الثلاثاء، ديسمبر 04، 2012
المرأة التي نتخيلها تتعرى فوق الورق
بتاريخ 9:10 م بواسطة عمار بن طوبال
تكتب المرأة العربية بالفياغرا
حين تستدعي حرية لا تمتلكها في واقعها، ولا يقرها لها مجتمعها، والرجل العربي، مهما
أدعى التحرر، يريدها أن تتعرى له فوق الورق، إنه يبحث عن "قحبة" تقول له
" هيت لك "، توقظ تهويماته الجنسية، تشعلها، وتشعشعها، بين الحرف والفاصلة،
يبحث الرجل عن آهة أنثى، وعن غمزة عيون كحيلة، وشفاه تتزين بالأحمر. لهذا فكل كاتبة
عربية تقارب الجسد، وتستحضر الجنس في نصوصها، يراها الرجل العربي، القارئ العادي، أو
المثقف والناقد، مجرد فتاة ملهى تمارس الستريبتزيم على عمود الشعر، أو تتلوى كأفعى
هندية فوق البساطات المخملية، وهو لا يرغب أن يجد منها غير هذا، فهي في نظرته
المسبقة ناقصة العقل والدين التي لا تأتي في الأدب بجديد ولا في توليد الأفكار
بلامعة. المرأة الكاتبة في نظرنا نحن الرجال الباحثين عن متعة حسية في نصوصها،
ليست، مهما أبدعت، سوى صور وخيالات تشتهى ليلا، هي شهرزاد الليالي التي لا تنتهي،
بعد أن تفرغ من الحكي المباح تتعرى فوق سرير الرغبة مترجمة سحر الحكي إلى سحر آخر؛
يعرفه جسدان يجمعهما العري فوق الفراش.
لم
نستطع رغم تسارع التحديث القسري الذي فرض علينا منذ التقاءنا الحضاري بالغرب، أن
نتخلص من القيم اللصيقة بروحنا البدوية، ولعل أهم تلك القيم وأكثرها تأثيرا في
تحديد سلوكياتنا اليومية وتوجيه أفكارنا وما يصدر عنا من أقوال، قيمة الشرف بمعناه
المادي المرتبط بالمرأة، وبجسدها تحديدا، إن الشرف الحريمي قيمة مركزية في فكرنا،
وهو موضوع صراع بين العلمانيين والإسلاميين، مازالت فيه الغلبة لصالح التيار
الأكثر انغلاقا على الذات والأكثر احتماء بالقيم الجوهرية في تكويننا الممتد على
مدار 14 قرنا. وأعتقد أنه ورغم التفتيح القسري للذهنيات الذي تمارسه وسائل الاتصال
الحديثة على الأجيال العربية الصاعدة، ستضل الغلبة لصالح التمسك بهذه القيم
الاحتمائية التي لا يزال الفرد العربي ينظر إليها كمرجعية يبرزها في لحظات التوتر/
الإهتزاز القيمي الذي يستشعره في لحظات التصادم مع فكر أو قيم مغايرة، كتوكيد على
الأصالة والهوية والتجدر الحضاري.
إننا، وقد أخلفنا موعدنا مع التقدم،
وتنكرنا للحداثة التي نافح عنها رواد النهضة منذ قرن مضى، لا نملك، كتوكيد على
حضورنا في الأزمة الحديثة، سوى القيم المعنوية التي تجعلنا نتمايز عن الآخر،
تمايزا نراه لصالحنا، وخصوصا ونحن لا نكف عن اتهام ذلك الآخر، الذي تجاوزنا بتقدمه
المادي، بالخواء الروحي، مقابل امتلائنا بالدين الحق، وبالإباحية والإنحلال
والتفسخ الخلقي، مقابل ما نمتلكه نحن كأمة يتربى أبناؤها في المدارس على مقولة /
مسلمة: " إنما الأمم الأخلاق ". وهي قيم دفاعية/ احتمائية تلجأ إليها
الذات المهزومة لتطبيب جرحها النرجيسي ولتجاوز إحساسها العميق بالتخلف والدونية والذيلية
في قائمة بناة صرح الأزمنة الحديثة.
ونظرا للدور الكبير والخطير، والحضور
المنقطع النظير للأخلاق المرتبطة بالشرف، المرتبط، أيضا، وتحديدا بالمرأة، في واقعنا،
وتحول، هذه القيمة كما أسلفت إلى موضوع صراع بين نموذجيين فكريين وتصوريين
متابينين لمشروع المجتمع. فإن أي تعدي سافر على هذه القيمة الجوهرية يعرض من يتجرؤ
عليه إلى النبذ والتهميش، وخصوصا حين يأتي هذا التعدي من طرف المرأة: حاملة القيمة.
