الثلاثاء، يونيو 02، 2009

غزالة لروح مالك حداد

بتاريخ 6:46 م بواسطة عمار بن طوبال

قرأت مالك حداد بالعربية في " التلميذ والدرس"و"سأهبك غزالة"، ربما تهجيره للعربية التي التزم الصمت لعجزه عن الكتابة بها افقد النص المالكي بعض بريقه ووهجه. قرأته شعرا في ديوان" الشقاء في خطر".
ومالك حين يكتب الراوية يكتبها بنفس شعري حتى إنني لم أجد فرقا بين النص الروائي والنص الشعري عنده، اقصد لم أجد فرقا شاسعا فمالك هو نفسه حين يكتب شعرا وحين يكتب نثرا، هو الإنسان العاشق والمسكون برومانسية لا تنتهي وبعمق فكري قلما نجده عند جيله من الكتب رغم انه جايل العظماء مثل كاتب ياسين ومولود معمري وفرعون ومحمد ديب وآخرون، وقد تمايز عنهم بشفافيته المفرطة في كل ما كتب ، فمالك يكتب وكأنه يبوح بسر.
مالك ومن خلال بضعة سنوات فقط هي عمره الإبداعي استطاع قول الكثير ليركن بعدها لصمت رهيب ويدخل في حالة تشبه الانتحار.
ربما عرفته أكثر من خلال ما كتبه عنه شرف الدين شكري الذي يعتبر واحدا من المتخصصين في مالك حداد الذي لم نكتشفه بعد رغم أننا نستحضره كصنم
نحن لا نزال نستحضر مالك حداد إيديولوجيا، نستحضره من خلال مقولة " الفرنسية هي منفاي " دون أن ننتبه لنصه ونقرأه بالعمق والاهتمام الذي يستحق، لم نقرأه كما يجب أو قرأناه بأفكار مسبقة وبمقولات استقيناها من هنا وهناك.
حين يلومه كاتب ياسين واسياخم ويتهمونه بموالاة النظام عقب الاستقلال، وحين يلومه رجال الدين على أساس انه استسلم لانتحار بطيء عقب الاستقلال من خلال الغرق في الخمر، وحين يهرب خالد بن طوبال من نصه إلى نصوص أخرى ليتم تشويهه أو على الأقل إلباسه لباسا غير مالكي.
حين نطلع على كل هذا مسبقا ونقبل على قراءة مالك حداد مدججين بأحكامنا المسبقة
نغتاله مرات ومرات، هو الذي قرر اغتيال إبداعه وسجنه بداخله حتى لا يرى النور بغير لغة الوطن.

الوطن الذي شكل قصيدة شجية امتدت على كل الصفحات التي كتبها مالك حداد بلغة غير لغة الوطن، بلغة هي اليوم غنيمة حرب لدى كل المتطلعين للانتشار في الفضاء الفرانكفوني بعدما كنت عند مالك وجيله وسيلة لقول الأنا بلغة الآخر، ووسيلة لتجاوز أدوات الصدارة les majuscules كما كتب ذات يوم عن الواقع الثقافي والإيديولوجي المتشنج
اليوم ونحن نستحضر مالك حداد لا نملك سوى أن نتفهم بؤسه ككاتب زرع في طريقنا ورودا لم تعد قادرة على البوح بعطرها وظل حتى آخر نفس يشفق على الشقاء الذي رأى انه مهدد بخطر قادم رغم أن ذلك الخطر لم يكن غير الاستقلال أو هكذا اعتقد.

3 تعليق على "غزالة لروح مالك حداد"

.
gravatar
زبيدة موساوي يقول....

مساء الخير

ما يعجبني في طرحك للأمور أنك دوما تراها بوجه آخر غير معتاد لدينا ..وهذا طبعا يدل على سعة آفاق فكرك ..

للأمانة مالك حداد كان عندي مجرد اسم كاتب جزائري رغم أنني أملك من مكتبة أبي مجلة آمال بمعظم أعدادها
وربما لانني لم أهتم بالكتاب الجزائريين خاصة بالفرنسية وكنت لوقت قريب مرتبطة أكثر بكتاب المشرق خاصة نجيب محفوظ الذي أعتبره المغري الأول لي للكتابة ..
لقد عرفت مالك حداد بشكل أقرب من الكاتبة أحلام مستغانمي خاصة بعد أن أعلنت عن مسابقة باسمه ..
واليوم أدعي بأني صرت اكثر اهتماما به خاصة بعد أن درست له نصوص في الأدب العربي في الثانوية ،ومن أجل أن لا يقع الجيل الجديد من أبنائنا في نفس ما وقعت فيه وهو عدم التعرف على جيل الكتاب الجزائريين ، فلقد وجهت في السنة الماضية وهذه السنة كثيرا من طلابي لعمل بحث عن هذه الشخصية وأوليت عناية خاصة بتحليل نصوصه في القسم ، وأشرت لغيره من الكتاب الجزائريين القدماء والمعاصرين ..
حقيقة لاأحد ينكر عدم اهتمام المنهاج المدرسي والجامعي بالادب الجزائري ...الذي تحاول الوزارة استدراكه لكن حتاج من المدرّس كثيرا من الجهد ..

تحياتي الخالصة لك

زبيدة

.
gravatar
عمار بن طوبال يقول....

عزيزتي زبيدة

هذا الموضوع اصلا هو تعليق على مدونة لويزة

حين ادرجت اشعارا لمالك حداد

مالك دائما اجده متميزا

رغم انه كتب بالفرنسية

غير انه كتب بروح جزائرية خالصة

ولطالما ظلمته مناهجناالتربوية

نحن بحاجة حقيقة لاستاذة واعين يستطيعون الخروج عن المقرر ويضيفون الجديد الذي يساهم في تعميق وعي الطلبة بواقعنا الثقافي الثري في تعدده

تحياتي الخالصة لك

.
gravatar
غير معرف يقول....

"...حين يهرب خالد بن طوبال من نصه إلى نصوص أخرى ليتم تشويهه أو على الأقل إلباسه لباسا غير مالكي.." ما قامت به أحلام مستغانمي هي تخليد لشخصه قبل شخصياته فلا أرى من هو أكثر عشقا له .فقد أهدته كتابها "ذاكرة الجسد" حيث اعتبرته شهيد اللغة ثم أهدت جائزة بإسمه وخلدت بطله خالد بن طوبال الذي انتقل من رصيف الأزهار الذي لم يعد يجيب إلى جسور قسنطينة وأخيرا إلى شاشة كل العرب.
هل كان مالك يتوقع أن بطله سيعمر أكثر منه؟؟؟
لا أتصور أن هناك أي كاتب يحلم بهكذا نهاية

أترك تعليقا

conter