السبت، مارس 25، 2017
وجاهة العائلة
بتاريخ 10:55 م بواسطة عمار بن طوبال
تكتسب
العائلة وجاهتها من ماضيها، وهو الذي يموضعها على مقربة من السلطة ومصادرها،
ويمنحها سلطة حقيقة إزاء محيطها القريب الذي يتطلع إليها باحترام وطمع، ولكن
الماضي وحده إذا لم يشتغل على تعزيزه باستمراره فهو غالبا ما يتحول إلى عبء ووهم
لدى أفراد لا يصدقون عادة أن العز التليد لم يعد سوى أخبار غابرة يتداولها كبار
السن بأسى. تعزيزا لذلك الماضي تتجه العائلات العريقة إلى الاستثمار في أبنائها
عبر توجيهم إلى حيث يمكن أن يكونوا ذوو نفوذ وتأثير. في الجزائر المستعمرة كان
توجيه ابن على الأقل لمواصلة التعليم وتحصيل أعلى الشهادات يعد استراتجية متبعة من
قبل العائلات العريقة التي غالبا ما توجه
ابنا آخر نحو التجارة للحفاظ على الوضع الاقتصادي للعائلة وعزيزا لاستقلالها
المادي، كما أنها غالبا ما تدفع بابن اخر ليكون موظفا حكوميا، كي يذوذ عن العائلة أزاء السلطة/ الدولة، لهذا نجد عدد
كبير من العائلات العريقة في الجزائر قد دفعت بأحد أبنائها إلى الانضمام للثورة
وبابن آخر ليكون مجندا في الجيس الفرنسي كنوع من الاستراتجية التي تضمن لها أن تكون في صف المنتصر دوما، فرانز فانون تكلم
عن الذين انضموا إلى صفوف حزب وجيش التحرير عشية الاستقلال والذين اكدو بسلوكهم
ذاك إن هذا الانضمام ليس له هدف سوى انتزاع قطعة من الكعكة بعد الاستقلال، والحفاظ
على المكانة الاجتماعية وتعزيزها رغم قوة التغير الاجتماعي الحاصل نتيجة زوال
النظام الاستعماري الذي وجدت في ظله تلك المكانة.
في الجزائر المستقلة، ونتيجة خطابات المساواة التي جعلت من الشعب كله
" أبناء الزوالية"، عائلات قليلة فقط ظلت تعمل على التمكين لابنائها من أجل ان يكون لهم سلطة،
وبالتالي تظل، أو تنخلق للعائلة سلطة ووجاهة ومكانة اجتماعية، مع تغير مسببات السلطة والوجاهة الاجتماعية للعائلات
الجزائرية التي فقد فيها العلم مكانته تماما فلم تعد العائلة تعتبر ذات وجاهة
ومكانة لمجرد ان احد ابنائها معلم، كاتب أو استاذ جامعي أو حتى رجل دين، فالعلم
والثقافة قد تراجعا بشكل كامل للخلف وتركا للعائلات المنتمية للفئات الدنيا التي
تسعى للارتقاد، وفي احسن الحالات فالعلم والثقافة هو مجال تنافس ابناء الطبقة
الوسطى الذين لا يطمحون سوى في مستوى عيش لائق دون طموحات تتجاوز تحسين الوضع
الاقتصادي مقارنة بباقي ابناء الزوالية، اما العائلات التي تسعى لتكون ذات وضع امتيازي،
وهي تلك العائلات التي تنظر للدولة كهدف تسعى للاقتراب منه رغم توجسها الكبير من
النظام الذي طالما لفظ الوافدين الجدد بعد انتهاء فترة خدمتهم، فهي عائلات تسعى
لتعزيز وضعها الاقتصادي من خلال التجارة، حيث غالبا ما يكون احد افرادها من الذين يمارسون التجارة، ليست تجارة الحوانيت
التي تسد الرمق بالكاد، إنما ذلك النوع من البيزنيس الذي يحتاج إلى توظيف شبكة
علاقات واسعة لاجل تسييره بسلاسة، ولهذا فوجود أحد أبناء العائلة ضمن سلك الجيش أو
الأمن يعد امرا ضروريا بنفس القدر الذي تحتاج فيه هذه العائلة للدفع بأحد ابنائها
نحو الارتقاء المهني ضمن الوظيفة العمومية، وتحسبا لتقلبات الزمن، فإن وجود فرد
آخر من العائلة بالخارج ويفضل امتلاكه للجنسية، يعتبر امرا محمودا ضمن استراتجيات
تحقيق الوجاهة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ردود على "وجاهة العائلة"
أترك تعليقا