فإنه، وبسبب تصورنا للمرأة كموضوع لا كذات قادرة على الفعل المستقل، فإنه يستدعي
منا مباشرة استظهار قيمنا الدفاعية البارعة في توجيه التهم الجاهزة، وإلصاق
التيكيهات بكل من يجرؤ على قيمنا غير المرنة وغير القابلة للمساس بها. غالبا ما
تكون آلية عمل هذه القيم الدفاعية فعالة لأنها تمس جوهر حتى من يتعدى عليها، إن استضظهارها
الجمعي والعالي الصوت بشكل يشبه النفير الاستدفاعي، يحرجه، ويوقظ المجتمع الساكن
فيه بشكل يجعله يشعر بأنه معني بشكل من الأشكال
بتلك القيم التي قد تكون له عليها تحفظات لكنه عاجز عن التملص منها تماما.
إن
العجز الذي يجد الفرد نفسه إزاءه في مثل هكذا موقف ما هو إلا نتيجة لفاعلية آليات
الضبط الاجتماعي التي مازال يمتلكها المجتمع العربي المعزز بثقافة أبوية لم تضعفها
بعد التغيرات المتسارعة من حولنا وفي واقعنا، وهذا العجز الفردي عن الدفاع عن
الخروج على الجماعة وقيمها يبدو أكثر تجليا إذا ارتبط بالمرأة، وبالمرأة الكاتبة
موضوع مبتدأ حديثنا. إنها وإن كانت سليطة اللسان / القلم، فهي أيضا، وفي تصورنا الجمعي،
المهيضة الجناح، المنكسرة أو القابلة للإنكسار تحت ضغط مجتمع " يقحبها "
لمجرد أنها كتبت عن لحظة حميمية أحستها اتجاه جسدها، يفعل المجتمع ذلك اتجاه المرأة
الكاتبة عن طريق النقد الذكوري الذي غالبا ما يستل مشرط الفضيلة والشرف حين يتعامل
مع النصوص الأنثوية، وعن طريق القراءة المبتسرة والمشيئة التي تفرغ كل نص أنثوي من
روحه ومن عمقه، لتبحث فقط عن العشق والجسد داخله، لهذا فغالبا ما تبدأ الكاتبة
العربية ثائرة، أو واعدة بثورة، لكنها تنتهي زوجة بارعة في غسل الصحون، أو كاتبة
نصائح اجتماعية في شكل نصوص أدبية، لهذا فإن عملية القولبة التي تتعرض لها المرأة
الكاتبة والتي يبرع فيها المجتمع، تبدأ كما كتبت سهيلة بورزق: " تبدأ لدى الرجل بالغيرة لتنتهي بإعدام جميع نصوص
النساء بذريعة الشرف، فالشرف عندنا غصّة لا تنتهي وإن انقرضنا "، إنه قيمتنا
الجوهرية.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
4 تعليق على "المرأة التي نتخيلها تتعرى فوق الورق"
المرأة التي تتعرى فوق الورق هي التي تسمح لنفسها هذا التعري القبيح ، ولو أنها وقفت للمتعرى له بالمرصاد لما حكم عليها وأدانها ودنا من عريها فوق الفراش ايضا، عليها أن تعامله بالمثل وأن تعرف حقوقها وواجباتها وتدافع عن حقوقها المسلوبة قسرا ، فاذا هو عراها فوق الورق ، عليها أن تحاربه بالمثل فلتختمر فوق الفراش . ودمت
المرأة التي تتعرى فوق الورق هي التي تسمح لنفسها هذا التعري القبيح ، ولو أنها وقفت للمتعرى له بالمرصاد لما حكم عليها وأدانها ودنا من عريها فوق الفراش ايضا، عليها أن تعامله بالمثل وأن تعرف حقوقها وواجباتها وتدافع عن حقوقها المسلوبة قسرا ، فاذا هو عراها فوق الورق ، عليها أن تحاربه بالمثل فلتختمر فوق الفراش . وأنا امرأة طالما تعشقت المطالعة والكتابة شعرا ونثرا ، وانتقدت وحللت واأوعزت وأشرت ، لكن هيهات لي ، ما أن تصل الكلمكة او النص الا وكان مصيره التمزيق ويصبح منفاه ساة المهملات ، عانيت كثيرا وما زلت ، بسبب هذه النظريات المتخلفة التي تقمع أي نص يقول لا في مجتكعه الكابح وبيئته المشينة الغبية والمتخلفة والجبانة ، التي لاصقت البيئة الصحراوية القاسية لتصنع من جلدها وصخرها عقولا يابسة متحجرة لا تلين ، فطبيعة هذه الأفكار المقيتة انما هي ولادة صحراء لا ماء فيها الا نادرا ، فأنى لها أن تلين وكم من الماء هي بحاجة لان تلين .......... سؤال يقف حيران أمام رغبات النساء العربيات الحالمات ...!!
ندى S
مدونة رائعة اتمني زيارة موقعي
اخبار مكان
أخبار مصر و الشرق الأوسط و العالم مع تغطيات سياسية و رياضية واقتصادية
... كفيت ووفيت...
أترك تعليقا