الأحد، يوليو 05، 2009

الإختلاف بدل التجاوز

بتاريخ 1:34 ص بواسطة عمار بن طوبال


يمكننا الحديث عن الاختلاف بدل التجاوز، لأن التجاوز في مجال الأدب والفكر عموما غير ممكن بتاتا لأنه يعني من ضمن ما يعني إلغاء التراكم الضروري لأي إنتاج أدبي وفكري، وبالتالي فحين يتحدث البعض عن رغبة التجاوز يغالطون أنفسهم وقراءهم، لأنهم يسوقون العلاقة بين الأجيال الأدبية على أنها علاقة صراعية بالأساس، تقوم على ثنائية حدية، حيث القديم مقابل الجديد، مع أن الجديد لا ينفي القديم ولا يتجاوزه إنما يبني عليه صرحه المختلف. الكثير من الأدباء الشباب وقعوا في وهم قتل الأدب مع أن هذه العملية غير ممكنة أيضا لأنها ردة فعل أكثر من كونها فعلا نابعا عن وعي بالمحددات السوسيولوجية للكتابة. يمكن إيجاد مبررات نفسية وموضوعية للرغبة في قتل الأب بتجاوزه حيث هذه الرغبة تنبرز لدى البعض، نتيجة الضغط الكبير الذي تمارسه الأبوية الفكرية على الوافدين الجدد لمجال الكتابة الأدبية، والذين عليهم أن يكسروا مزاليج الأبواب لكي يلجوا الحرم الإبداعي الذي تحرسه الأبوية المتسلطة بطبعها. ولكن بمجرد الولوج ( أثبات الحضور والتميز) يجد هؤلاء الوافدون الجدد أنفسهم مجبرين على التعايش مع الآباء المالكين لرأسمال رمزي يمنحهم سطوة وهيمنة معتبرة على الحقل الأدبي، قد يتحول بعض هؤلاء الوافدين الجدد أنفسهم إلى ممارسة نوع من الأبوية ولو بشكل مختلف عن أبوية السابقين، نتيجة تحصيلهم لرأسمال رمزي يوبؤهم مكانة مميزة داخل الحقل الثقافي، ولكن إذا كان الاختلاف هو قدر الكتابة الجديدة الواعدة في الجزائر،فإن " أبوية الجيل الجديد " هي أبوية منفتحة ولا تملك من صفات الأبوية _ بعيدا عن القمع_ غير قوة الحضور الذي ينتج قوة التأثير. اعتقد أن الأدباء الشباب القادرين على تقديم المختلف والمميز للحقل الثقافي الجزائري بحاجة إلى روح نضالية عالية حتى يتمكنوا من التأسيس لثقافة الاختلاف التي تجرد الأبوية الثقافية من قمعيتها وسطوتها التي تنظر للآخرين على أنهم قصّر أو مارقين مع أن غالبية الأدباء الشباب في الجزائر لا يملكون هذه الروح النضالية ولهذا فهم سريعا من يخرجون من الأبواب الخلفية، بعد أن يحبطهم الواقع الثقافي، أو أنهم ينقلبون إلى انتهازيين يمارسون التعتيم على الأقلام الجادة والواعدة ويسوقون أنفسهم عبر المنابر الثقافية المتاحة والتي استطاعوا الوصول أليها بطرق ليس الإبداع الجاد والمميز أحدها، حيث يعوضون افتقادهم للرأسمال الرمزي الضروري لأي سلطة فكرية ( السلطة هنا بمعنى قوة التأثير ) باحتلالهم للمساحات المتاحة للنشر والظهور، وبهذا تتحول الانتهازية وإتقان اللعب إلى طريقا لإثبات الحضور بدل أن يكون أثبات الحضور عن طريق النصوص المختلفة والواعدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المقالة هي تعليق على نص للكاتب بشير مفتي بملحق الأثر الثقافي بعنوان: الكتابة الجديدة ورهان الاختلاف

ردود على "الإختلاف بدل التجاوز"

أترك تعليقا

conter