السبت، أغسطس 03، 2013

الصوم كطقس اجتماعي

بتاريخ 11:55 م بواسطة عمار بن طوبال





لطالما كان صوم رمضان دليل انتماء الفرد الروحي والأخلاقي للجماعة في المجتمع الجزائري الذي يربط إسلام الفرد فيه بصوم رمضان أكثر من أية فريضة دينية اخرى، فيمكن لأي فرد في مجتمعنا ان يكون تارك صلاة وناكر زكاة ورافض حج ولو على مقدرة، وأن يسكر جهارا ويفاخر بزناه، دون ان يلقى استهجانا حادا كالذي يلقاه إذا جاهر بإفطار رمضان. لأن المجتمع الجزائري، بإسلامه الشعبي الذي لا يأبه كثيرا بأحكام واجتهادات الفقهاء في جزئيات الدين، ظل مجتمعا له مقدساته الدينية الخاصة التي ينتقيها من ضمن مجموعة مقدسات اسلامية عامة، ويؤكد عليها، ولعل أبرزها الصوم الذي يعتبر دليل بلوغ الذكر المسلم ودخوله فئة المكلفين، لهذا غالبا ما كانت الأسرة تحتفل بالصوم الاول للذكر كاحتفالية بطقس من طقوس العبور نحو فئة جديدة تعزز انتماءه للجماعة وترسخ تمسكه بقيمها واخلاقياتها.
وكان الخروج عن الجماعة من طرف بعض المارقين وقطاع الطرق غالبا ما يعلن بتصرفات تسفه قيم الجماعة، لعل أبرزها الجهر بإفطار رمضان كإعلان لفك الارتباط بالجماعة وقيمها ومقدساتها، وهو ميزة قطاع الطرق وشذاذ الآفاق والمشتردين والمنبوذين. كما أن إفطار رمضان من طرف بعض الشباب الطائش ولو سرا، وذلك ما يحدث غالبا، يكون مدعاة لاستهجان جماعي وشعور أهل المفطر بالعار، وهو بداية قطيعة بين الجماعة والمفطر، تصل غالبا إلى قطيعة حادة ونبذ للمفطر في حالة اصراراه على تسفيه مقدسات الجماعة بشكل علني.
إن الصوم في المجتمع الجزائري ليس مجرد فريضة دينية بمقدار ما هو طقس اجتماعي ذو دلالات رمزية عميقة مرتبطة بالهوية وبالانتماء، رغم أن سطوة الكثير من الطقوس الاجتماعية على النفوس، قد بدأت تخف وتتلاشيء تدريجيا نتجية التحولات العميقة التي عرفها المجتمع خلال العشريات الاخيرة، خاصة في المدن وضواحيها حيث نشهد تفتيت مستمتر للأسرة الممتدة التي تعتبر حاملة لقيم ومعاني تلك الطقوس وحارسة لها.
يبقى الصوم في المجتمع الجزائري ومجتمعات المغرب العربي عموما هو القيمة الإسلامية الأعلى شأنا، واكثر ما يتمسك به الفرد والجماعة من قيم الدين الإسلامي الحنيف، على عكس المجتمعات المشرقية التي تقدم الصلاة على الصوم.

4 تعليق على "الصوم كطقس اجتماعي"

.
gravatar
عمار بن طوبال يقول....

