الخميس، ديسمبر 23، 2010
يا بلميلود لا تقل للشمعة أف
قراءة أولية في رواية جلدة الظل عبد الرزاق بوكبة
في وجداني حكاية ... لابد أن احكيها ... عن حياتك التعيسة؟ ( الرواية، ص 11 )
هي نفسها الحك اية التعيسة التي يرويها لنا عبد الرزاق بوكبة في روايته " جلدة الظل من قال للشمعة أف؟ "، حكاية مؤسطرة، حميمية، ومغرقة في السلاسة، حكاية تاريخ متخيل لقرية لا تعرف تاريخها، هي قرية أولاد جحيش مسقط رأس بوكبة ومرتع أشجان بلميلود، في هذه الرواية يحكي بلميلود ويستمع بوكبة وكأننا في أحدى حلقات الحكواتي حيث توالي الأحداث ينسج حبكة الرواية، والرواية تستحضر في طياتها شخصيات لا تنقصها الأسطرة لتجعل منها محور أحداث الرواية ومن قبلها أحداث القرية، القريتين، قرية أولاد جحيش وقرية أعلى الجبل، بين القريتين تاريخ طويل من العداء ورغبة كل طرف في إفناء الآخر.
تنبني أحداث الرواية على ش خصيتين محورتين؛ الجازية ودياب، وبوكبة حين ينقل هاتين الشخصيتين من فضائهما الأسطوري الذي انوجدتا فيه وعبره ترسختا في المخيال الشعبي الجزائري، وفي الكثير من الأعمال الإبداعية الجزائرية السابقة على جلدة ظل، إنما يستعير رمزية الشخصيتين فقط بعيدا عن حقيقتهما التاريخية وملامحهما النفسية والمورفولوجية، وهو يفعل ذلك كذريعة فنية ليكتب تاريخا أسطوريا لقريته اتكاءا على حكاية حبهما الطفولية والمحزنة.
في قرية أولاد جحيش التي تأسست على حقيقة / أسطورة الجد الأول المؤسس الحسن بن جحيش الذي لم يبق منه سوى مصحفه الشريف الذي كتبه بخط يده وحضوره المتكرر في منامات كبراء وزعما القرية للتنديد وتصحيح التجاوزات التي تحدث ضد ذريته؛ في هذه القرية تنسج حكايات هامشية وتدور صراعات حادة وغير معلنة بين زعماء القرية، صراعات مبعثها الزعامة وسيادة القرية، خصوصا بين العاقل حلفانة (والد الجازية الذي اسود وجهه يوم بشر بأن مولوده أنثى ) وبين العاقل عصمان الذي ينافس الأول حول الزعامة.
هذا الصراع الذي ذهب ضحيته ذياب أولا ومن بعده الجازية، الذين اتهما بالجنون وربط كل واحد منهما لجدع شجرة في العراء.
والصراع داخل القرية ما هو إلا الوجه الأول للصراعات التي انبنت عليها الرواية، الوجه الثاني الأبرز للصراع كان سعي قرية أعلى الجبل لإفناء قرية أولاد جحيش.
إن هذه الرواية حين نقرؤها برؤية سوسيولوجية نجد أنها انبت أساسا على قيم صراعية بين أبطالها فمن الصراع المعلن بين القريتين، إلى الصراع الخفي بين عقلاء القرية على الزعامة، إلى صراعات غير ظاهرة بشكل جلي كالصراع غير المعلن عنه بين الحواس ودياب على حب الجازية، هذا الصراع الأخير الذي لم يظهر إلى بعد نكبة دياب والجازية واتهامهما بالجنون، واختفاء دياب المريب بعد فترة من ربطه / سجنه؛ الغياب الذي أيقض رغبة الحواس في الجازية وجعله يتساءل: هل كانت ستحبني لو لم يكن دياب موجودا؟.
بالإضافة إلى هذا نجد صراعات أخرى بوسائل غير صراعية هدفها الأساسي هو إعادة ترتيب العلاقة بين طرفي الصراع وفق قواعد جديدة، كمال هو الحال في علاقة العاقل فلحانة بزوجته سعدية التي ترى فيه سببا لحرمانها من حقها في الأمومة، وهو نفس الصراع الذي نجده بين واعز بن كلمان زعيم قرية أعلى الجبل مع زوجته واشية التي لم تجد فيه الرجل الذي انتظرته في الفراش، لأنه يشتهي أير الرجل أكثر مما تشتهيه هي. هذا النوع الأخير من الصراع والذي انوجد أساسا بسبب الرغبة الجنسية والسبل الممكنة لإشباعها، انتهى بارتماء الزوجتين في أحضان رجال آخرين؛ سعيدة في أحضان عصمان، وواشية في أحضان دياب.
نهاية الرواية ظلت مفتوحة وكل الأحداث التي نسجتها مخيلة الكاتب ظلت معلقة في الهواء تنظر الجزء الثاني الذي اختار له بوكبة عنوان " محيض الزيتونة: من قال للشمعة أح، والذي لم يصدر بعد
جلدة الظل رواية ممتعة امتلك كاتبها لغة حميمية تقربها من نفس وعقل القارئ ، كما أنها مساهمة جادة وواعية لربط المتخيل السردي بالمكان بشكل قلما نجده في المتن الروائي الجزائري المكتوب بالعربية.
6 تعليق على "يا بلميلود لا تقل للشمعة أف"
أجدت يا عمار ، أنا أقرأ الروابة حاليا ، أجد فيها المتعة و لغة حميمة قريبة منا كجزائريين ، كما أن عبد الرزاق أبدع في سكب الرواية بعدا تاريخيا عشناه في قرية أولادجحيش ، و مزجه بخياله و الفكاهة خاصة مع الحوارات التي كان يبديها العقل الكبير و الصغير اللذان يسكننان نفس الجسم ، ,, دمت مبدع الرواية يا عبد الرزاق ، و دمت مبدع التدوينات يا عمار,
شكرا على تواجبك السريع صديقي الطاهر
ههههههههههههههههههههههههههههههه يا اخي الكريم اسمحلي بالمرور وهلا اعدت النظر في النص وصححت اخطائك الاملائية الفظيعه ... وشكرا
الشمعة تضئ والنصباح ينير كذلك الفكر، منير وينير
بارك الله فيك
فقط نريد ان تحددلنا هديه الفريه
لان هناك عده قرى بهذا الاسم
مدونة رائعة اتمني زيارة موقعي
اخبار مكان
أخبار مصر و الشرق الأوسط و العالم مع تغطيات سياسية و رياضية واقتصادية
أترك تعليقا