الأربعاء، يوليو 17، 2013

جيجل الثقافية

بتاريخ 11:19 م بواسطة عمار بن طوبال



يمكن الحديث عن مثقفين جواجلة بشكل يجعلنا نتيه في حصر عددهم، وعلى عكس كثرة المثقفين الجواجلة، يصعب الحديث عن ثقافة جيجلية، خاصة وذات ملامح مميزة، ولا حتى عن استلهام لجيجل كفضاء ثقافي، فجيجل ليست قسنطينة التي ألهمت الروائيين بجسورها وأزقتها وعبق تاريخ، ولا تلمسان التي تغنى بها الشعراء واليها حج طلاب العلم، هي أيضا ليست العاصمة، ولا غرداية بنمطها الاجتماعي المغاير وبعزابتها المتميزة ومدارسها العلمية، ولا واد سوف بمقاهيها الأدبية وشعرائها المجهولين، إنها أيضا ليست الجلفة بنشاطها الثقافي الدؤوب الذي ظل يسهم في تزويد الحقل الثقافي الجزائري أسماء ثقافية جديدة كل مرة، فجيجل مدينة جميلة سياحيا وفاتنة، ولكنها غير ملهمة ثقافيا، لأنها بائسة الحضور الثقافي، ربما هذا البؤس هو الذي يبرر الهجرة الثقافية المرفوقة بالتنكر للانتماء الجيجلي، حيث العدد الكبير من المثقفين ذوو الأصول الجيجلية، لا يذكرونها بالخير، وغالبا لا يذكرونها بتاتا، وكأنهم يريدون أن ينسوا أنهم من هنا، من هذه الأرض التي لم تكتشفهم ولم تنصفهم. يمكن الحديث عن الكثير من المثقفين اللامعين من أصول جيجلية: عبد الحميد بورايو، أبو العيد دودو، عمر مهيبل، السعيد بوطاجين، عيسى لحيلح، محمد الهادي الحسني، جميلة زنير، زهرة ديك....الخ.
لكن هؤلاء جميعا وباستثناء السعيد بوطاجين، لم يكتبوا نصوصا أدبية عن جيجل، وأكثر من هذا غالبا ما لا نجد أي أثر يذكر لجيجل كفضاء جغرافي وحضاري، في نصوصهم، مع العلم أن مرحلة الطفولة، أي مرحلة التكوين النفسي والعاطفي للإنسان غالبا ما يكون لها حضور بارز في الإبداعات الأدبية والفنية، حيث تعد الخزان والمعين الذي لا ينضب والذي يتم الرجوع إليه باستمرار، لكن هذا لم يحدث مع مثقفي جيجل بشكل يجعلنا نتحدث عن المنفردات الإبداعية التي تتميز بها جيجل المدينة وجيجل التاريخ، بنفس الشكل والقدر الذي نتحدث به عن جيجل كمنطقة جذب سياحي. 
فقط السعيد بوطاجين، يشكل استثناءا فريدا، وهو استثناء في الثقافة الجزائرية بعموميتها لأنه يستلهم الثقافة المحلية بمفرداتها وجزئياتها البسيطة ليحيك منها نسيجا إبداعيا متميزا فهو الذي جعل من تكسانة ملهمة لنصوصه وفضاء تدور فيه أحداث قصصه.
يمكن أن نذكر أحمد عاشوري ( من قالمة ) الذي أبهرته جيجل فكتب عنها الكثير من القصائد والمجموعات الشعرية: ( أحب جيجل، لا شيء إلا الأزرق في جيجل )، أي أنه استلهمها أدبيا بشكل لم يفعله مثقفوا وأدباء الولاية.
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يمكن الحديث عن ركود ثقافي يبرر ما قلناه سابقا من هجرة ثقافية وتنكر للمدينة، حيث أن المسؤولين عن الثقافية هنا غالبا ما يركزون على المناسباتية في التنشيط الثقافي، دون أن يساهموا في خلق فضاءات ثقافية تتسم بالديمومة يستطيع من خلالها المثقف الجيجلي أن يعبر عن نفسه وينمي قدراته من خلال التلاقح الفكري، حتى الجامعة لا تقوم بأي دور ثقافي يذكر، على عكس ما نجده في بعض الجامعات أخرى، حيث التنشيط الثقافي عادة حميدة لدى بعض الأقسام خاصة قسم اللغة والأدب العربي وهو ما لا يحدث بجامعة جيجل التي بدأت واعدة في هذا المجال لكن سرعان ما دخلت في نمط تنشيط مناسباتي أكثر منه فعل ثقافي واعي وهادف.
هذه بعض الملاحظات الجزئية حول جيجل الثقافية كما أراها، على أن أحاول لاحقا الكتابة بشكل جزئي عن بعض المميزات الثقافية للولاية وكذا تقديم بورتريهات موجزة لبعض مثقفي جيجل.

1 تعليق على "جيجل الثقافية"

.
gravatar
Unknown يقول....
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

أترك تعليقا

conter