السبت، مارس 28، 2009

كيف نتعامل مع تراثنا؟!!!

بتاريخ 11:28 م بواسطة عمار بن طوبال


بداية علينا التأكيد على نقطة مهمة وهي انه لا تقديس للتراث بما انه نتاج مجهود بشري لأن التقديس يتعلق بالقرآن وما صح من الأحاديث النبوية فقط، أما طريقة فهم الوحي والسنة وما أنتج حولها من خطابات فقهية فهي محاولات بشرية يعتريها كل ما يعتري أي مجهود بشري من علات وتظل محتملة للخطأ ونسبية في صحتها.أما كيف نتعامل مع التراث بالرفض أم بالقبول أم بالتمحيص هنا أعود لفكرة رائعة أوردها محمد عابد الجابري في كتابه " نحن والتراث " حيث يقوم التعامل مع التراث على أساسين هما الوصل والفصل.الوصل هو أن نقرأ تراثنا قراءة تاريخية أي نحاول فهم الظروف التي واجدته بذاك الشكل من خلال دراسة الظروف السوسيو تاريخية السائدة في فترة إنتاج الخطاب الذي صار بالنسبة لنا تراثا، في حين أن الفصل يتمثل في القراءة التاريخانية ،أي تناول هذا التراث انطلاقا من واقعنا نحن مع اخذ بعين الاعتبار كل التغيرات التي لحقت به خلال رحلته التاريخية منذ لحظة إنتاجه إلى لحظتنا الراهنة.ومن خلال القراءتين اللتين اقترحهما الجابري وهو هنا يعتمد على المنهج الاركيولوجي أو حفريات المعرفة، نستطيع وضع التراث في داخل إطار واضح ومحدد المعالم على أساسه نستطيع التعامل معه دون انبهار ودون تبخيس لجهود السابقين، أي أننا نكون قادرين على النظر إليه نظرة علمية وعقلانية بعيدا عن النظرات الشوفينية التي يتقنها المتطرفون من الطرفين، طرف الرفض التام وطرف القبول التام.فالرفض والقبول بما وصلنا من تراث عربي أو إنساني بصفة عامة ليست هي القضية التي يجب أن تشغلنا لأنها أمر ثانوي تم تحويله إلى مركز اهتمام حوّل التراث إلى سلاح، وشحنه بجرعة تناحرية بين جموع المتعاطين معه بالرفض والقبول.إنما شغلنا الأساسي هو ضرورة التركيز على فهم عميق للتراث باعتباره جهد إنساني وباعتبار الظروف المنتجة له، وهذا عمل لم ينجز بعد رغم كثرة المشتغلين بحقل الدارسات الإسلامية، ما عدا اسنتثناءات نادرة ولكنها لامعة على غرارالمجهود المهم الذي قام به محمد اركون من خلال منهجيته الموسومة بالإسلاميات التطبيقية، حيث عمل على تناول الخطابات الإسلامية ما بعد المدرسية وخصوصا لدى مسكويه وابو حيان التوحيدي موظفا المناهج الحديثة في مساءلة التراث وفك السياج الدوغماتي المغلق الذي يحيطها بهالة كبيرة من التقديس. ربما نحن الآن بحاجة للعودة إلى محمد اركون أكثر من أي وقت مضى بغية استلهام منهجيته في الدراسات الإسلامية التي لا يزال يشتغل عليها بصبر كبير، لما لها من فائدة جمة في مساءلة التراث وفهمه الفهم الأصح ، وهذا الفهم كما يؤكد الجابري مرة أخرى، هو ما يحدث طريقة تعاملنا معه بعيدا عن أي تقديس أو تسفيه

ردود على "كيف نتعامل مع تراثنا؟!!!"

أترك تعليقا

conter