الثلاثاء، أكتوبر 27، 2009
شلة ثوارجية
بتاريخ 8:37 م بواسطة عمار بن طوبال
في نهاية سنة 2006 عرضت قناة الجزيرة برنامجا خاصا عن حصيلة السنة، عن أهم الأحداث التي عرفها العام 2006، وكان جزء مهم ( نسبيا ) من البرنامج قد خصص لثورة المدونات، إذن فقد اعتبرت الجزيرة أن التدوين حدث مهم للغاية يستحق أن يدرج ضمن أهم الأحداث التي عرفها العالم العربي في سنة 2006.
كان ذلك قبل ثلاث سنوات، كانت الأحلام كبيرة، والأسماء التدوينية واعدة، والاشتغال على التميز والإضافة النوعية هو الهدف الذي يسعى له الكثير من المدونين، لقد كان وهج البدايات واعدا.
ولكن بعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ ماذا نجد الآن؟ !
لا أريد أن أكون متشائما فيما يخص مستقبل التدوين العربي، ولكن النكوص والردة هو الميزة الأساسية التي تسم مدوناتنا وخصوصا مدونات مكتوب التي استطاعت في البداية أن تفرض نفسها كمنبر عربي لحرية الرأي، رغم أن المدونين الذين صنعوا المجد الإعلامي للتدوين العربي، اقصد اؤلئك الذين تعرضوا للاعتقال والتضييق عليهم من طرف بعض الأنظمة والذين حضوا بتضامن إعلامي واسع فتح عيون الإعلام على المدونات، هؤلاء في معظمهم مدنون من خارج موقع مكتوب.
ولكن ضجيج المدونات والسبب الذي جعل الأنظمة العربية (التي تميل للقمع والتضييق في معظمها) تفتح عينيها جيدا على المدونين، ليس كونهم يشكلون خطرا جديا عليها، إنما السبب ببساطة كون هذه الفئة التي لا يعجبها العجب هي فئة مشاكسة، وعالية الصوت في واقع افتراضي معظم مرتاديه هم من فئة الشباب الثوري بطبعه.
فالمدونون يتقنون لعب دور الثوارجية، أي أولئك الحالمين بدولة لا ظلم فيها وبمجتمع يمارس أفراده مواطنتهم دون استئذان، والعاملين لأجل تحقيق هذا الحلم النبيل، ولهذا تجدهم ينددون بتعسف الأنظمة، ويظهرون وطنية زائدة في كتاباتهم التي يطعمونها دوما بما يرضي جموع المواطنين الناقمين على الوضع العربي.
لهذا تكون كتاباتهم الحاملة لفائض حماسة مزيجا من إظهار التدين ومن إظهار المعارضة السياسية ومن نصرة القضايا العادلة للأمة، وهذا مزيج مريح للقارئ الذي لا يريد أن يتساءل عما قرأ فيميل لقراءة ما يتوافق وقناعته المسبقة.
وبما أن كتابات المدونين السياسية ما هي في النهاية سوى أراء شخصية وانطباعات حماسية فأنها عاجزة عن التأثير العميق، بله كونها عاجزة أيضا عن إزعاج الأنظمة العربية بشكل فعلي وخطير.
فتأثير المدونات محدود رغم العدد المتزايد للمدونين ( مع أننا لا يجب أن نغتر بالكم الهائل للمدونات فجلها مدونات خامدة )ومحدودية التأثير تكون أكثر حدة حين نعمل على مقاربته من الناحية الاجتماعية بعيدا عن التأثير السياسي ( المحدود بدوره )، فالمدونون عجزوا خلال المرحلة السابقة عن إنتاج خطابات أصيلة ذات مردود اجتماعي، كما عجزوا عن إيجاد موطأ قدم لهم داخل الحقل الثقافي، أي منافسة وسائل النشر والاتصال الكلاسيكية (دور نشر، جرائد، فضائيات، إذاعات)، وظلوا يكتبون ويبدعون على الهامش دون أن يستطيعوا بشكل فعلي وملموس صنع مركزهم الخاص حتى داخل الواقع الافتراضي أي داخل ميدانهم لاتهم لا يزالون يتعيشون من نتاجات المجالات الثقافية الأخرى ( مواقع الجرائد والمؤسسات الإعلامية والثقافية) من خلال عمليات النسخ واللصق التي تزدهر عبر المدونات بعد أن كانت في البداية حكرا على المنتديات.
