السبت، أبريل 11، 2009

النظام الأبوي وتوظيف الشرف كآلية قمع

بتاريخ 5:09 م بواسطة عمار بن طوبال

أظن أن تحرير المرأة يبدأ من تحرير المجتمع فالمجتمع العربي كله مستعبد الرجل والمرأة. الرجل مستعبد اقتصاديا وسياسيا. فالزوج يتعرض للاهانة في الخارج، اهانة نظام سياسي حرمه حقه حتى في الكلام واهانة نظام اقتصادي يعمل على تفقير الطبقة الوسطى أكثر فأكثر، وهذا الزوج نفسه يستعبد زوجته كنوع من إثبات الرجولة والفحولة المسلوبة خارج البيت، انه ظالم ومظلوم في الوقت نفسه.
ولتوضيح هذه الفكرة نعود إلى ما كتبه الدكتور هشام شرابي ( 1927 – 2005 ) وخصوصا كتابه النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي ، انه كتاب ومن خلال المفاهيم الموظفة يقدم وصفا وتحليلا مذهلا لإشكالية تخلف المجتمع العربي وكيف عملت الأبوية والأبوية المستحدثة على استعباد أفراد المجتمع ( رجال ونساء ) لصالح أب متعالي عن النقد والمحاسبة ممثلا في النظام السياسي بداية من رئيس الدولة إلى شيخ القبيلة إلى رب الأسرة، أبوية تضطهد المرأة في المستوى الأدنى للاضطهاد بوسائل جد ذكية لأنها قادرة على إعادة إنتاج نفسها بشكل لا مرئي حيث تعمل آليات الأبوية على جعل المرأة هي من تساهم في اضطهاد المرأة، الأم تقمع وعي ابنتها حين تشربها قيم الخضوع والتسليم بالمكتوب وتقديس الرجل ( الأب / الأخ / الزوج / الحمو…) قائمة طويلة من الرجال الذين يجب أن تخضع لهم المرأة، هذه المرأة نفسها تكون في وضع المتسلط حين تبلغ مكانة معينة، تلك المكانة التي يوصلها إليها الزمن وليس قدراتها الذهنية ولا وضعها الاجتماعي، عندما تكون أما وحماة فهي تمارس قمعها وأبويتها بذهنية ذكورية لا معلن عنها على بناتها وزوجات أبناءها من خلال قيامها بدور حارسة القيم ، قيم الشرف والأخلاق التي تستعبد المرأة باسمها ( ونتيجة هذا التوظيف الذكي لمبررات القمع من خلال ربط القمع بالمحافظة على الأخلاق والقيم النبيلة، يخضع له الأفراد دون قدرة ولا رغبة في التمرد عليه، لأن من يتمرد على الأخلاق والشرف وكل القيم النبيلة سيكون في نظر المجتمع مارقا وهي تهمة كفيلة بتحطيم حياة الإنسان العربي المسكون بحضور الجماعة بداخله)
فالمرأة على اعتبار أنها حاملة قيمة الشرف بالنسبة للعائلة والعشيرة تحمل مسؤولية حفظ الشرف، ونحن حين نقارب مفهوم الشرف نلاحظ فرقا مهما فيما يتصل بهذا المفهوم لدى كل من الرجل والمرأة، وهو أن الشرف قيمة معنوية بالنسبة للرجل يتمثل النبل والشهامة والأخلاق القويمة في حين نجد أن الشرف يتجلى كقيمة مادية بالنسبة للمرأة تتمثل أساسا في عذريتها وهي بنت وفي فرجها عموما وهي امرأة.ازدواجية القيم هذه هي آليات استعباد تنتج ويعاد إنتاجها عن طريق تلك الأبوية المحدثة التي تكلم عنها الراحل هشام شرابي .
وقد أنتجت هذه الأبوية التي تتحكم في الواقع الاجتماعي والقيمي للمجتمع العربي مجموعة قيم مغلوطة يتم قبولها بتسليم سلبي من طرف أفراد المجتمع، حيث أن أهم ما يميز المجتمع العربي هو غياب المعارضة كفعل تغييري اتجاه الواقع، إن عنصر المعارضة مفقود أيضا بسبب موانع ترجع إلى الشعور الجمعي، كالأخوّة الكاذبة، والتديّن التمظهراتي، والاتجاه الأخلاقاوي الساذج، والقائم على تقسيم الناس إلى فاعلين ومنفعلين وسادة ومسودين وفقا للرؤية الأبوية، سواء في المجال السياسي الذي يعتبر مثالا يحتدا بالنسبة للمجالات الأخرى، أو في المجالات الادني المقتدية بالمجال السياسي في تبني ممارسات قمعية و اقصائية اتجاه الأغلبية. ومن هنا فإن فقدان المعارضة الحقيقية على المستوى السياسي في هرم السلطة هو نتاج لغياب المعارضات داخل الأسرة، والاضطهاد السياسي الذي يعانيه أفراد المجتمع العربي بشتى إشكاله من خلال غلق المجال السياسي واحتكاره من طرف عصبة معينة، ما هو إلا انعكاس للاضطهاد الحاصل على المستويات الدنيا للممارسة السياسية في الأسرة وفي مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تهمش المرأة
( رغم استحضارها الدائم كديكور ) وتسطح وعي الأفراد من خلال تشريبهم قيم الخضوع والتسليم بما يفرض عليهم وما يقدم لهم دون معارضة.
وغياب المعارضة ناتج بالأساس عن غياب النقد، وهذا الغياب للوعي النقدي ناتج عن قصور العملية التربوية والتعليمية، فباعتبار المدرسة واحدة من المؤسسات الايدولوجية للدولة ووسيلة هيمنة توظفها الفئات المهيمنة والمتسلطة، فإن التعليم قد ساهم ومن خلال مناهجه ( المنتقاة بعناية ) في تسطيح الوعي النقدي لدى أفراد المجتمع، لان الوعي النقدي يعني أساسا انخراط الفرد في عمليات التحويل والتغيير في مجتمعه، من خلال تفكيك تلك القيم والمفاهيم المغلوطة واستبدالها بقيم ايجابية تساهم في رقي المجتمع دون إقصاء أو تهميش.

