الخميس، سبتمبر 25، 2008

إمكانية الحوار السلفي العلماني؟؟

بتاريخ 3:30 ص بواسطة عمار بن طوبال

في محاضرته بالمكتبة الوطنية الجزائرية بداية هذا الأسبوع، دعا المفكر المصري حسن حنفي لضرورة إيجاد طريق ثالث، يكون قادرا على إيجاد نقاط التقاء بين السلفيين والعلمانيين العرب، دعوة حسن حنفي المسيجة بالكثير من حسن النية، لم تكن قادرة بحسب الردود الأولية عليها من توفير جو من الاستعداد المتبادل لقبولها، رغم ما حملته من رؤية علمية ومعرفية عميقة، نظرا لما يتسم به الدكتور حنفي من قدرة على مقاربة موضوع شائك كهذا، موضوع العلاقة المتشنجة بين العلمانيين والسلفيين، الذين يمتد بينهما تاريخ طويل من اللاتفاهم والريبة والشك المتبادل.
فهل حان الوقت لتجاوز هذ
ا التاريخ المرير الذي سالت فيه دماء، وحبرت حوله ألاف الأوراق، ورهن مستقبل الأمة بين تيارين لا مجال لالتقائهما، نظرا للمرجعيات المتضاربة التي ينهل كل واحد منها، حسن حنفي أكد في محاضرته انه لا فرق جوهري بين التيارين، فحين يقول السلفي مثلا: الحلال والحرام، يقول العلماني: النافع والضار. وكلا الامرين يؤديان معاني متقاربة في الدلالة، غير ان الاول يحيل على المقدس في حين يحيل الثاني على الواقعي والدنيوي.
هنا يرى حسن حنفي صاحب كتاب " اليسار الإسلامي والوحدة الوطنية " أن تلك الخلافات ليست جوهرية ولا عميقة بالشكل الذي يتصوره البعض، إنما هي من الاختلاف الذي جعله الله رحمة بين المسلمين، أي من ذلك النوع من الاختلاف الذي يمكن إذا نحن قدرنا على إدارته بالشكل الذي يخدم قضايانا المصيرية أن يكون نافعا وذا جدوى في حركة النهوض الحضاري، على عكس ما هو عليه الآن، حيث يمثل هذا الاختلاف الجذري في الرؤى عقبة أمام إيجاد توافق ولو نسبي بين النخب الوطنية، على الاختيارات والأولويات الأساسية للأمة.حيث يقول حنفي في مقال له حول نفس الموضوع بموقع قناة العربية:
" إن الخصومة الدائرة الآن بين السلفيين والعلمانيين إنما تساهم في تفتيت الأوطان من الداخل، وهي في أشد الحاجة إلى التمسك بالوحدة ضد مخاطر التفتيت من الخارج، والوقوف أمام المخطط الأميركي الصهيوني لتفتيت الأوطان... والصراع بين السلفيين والعلمانيين في حقيقته ليس صراعاً فكرياً. فهناك سلفية علمانية وهناك علمانية سلفية. هو صراع على السلطة، ونيل الحظوة لدى الحاكم، والتسرب إلى أجهزة الدولة ومَواطن السلطة فيها اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية بل وقضائية ".
إذن، هل هو صراع مفتعل يتخذ من الفكري ساحة له، في حين أن حقيقته هي صراع حول مغانم معينة يسعى إليها كل طرف، أم أن طرح الدكتور حنفي جانب الصواب، وركز على نقاط التقارب التي ذكر الكثير منها في محاضرته سالفة الذكر، وتجاهل نقاط الاختلاف الجوهرية التي تجعل كل طرف من طرفي الخصومة يرى نفسه ضحية لاستبداد الآخر.
إن التاريخ العربي الحديث يعطينا أمثلة كثيرة لتسلط كل تيار على الآخر حين تتاح له الفرصة لفعل ذلك، اليساريون العلمانيون في بداية الستينات وحتى سبعينيات القرن الماضي حين كانت الدولة اشتراكية تميل إلى العلمانية الغير معلنة، وحين كانت لهم يد ممدودة من والى السلطة السياسية، ضيقوا على الإسلاميين واضطهدوهم في مصر والجزائر وسوريا وتونس والمغرب، وغيرهم من الأقطار العربية، ولكن حين دارت الدائرة وأبان التيار الإسلامي السلفي عن قوته بداية من الثمانينيات واستطاع احتلال الشارع ومنابر صناعة الرأي العام الإعلامية، فعل الشيء نفسه ضد خصومه، ربما تطرف السلفيون، أو جماعة متطرفة منهم إلى درجة ممارسة العنف والتصفية الجسدية ضد العلمانيين بتهم جاهزة تحيل على الكفر والزندقة والإلحاد، ولكن كما يقول حسن حنفي هناك علمانية سلفية كما أن هناك سلفية قريبة من العلمانية في إيمانها بالعلم والعقل.

إذن، مالذي يمنعنا نحن العرب أن نسلك الطريق الثالثة التي دعا إليها الدكتور حسن حنفي، وهي طريق الحوار والتقارب، بدل انغلاق كل طرف على يقينياته، وغلقه أبواب حصونه أمام الآخر وكأن لا خطر آخر يتهدده غير الخصم السلفي أو العلماني.
الردود الأولى على محاضرة الدكتور حسن حنفي بالمكتبة الوطنية الجزائرية أتت سريعا من طرف العلمانيين في الجزائر في حين لزم الطرف الآخر الصمت كعادته وكأن الأمر لا يعنيه؛ حيث كتبت آسيا موساي بملحق الثقافي لجريدة الجزائر نيوز: الأثر: إن على العلمانيين أن يكتشفوا الإسلام بأنفسهم بغية تجاوز القراءات التي قدمها السلفيون للإسلام وهي قراءات بعيدة كل البعد عن الواقع كما تقول موساي، نفس الرأي أبداه الروائي ورئيس تحرير ملحق الأثر بشير مفتي، وهو واحد من العلمانيين الشباب والحداثيين الدين يملكون تأثيرا وسحرا على جيل المثقفين الشباب في الجزائر سواء من خلال نتاجاته الروائية أو من خلال رابطة كتاب الاختلاف التي يشرف عليها رفقة آسيا موساي، بشير مفتي خلص إلى نتيجة واحدة من محاضرة الدكتور حنفي، وهي انه لم يجد نفسه في كل ما قاله الدكتور حنفي.
والنتيجة التي يمكن أن نخلص إليها من دعوة الدكتور حنفي لطريق ثالثة تجمع العلمانيين والسلفيين، وردود الفعل التي أثارتها على المستوى الفكري هي انه لا احد من الطرفين يريد التنازل للآخر ولا حتى تقبله بالصيغة التي هو عليها.

ردود على "إمكانية الحوار السلفي العلماني؟؟"

أترك تعليقا

conter