كما أنهم وباستثناءات قليلة لم يستطيعوا التأثير في الواقع كفئة لها طموحات ومواقف سياسية واجتماعية، فجل القضايا التي تجند المدونون للدفاع عنها لم تساهم كتابات المدونين في حلها، ويمكن ذكر أمثلة كثيرة هنا (حرب لبنان، الحرب على غزة، قضية منتظر الزيدي، وقضايا كثيرة اقل أهمية؟؟)
يكفي أن يتساءل أي مدون ماذا قدم للمجتمع ويسال جيرانه وأقاربه عن تدويناته ومواقفه المدونة وسيحصل على إجابات محبطة للغاية.
المدونون ما هم في النهاية سوى شلة ثوارجية، ومجموعة من الحالمين، لهذا فلا أظن أن الأنظمة العربية منزعجة منهم إلى درجة قيامها بإنفاق أموال وتوظيف خبرات عالية من اجل مراقبتهم والتضييق عليهم، كما المجتمع لم يعترف بهم بعد، لأنهم لم يستطيعوا جر هذا المجتمع للاعتراف بهم، والحصول على الاعتراف الاجتماعي بالتدوين العربي لا يكون إلا من خلال ما يقدمه هؤلاء المدنون، أي ما يقاربون به إشكالات المجتمع، ولا أرى كمهتم بالتأثير الاجتماعي للتدوين أننا قدمنا ما يمكننا من افتكاك اعتراف اجتماعي بأهمية ما نقوم به، رغم أننا كأفراد وكحركة تدوينية أمامنا الكثير مما نستطيع فعله.
كان ذلك قبل ثلاث سنوات، كانت الأحلام كبيرة، والأسماء التدوينية واعدة، والاشتغال على التميز والإضافة النوعية هو الهدف الذي يسعى له الكثير من المدونين، لقد كان وهج البدايات واعدا.
ولكن بعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ ماذا نجد الآن؟ !
لا أريد أن أكون متشائما فيما يخص مستقبل التدوين العربي، ولكن النكوص والردة هو الميزة الأساسية التي تسم مدوناتنا وخصوصا مدونات مكتوب التي استطاعت في البداية أن تفرض نفسها كمنبر عربي لحرية الرأي، رغم أن المدونين الذين صنعوا المجد الإعلامي للتدوين العربي، اقصد اؤلئك الذين تعرضوا للاعتقال والتضييق عليهم من طرف بعض الأنظمة والذين حضوا بتضامن إعلامي واسع فتح عيون الإعلام على المدونات، هؤلاء في معظمهم مدنون من خارج موقع مكتوب.
ولكن ضجيج المدونات والسبب الذي جعل الأنظمة العربية (التي تميل للقمع والتضييق في معظمها) تفتح عينيها جيدا على المدونين، ليس كونهم يشكلون خطرا جديا عليها، إنما السبب ببساطة كون هذه الفئة التي لا يعجبها العجب هي فئة مشاكسة، وعالية الصوت في واقع افتراضي معظم مرتاديه هم من فئة الشباب الثوري بطبعه.
فالمدونون يتقنون لعب دور الثوارجية، أي أولئك الحالمين بدولة لا ظلم فيها وبمجتمع يمارس أفراده مواطنتهم دون استئذان، والعاملين لأجل تحقيق هذا الحلم النبيل، ولهذا تجدهم ينددون بتعسف الأنظمة، ويظهرون وطنية زائدة في كتاباتهم التي يطعمونها دوما بما يرضي جموع المواطنين الناقمين على الوضع العربي.
