بين نص الكاتب وصورته تزاحم على التموضع في الواجهة، بعد أن كانت الواجهة ومجال التداول وإمكانات التلقي، على امتداد قرون الكتابة الطويلة، منذورة للنص وحده. في خضم السيحان البصري صار للصورة الواجهة وبهاء الحضور وعمق التأثير، وانسحبت الكتابة للخلف محتمية بالهامش الذي يتموضع على أحد جوانب الصورة تاركة للأخيرة جلال المركز وهيلمان الوجود، لتكون مجرد شروح على متن مبهر في بريقه وقدرته على خطف الأبصار. في الزمن الفيسبوكي يتمظهر الكتّاب بصريا من خلال صورهم، أكثر مما ينتشرون نصيا من خلال إبداعاتهم متخلين بذلك، دون وعي، عن دورهم ووظيفتهم؛ أي عن سر انواجدهم ككتّاب وسبب تميزهم، أي عن رأسمالهم الرمزي الأساسي الذي قوامه الكلمة والنص.
يسعى الكتّاب، أو بعضهم على الأقل، للتمظهر نجوميا من خلال بث وتسويق اكبر عدد ممكن من الصور، سواء صورهم الخاصة، او الصور ذات الصلة بهم وبمنتوجهم الفكري، وهم بذلك يسعون لمزاحمة نجوم الفن والرياضة في الماركيتينغ الصَّوري لأنفسهم كمالكين لرأس مال رمزي يعتقدون أنه قادر على جعلهم مركز جذب واهتمام، إن هكذا اشتغال داخل دائرة البريق الإعلامي من طرف الكتّاب والأدباء وسيرهم بالأدب نحو سطحيات الميديا وتموضعهم بداخلها، لا كموضوع للخبر، وهذا طبيعي، ولكن كمادة اشهارية لمنتوج لا طلب جماهيري كبير عليه وهو الأدب. هذا الوضع مسيء للأدب في جوهره، وعامل على إفراغه من عمقه ومن غموضه الواعد والمنتج لتعددية القراءة من خلال تموضع الكاتب بشخصيته المحاطة بالمجهولية من طرف قرائه في خلفية النص الذي تكون له الصدارة والواجهة.