2 تعليق على "النظام الأبوي وتوظيف الشرف كآلية قمع"

.
gravatar
زبيدة موساوي يقول....

السلام عليكم
فرصة سعيدة جدا التي قادتني لمدونتك هاته أخي كريم أو أقول عمار ههههه.
لا أدري ما علاقتك اذن باسم كريم الجزائري مع العلم أني لا أحبذ أبدا النشر بأسماء مستعارة ..أحس أن الكلام فيها غير مسؤول ...
اسمك الحقيقي أيضا ذكرني بخالد بن طوبال ؛ في رواية رصيف الأزهار لا يجيب وفي ثلاثية أحلام مستغانمي ...
عموما طابع مدونتك هنا يثير الاعجاب والاحترام وأرى أنك شجعتني بشكل ما على فتح مدونة في هذا الفضاء لكن ربما سأجعلها خاصة بالقصة فقط ..
بالنسبة للموضوع المطروح فقد علقت عليه في مدونتك على مكتوب ..
تحياتي الخالصة
زبيدة

.
gravatar
عمار بن طوبال يقول....

الصديقة العزيزة زبيدة

حكاية اسم كريم الجزائري كانت من الصدف التي التصقت بي

ووجدت نفسي اتورط فيها

اسمي الحقيقي عمار بن طوبال

كل من يعرف اسمي يربطه بخالط بن بطل ثلاثة احلام

مستغانمي وقليلون من يسافرون اعمق في تاريخ الابداع

الجزائري ويذكرون خالد بن طوبال بطل مالك حداد رغم

ان احلام استعارت شخصية خالد بن طوبال من مالك حداد

الذي تعتبره استاذها

البعض ممن لا يهتمون بالادب يبربطون اسمي بلخضر بن

طوبال

ولكني دائما احب ان اكون بعيدا عن اي ارتباطات

واحالات

ذات مرة سالني استاذ بالجامعة عن القرابة بيني وبين

لخضر بن طوبال ورغم وجود قرابة فعلية بيننا غير اني

اجبت بانه مجرد تشابه في الالقاب فقط

اما اسم كريم الجزائري

فكريم هو اسمي غير الرسمي التصق بي لاحد الزملاء كان

يناديني دائما به رغم تاكيدي له ان لا علاقة باسم كريم

ولكن بعد شهور فقط وجدت اكثرية الزملاء ينادونني

بكريم تاثرا بذلك الصديق الاجتماعي جدا والثرثار جدا

ايضا

لهذا حين انشات مدونتي عبر مكتوب اخترت اسم كريم ربما لاني

لم اكن انوي الاستمراترية في التدوين لحظة فتح المدونة

الامر تغير لاحقا ولكن اسم كريم ظل علامة على مدونتي

فكرت بتغييره مرارا ولكن .........

شكرا لتواجدك الدائم

وتفاعلك مع ما اكتب

تحياتي

أترك تعليقا

conter