لهذا تكون كتاباتهم الحاملة لفائض حماسة مزيجا من إظهار التدين ومن إظهار المعارضة السياسية ومن نصرة القضايا العادلة للأمة، وهذا مزيج مريح للقارئ الذي لا يريد أن يتساءل عما قرأ فيميل لقراءة ما يتوافق وقناعته المسبقة.
وبما أن كتابات المدونين السياسية ما هي في النهاية سوى أراء شخصية وانطباعات حماسية فأنها عاجزة عن التأثير العميق، بله كونها عاجزة أيضا عن إزعاج الأنظمة العربية بشكل فعلي وخطير.
فتأثير المدونات محدود رغم العدد المتزايد للمدونين ( مع أننا لا يجب أن نغتر بالكم الهائل للمدونات فجلها مدونات خامدة )ومحدودية التأثير تكون أكثر حدة حين نعمل على مقاربته من الناحية الاجتماعية بعيدا عن التأثير السياسي ( المحدود بدوره )، فالمدونون عجزوا خلال المرحلة السابقة عن إنتاج خطابات أصيلة ذات مردود اجتماعي، كما عجزوا عن إيجاد موطأ قدم لهم داخل الحقل الثقافي، أي منافسة وسائل النشر والاتصال الكلاسيكية (دور نشر، جرائد، فضائيات، إذاعات)، وظلوا يكتبون ويبدعون على الهامش دون أن يستطيعوا بشكل فعلي وملموس صنع مركزهم الخاص حتى داخل الواقع الافتراضي أي داخل ميدانهم لاتهم لا يزالون يتعيشون من نتاجات المجالات الثقافية الأخرى ( مواقع الجرائد والمؤسسات الإعلامية والثقافية) من خلال عمليات النسخ واللصق التي تزدهر عبر المدونات بعد أن كانت في البداية حكرا على المنتديات.
كما أنهم وباستثناءات قليلة لم يستطيعوا التأثير في الواقع كفئة لها طموحات ومواقف سياسية واجتماعية، فجل القضايا التي تجند المدونون للدفاع عنها لم تساهم كتابات المدونين في حلها، ويمكن ذكر أمثلة كثيرة هنا (حرب لبنان، الحرب على غزة، قضية منتظر الزيدي، وقضايا كثيرة اقل أهمية؟؟)
يكفي أن يتساءل أي مدون ماذا قدم للمجتمع ويسال جيرانه وأقاربه عن تدويناته ومواقفه المدونة وسيحصل على إجابات محبطة للغاية.
المدونون ما هم في النهاية سوى شلة ثوارجية، ومجموعة من الحالمين، لهذا فلا أظن أن الأنظمة العربية منزعجة منهم إلى درجة قيامها بإنفاق أموال وتوظيف خبرات عالية من اجل مراقبتهم والتضييق عليهم، كما المجتمع لم يعترف بهم بعد، لأنهم لم يستطيعوا جر هذا المجتمع للاعتراف بهم، والحصول على الاعتراف الاجتماعي بالتدوين العربي لا يكون إلا من خلال ما يقدمه هؤلاء المدنون، أي ما يقاربون به إشكالات المجتمع، ولا أرى كمهتم بالتأثير الاجتماعي للتدوين أننا قدمنا ما يمكننا من افتكاك اعتراف اجتماعي بأهمية ما نقوم به، رغم أننا كأفراد وكحركة تدوينية أمامنا الكثير مما نستطيع فعله.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
5 تعليق على "شلة ثوارجية"
السلام عليكم
اخي عمار اوفقك الراي في ان المدونات العربية لا تشكل خطرا على الانظمة وغالبية المدونين خصوصا الذين يعبرون عن الاراء السياسية ليس لهم موقف كبير امام قضية ما الا في بعض المناطق مثل مصر, لكن هل المشكل في المدون وحده, هناك بعض المدونات الرائعة التي تشكل فعلا خطرا لو تم التجاوب معها, غياب الوعي الالكتروني برايي ياخذ الحيز الاكبر من المشكلة, انا مثلا لا استطيع ان اعرف قيمة ما اكتب من خلال بيئتي لان كلمة تدوين