الخميس، سبتمبر 01، 2016

أساطير جزائرية: الزوالي

بتاريخ 11:19 م بواسطة عمار بن طوبال




الزوالي شعار شعبوي،وهو إدعاء انتماء للذين قامت عليهم وبهم ومن أجلهم الثورة، ثورة الكادحين والفلاحين الذين مجدهم الخطاب الرسمي منذ الاستقلال باعتبارهم يشكون الجماهير التي قامت الثورة على أكتافها وقامت الدولة لخدمتها لاحقا، لهذا كان الانتساب للزوالية مفخرة من لدن الطامعين في المناصب والارتقاء السياسي أولئك القادرين على بيع الأوهام للشعب في المناسبات السياسية، فكل سياسي يزعم انه ابن زوالي، وكل من ارتقى يذكر أنه ابن زوالي كمفخرة، فالزوالي دائما فحل وما يرضاش الذل كما تقول الأغنية الشهيرة التي يدندن بها الزوالية الحقيقيين الذين يسهل على الطامحين والطامحين وأهل المصلحة أن يبيعوهم الوهم في كلمات تدغدغ رجولة مجروحة تحت وطأة الواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي يستنزف الكرامة يوميا.
الزوالي هو المقتنع بأن من حقه، ولو تحايلا، أن ينتفع من الخدمات الاجتماعية للدولة ( السكن، التعليم، العلاج، منحة التمدرس، قفة رمضان، منح الشيخوخة، والمعاقين والأمراض المزمنة ....الخ) وكل ما تمنحه الدولة لمواطنيها كنوع من التوزيع غير العادل للريع البترولي في مقابل ضمان ولائهم السياسي للنظام القائم، مؤمنا بأن كل ذلك هو جزء من "حقه في البترول". لهذا يكون الانتساب للزوالية وسيلة، تكاد تكون وحيدة بالنسبة للكثيرين، من أجل الحصول على ذلك "الحق" الذي يحتكر القريبون من مراكز السلطة والنفوذ الحق في أن يغرفوا منه وينتفعوا أكثر من غيرهم أضعافا مضاعفة ( قروض، رشاوي وعمولات، اختلاسات، ورواتب مضخمة ومدعمة بالمنح والعلاوات ...).
الزوالي أيضا هو ذلك الذي يرى في الوظيفة العمومية ( على هشاشة راتبها) مجرد شهرية وفي الشهرية حقه في الدولة، أو الريع الذي تحتكر حق توزيعه الدولة، لهذا يتحول الزوالي إلى مفهوم سوسيولوجي متجاوزا كونه مجرد توصيف لوضع اقتصادي سمته الهشاشة والبؤس تنتمي إليه فئات واسعة من أفراد المجتمع، إنه مفهوم مركزي في خطاب سياسي ظل لعقود متمركزا على الفلاحين والكادحين ( الزوالية)، أيضا مفهوم في سياق العلاقات الاجتماعية بين مختلف الفئات والطبقات التي تربطه بالقيم الريفية الأصيلية: الشرف، النيف، الرجلة ... كتعويض رمزي عن المهانة الواقعية التي يعانيها الزوالية، وهو تعويض قوي التأثير على العلاقة بين الطبقات، فالمجتمع الجزائري واحد من المجتمعات القليلة التي يستطبن فيها المواطن العادي، ذلك المطحون طبقيا في الكثير من المجتمعات، إحساسا قويا بالمساواة، لهذا نجد الأغنياء وأهل السلطة والمستربلون بالجاه والوجاهة أكثر تأكيدا على الروابط القرابية والجهوية "دون ترفّع" واضح على الفقراء وأهل منطقة الانتماء، هذا الوضع يعطي تفسيرا لعمليات الواسطة الكثيرة والمتعددة التي يقوم بها المتنفذون ومالكوا السلطة أو وسطاؤها لصالح أقربائهم ومعارفهم وأبناء منطقتهم، مهما كان مستواهم الاقتصادي، والأهم مهما كانت القرابة الدموية هشة، لأن الواسطة تقدم لابن الدشرة، ابن المنطقة، بغض النظر عن هويته.

ردود على "أساطير جزائرية: الزوالي"

أترك تعليقا

conter