غوتة ليس مجرد فنان ومبدع ألماني، إنه أيضا اسم للتقارب بين الشرق والغرب.
ديوانه " الديوان الشرقي الغربي " صار عنوانا لتقارب تريده ألمانيا مع العالم العربي الإسلامي، وحين اختارت اسم غوتة للمعهد الذي يؤسس لحوار ثقافي مع الشرق كانت الحكومة الألمانية موفقة في الاختيار فوحده غوتة الذي ندرسه بمحبة وإعجاب لا ينضبان يستحق أن يكون جسر تواصل ومحبة بيننا، لأنه حمل روحا إنسانية شفافة قاربت جوهر الإنسان دون عقدة استعدلاء، ودون النظر بعين الريبة للآخر المختلف والهمجي في التصور الغربي حول الإنسان الشرقي والمسلم تحديدا، حين نقول غوتة، نقول أيضا صرحا شامخا من الإبداع، نقول آلام فيرثر ونقول ملحمة فاوست ونقول شتيلا والمرثيات الرومانية، ونقول أيضا قصة حب متفردة نقرؤها بخشوع المتعبدين جمعته بشارلوتة فون شتاين، قصة حب لم تكن قصة رغبة متوهجة وآهات وأنات فوق سرير ملتهب بقدر ما كانت تلك الشارلوتة المتزوجة من احد نبلاء فايمار تمثل لغوتة روح الأنثى في مطلقيته، فهي الأم والأخت والحبيبة، كل في واحد هو ما مثلته شارلوتة لغوتة، لهذا ظل حبهما الذي خلدته الرسائل المتبادلة بينهما خالدا ومعبرا على علاقة مشتبكة وملتبسة ومنفلتة من التحديد تحضر فيها كل المشاعر الإنسانية دفعة واحدة.
غوتة الذي نستحضره اليوم وكل يوم، يحضر بكل تسامحه وبكل بحثه المضني عن إيجاد سبل ممكنة للتعايش بين الغرب المسيحي والشرق المسلم، بحضر كشوكة في عيون الداعين لصدام الحضارات أولئك الحاملين لنبوءات النهايات والمابعديات الذي يغتالون بكتاباتهم التسامح والمحبة التي حملتها الديانات السماوية، فغوتة المسيحي المعجب بالإسلام يظل عند المسلمين رمزا وشاهدا على أن الشرق حين نراه على حقيقته بعيدا عن تنميطات المستشرقين وكتابات المدرسة الكوللونيالية هو شرق جميل منفتح ومتسامح وقادر على أن يلتقي مع الغرب بعيدا عن إرث الدم الدائم الحضور بينهما لأجل مستقبل أفضل للبشرية.