الإفطار العلني

أن تفطر بالخطأ او دون أعلان وجهر فذلك أمر شخصي متعلق بقناعاتك وإيمانك ولا دخل لأي كان في الامر قبولا او رفضا أو تشنيعا، باعتبار الأمر حرية شخصية، لكن ان تفطر رمضان علنا وبشكل جماعي هنا يخرج الأمر عن الفعل الشخصي كما أن الامر غير متعلق بالحكم الشرعي للإفطار الذي لا خلاف فيه بالنسبة للمقتنعين به.
الأمر هنا متعلق بتسفيه معتقدات الآخرين من خلال افطار جماعي معد له مسبقا، أي ان القضية اجتماعية أساسا أكثر من كونها دينية كما يريد البعض تصويرها ، فنحن كجزائريين لرمضان عندنا حرمة اجتماعية كبيرة تتجاوز ما له من حرمة دينية، إنه مقدم على الصلاة والحج والزكاة والجهاد وكل الفرائض الأخرى، حيث ان المجتمع الجزائري يقبل إنتساب الفرد إلى جماعة المسلمين البالغين المكلفين ( أي المسؤولين ) من خلال صوم رمضان، فنحن كجزائريين لا نستنكر ترك الصلاة وقد لا ننتبه أصلا لتارك الصلاة، لكننا نستنفر أمام الإفطار المتعمد لرمضان، خاصة إذا كان بالشكل الذي قام به بعض الأفراد في بجاية وتيزي وزو، لان فيه إعلان عن فك ارتباط بالجماعة، كما ان الفعل ينم عن تحدي سافر لإيمان ويقينيات الناس البسطاء الذين لا هم فقهاء في الدين ولا عارفين بأحكام الصيام الدقيقة، إنما يمارسون تدينهم ببساطة العجائز، وهذا الاستفزاز المرفوض هو الذي جعل الكثير من الجزائريين يستنكرون الفعل، لانهم ليس بإمكانهم تصنع اللامبالاة أو البحث عن تفسيرات فقهية لفعل اجتماعي له معنى اكبر من معناه المحدد دينيا.

https://www.facebook.com/ammar.bentoubal/posts/10201656318436705?comment_id=6726528&notif_t=like

.
gravatar
عمار بن طوبال يقول....

الصوم لله من منظور ديني محض وهذا لا يعنينا في شيء هنا، لكن تصورنا كجزائريين لرمضان مغاير لذلك تماما، فهو طقس اجتماعي يعبر عن انتماء الفرد للجماعة، وبداية الصوم بالنسبة للفرد البالغ لها احتفاليات استقبالية خاصة باعتبارها طقس من طقوس العبور، أي العبور تحو الانتماء للجماعة، لهذا فالإفطار هنا الذي هو فعل فردي حر تماما، حين خرج للعلن وبشكل جماعي تحول إلى استفزاز لمشاعر الجماعة بشكل يحدث شرخا اجتماعيا في البنيان الاجتماعي، وهنا مكمن خطورته. وكل الافعال التي تهدد الانسجام الاجتماعي بشكل جماعي ومعلن هناك قوانين تردع غلواء الاستفزاز، وهذا في أكثر المجتمعات حرية وتحررا وتثمينا لقيم الفردانية، في امريكا وفرنسا وبريطانيا والهند واسرائيل وكل الدول تقريبا هناك قوانين خاصة لردع تطرف النزعات المستفزة لمشاعر المواطنين.

.
gravatar
عمار بن طوبال يقول....

ان نصوم في ايام اخرى والغير مفطرين فذلك صيام تطوعي، ونحن نتحدث عن رمضان وليس عن الصوم، فالحرمة المستوجبة للاستفزاز متعلقة برمضان وليس بالصوم بشكل مطلق لان الصوم يحدث في غير رمضان وهو ليس حكرا على دين معين، انا شرحت كيف أن صوم رمضان طقس اجتماعي أكثر منه دينيا وهو مرتبط برمزية جليلة لدى الانسان الجزائري تجعله اعلى مرتبة من الصلاة والزكاة وكل الفروض الاخرى مجتمعة، وهذا مصدر الاستفزاز، أن ياتي شخص ينتمي إليك ويقول لك ان ما تعتبره رمزا كونك مسلما عاقلا بالغا مكلفا، لا يعنيني في شيء، رغم أنه وباعتباره بالغا وصائم سابق ( علنا على الاقل ) قد انتمى لرمزية الطقس الذي تعتز انت به وتعتبره عتبة انتماء لجماعة المسلمين، ثم أتى وتراجع عن الأمر بأن سفه تلك الرمزية بالدوس عليها علنا وبشكل جماعي، هذا هو منبع التهديد لانسجام الجماعة، وهو سر الاستفزاز الذي يشعر به الكثيرون ازاء هذا الفعل. ألم تسأل نفسك لماذا لا احد ينتبه لمن لا يصلي ولمن يشرب الخمر، لأن تلك السلوكيات لا تمتلك نفس رمزية صوم رمضان، في المشرق للصلاة رمزية أكبر بكثير من الصوم، ولهذا ما كانوا ليستنفروا لو حدث نفس الشيء معهم،

.
gravatar
غير معرف يقول....

لماذا نموت.
لماذا مات أبي.
لماذا موتك محتوم.

أترك تعليقا

conter