الأربعاء، يوليو 17، 2013
أساطير جزائرية: الرجلة
بتاريخ 11:16 م بواسطة عمار بن طوبال
ليست الرجلة
ذكورة ولا شهامة خلق يتجلى في حمية دم وأنفة: هي النيف عندنا؛ وهي نصرة
الأهل والعشيرة ولو على ظلم يقترفونه، إنها ليست فحولة الذكر التي تحيل على قدرات بيولوجية
بالأساس ولا هي القوة ولا الشجاعة، ليس المتصف بالرجلة عندنا شبيه قبضايات حواري الشام
العتيقة ولا هو فتوة الحارة لدى المصريين،
فالرجلة عندنا ليست حكرا على فئة من الرجال الأشداء الذين ينذرون قوتهم للدفاع عن المستضعفين
أو للتسلط عليهم، كما أنها ليست صفة لصيقة بالرجال رغم أنها تنحت اسمها من الرجل وتستعير
صفاتها الغالبة من صفات رجالية نبيلة، لكن عندنا فقط قد تتسم المرأة بالرجلة والمرأة
الشجاعة الثابتة على الحق عندنا هي الفحلة وهي عند إخواننا المشارقة أخت الرجال، والفحلة
مالكة لصفات الرجلة، رغم أن الفحولة مفهوم رجالي بامتياز وبيولوجي أساسا يحيل على الخصب
الجنسي، لكنه ينزاح ليطلق على المرأة المتصفة بصفات معنوية مفارقة لمعاني السكينة والخضوع
والسلبية التي تتسم بها النساء في مجتمع يغيب المرأة عن واجهة الفعل.
تنتشر
الرجلة كإدعاء، أكثر مما توجد كحالة، إنها استدعاء لصفات غائبة وتمثل تمثيلي لها،
تمثل لا يصمد كثيرا أمام متطلبات الواقع وتحدياته، لهذا غالبا ما يكون مدعي الرجلة
موضوع سخرية، لأن تمثيله مفضوح، وادعاءاته هشة، رغم أن محيطه غالبا ما يشجعه على
خلق مثل تلك الادعاءات والتمادي فيها، وغالبا ما يكون المحيط الذي تزدهر فيه
الرجلة هو الأحياء الشعبية، الحومة والكارثي، أو بين الشلل وجماعات الرفاق التي
تسمح سيرورة تكونها بخلق الفرد الرجلوي وتعزيز ميولاته الرجلوية في ظل الترحيب
المتزايد بها، واعتباره سند وحاميا لباقي أفراد الجماعة.
وإذا
كانت الرجلة في وقتنا الحاضر إدعاء أكثر منها حالة ماثلة للعيان، فإنها، وفي ظل
افتقاد النموذج الأصلي الذي يمكن القياس عليه، تبقى حالة اجتهاد من طرف مدعيها،
وحين نقول أنها حالة ادعاء فالواقع يقول أنها ليست ادعاء كاملا، لأن من يدعي
الرجلة غالبا ما يتكيء على صفات أساسية كالشجاعة والقوة التي يعد توفر حد أدنى
منها أساسيا لأي نزعة رجلوية لدى أفراد معينين، رغم أن تلك النزعات غالبا ما تنتكس
بعد فترة قصيرة نتيجة افتقاد الصفات المدعاة للأصالة، وحالة الانتكاس التي تتمثل
غالبا في في التحول من حالة الرجلة التي قد تعني تقريبا: شجاعة وقوة وشهامة موظفة
في خدمة ما يرى صاحبه انه حق. إلى حالة شبيهة بالفهلوة، وشخصية الفهلوي تشبه تقريبا
ما نصفه عندنا كجزائريين بالبلاعطي، أي من يوظف قدراته الكلامية في تحصيل منافع
دنيوية بغض النظر عن كون ما يستخلصه بفضل براعته الكلامية حق له أم لا، وهذا
التحول المهم في شخصية الفرد الرجلوي هو ما وصفه مزراق علواش بتهكم وبسخرية مريرة
في فيلم عمر قاتلاتو الرجلة.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
1 تعليق على "أساطير جزائرية: الرجلة"
وانت ناسبك امرأة ولا كرامة.
أترك تعليقا