غير مفهومة بتاتا حتى لدى الشباب المثقف وكلما اطلع احدهم على ما اكتب من خلال مدونتي يقول : راك تريسكي بعمرك اي انت تخاطر بحياتك !!! هل ننتظر من هؤلاء الذين يخشون من ممارسة حق من حقوقهم ان يتاثروا بسهولة مما نتكب, في بلادنا اظن ان المراحل التي مرت بها الجزائر خصوصا العشرية السوداء افقدت الكثرين الوعي السياسي الوطني, فجعلتهم همجا يثورون لمجرد شرارة صغيرة غير منطقية بتاتا ... عذرا على الاطالة
صديقي قادة لم تطل
انما عبرت عن ازمة نعانيها جميعا كمدونين، لأن الكتابة
لدى عامة الناس شيء خطير ولا يقترب منه الا قلة من المحميين من فوق او المغامرين خصوصا الكتابة السياسية الحاملة لأراء معارضة في جوهرها
هكذا ترى العامة كتاب السياسة، وهي غير مستعدة لمنخهم شرعية اجتماعية الا اذا دخلوا السجن
فدخول السجن شهادة اثباث التزام اتجاه القضايا التي يدافع عنها من يكتب عن السياسة
لهذا يقول لك البعض حين يطلعون على ما تكتب "" راك تريسكي بعمرك " وهم يعبرون عن رأي سائد لدى عامة المواطنين كما يعبرون عن توجس من المكتوب هذا التوجس النابع اساسا عن قدسية الكتابة وارتباطها الاولي بالمقدس ( القرآن ) لهذا فعامة الناس يرون فيها شيئا لا يخوض فيه اي انسان
انا هنا اتحدث عن الكتابة الكلاسيكية ( جرائد ، كتب )
وحين ننتقل لمجال التدوين يصير الاشكال اعمق والاحباط اشد، لأن التدوين في العالم العربي عموما لم يحضى باعتراف من طرف مشستعملي الانثرنث فما بالك بباقي المواطنين الذين يرون في الانثرنث فضاء للهو والتشاتش ومشاهدة المواقع المخلة بالحياء
إن يكون للمدون صحيفته الخاصة وتحضى هذه الصحيفة باعتراف ومقرؤوية من طرف الغير فهذه ثقافة لم نبلغها بعد في عالمنا العربي
وهذا ما يشكل ضغطا اضافيا على المدونين الذين يكتبون على امل ان يستطيعوا في يوم ما ان يصلوا رؤاهم لاكبر عدد ممكن من المواطنين دون ان يقابلوا بتسفيه او توجس هؤلاء المواطنين الذين نكتب جميعا من اجل ا يكون لهم ولنا غد افضل
وكما قال المدون الفيل ان الفترة الذهبية للتدوين امامنا وليست وراءنا لاننا لم نستطع بعد ان نصنع مجدنا وصوتنا المتفرد
تحياتي الخالصة لك
السلام عليكم
قيل أن التدوين العربي لا يزال في مرحلة الطفولة ، لكني لا أدري متى يكبر هذا الطفل .. هناك شلة من الأدباء و الإعلاميين لا يزالون متشبثين بالإعلام التقليدي فقط ... ينظرون إلى المدونين على أنهم حفنة من الهواة تحترف النقد ...
http://209.85.229.132/search?q=cache:MgoHR5ZttCgJ:sayedmokhtar.maktoobblog.com/1621757/%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A8%D9%88%D9%87%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%84-%D9%83%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84/+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86+%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%84&cd=1&hl=ar&ct=clnk&client=firefox-a
أنا معك أخي في الله في معظم ما طرحته ولكن أود أن أضيف بأن إن شاء الله ستحدث نقلة نوعية في عالم التدوين في المستقبل القريب بإذن الله وغدا لناظره قريب.
أترك تعليقا