجال للنص الديني بفهمه الظاهر والسطحي ليكون المرجع الوحيد لحياتنا مع أن هذه الحالة الغير سوية هي تجاوز للنص الديني في حد ذاته الذي يدعوا لإعمال العقل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
2 تعليق على "الفلسفة ضحية إلغاء العقل لصالح المرجعية النصية"
مساء الخير أخي عمار
أعتقد أن التطرف الديني والفكري كلاهما وليد رفض أهل النقل لكل من أهل العقل ..ففكرة أنه إذا حضر هذا غاب ذاك أوقع المسلمين في إحراج لتقبل ثقافات أخرى أو أفكار ليس بالضرورة منتجيها من المسلمين والاكثر احراجا حين نجد أن الحقيقة ليست أبدا ملكا مطلقا لنا فقط لأننا نؤمن بالله ...
إن هذا الاشكال لن يحل الا بجيل جديد من المتعبين من اغراقنا في نظرة الدين المتطرفة وأعني بذلك جيلنا الذي بات يدرك تماما أن الفكر الاسلامي الذي يعتمد على النص فقط ورفض العقل برمته هو شيء من الوهم ..
أتمنى ان لا يطول الوقت حتى أجدك تكتب مقالا جديدا تقول فيه : وهاقد انتصرت نظرية ابن رشد "
تحياتي الخالصة ومودتي
زبيدة
عزيزتي زبيدة
ممكن ابن رشد انتصر على المستوى النخبوي لذا فئات معينة من انصار العقل
من المفكرين الذين يبحثون بجدية عن مخرج من المازق الحضاري الذي نعيشه كامة على مشارف الخروج من التاريخ بسبب حالة التخلف المزري التي تعيشها
ولكن يظل هؤلاء العقلانيين الحالمين بدور فعال للعقل في الثقافة العربية وفي المجتمع العربي عموما
معزولين عن التاثير الاجتماعي وفاقدين للقدرة غعلى التأثير
هذا مظهر آخر من مظاهر ازمة المثقف العربي
انه غير متجدر اجتماعيا بشكل يسمح له بنشر افكاره
في حين ان الخطابات الدينية تهيمن على الساحة
وتوجه عقول الناس لتبني اكثر الافكار انغلاقا
لو تلاحظين فقط النقاشات التي تحدث عبر القنوات الفضائية ستأخذين فكرة عن طبيعة اصحاب الراي الذين يهيمنون على المنابر الاعلامية وكيف انهم يتجاوزن العقلانية لصالح خطابات جاهزة منذ الف واربعة مائة سنة لم تتجدد بالشكل الكافي الذي يسمح لها بان تكون فعهالة في مجتمعنا
تحياتي الخالصة
وكل الود والمحبة لك على حضورك الدائم والبهي
يبدو ان مدونتي هذه هي مكان خلوة بيننا
لا احد يعلق عليها سواك
وانا سعيد بهذا الحضور الاستثنائي دوما
أترك تعليقا