جوليا كريستيفا jolia kristiva
أو عبقرية النساء
جوليا كريستيفا تلك التي وصفها رولان بارث ذات يوم بأنها إمرأة غريبة، لأنها متعددة وغير مستقرة فكريا على مجال معرفي معين، بالرغم من انتصارها للنقد الأدبي وللنظرية اللغوية الحديثة التي تعد هي واحدة من أبرز منظريها واكثرهم ألمعية في القرن العشرين؛ فهي باحثة في السيميولوجيا وناقدة ادبية ومحللة نفسانية مشتبكة مع السياسة بشكل متوارى، هي كذلك واحدة من المدافعات الشرسات عن حقوق المرأة، كريستيفا مناضلة من أجل مكانة ودور أكثر تميزا للمرأة في مجتماعتنا المعاصرة لأن المرأة في نظر كريستيفا عبقرية وقادرة على فعل الكثير حين لا توضع العقبات في طريقها وهي أكدت على هذه العبقرية الانثوية من خلال ثلاثيتها النظرية الموسومة بـ "عبقرية النساء".
في ديسمبر 2006 حازت كريستيفا على جائزة في الفكر السياسي تبرعت بمردوها المالي إلى جمعية تهتم برعاية النساء الأفغانيات اللواتي أصبن بأضرار نتيجة الحرب الدائرة في هذا البلد، لتؤكد من خلال هذه الإلتفاتة على العلاقة بين الممارسات السياسية الخاطئة في عالمنا وبين وضع المرأة كضحية ممكنة ومحتملة لهذه السياسات الرعناء التي يكون ضحايا غالبا هم أؤلئك الذين لم يكن لهم رأي ولا يد فيها ؛ ونزعة كريستيفا النسوية المفرطة لم تفقدها حدسها العلمي ويقضتها الابتسمولوجية في النظر إلى الأشياء بكثير من التجرد الذاتي، فالانتصار للنوعة النسوية لا يعني بأي شكل من الأشكال عندها تحميل الرجال المسؤولية كاملة ومن تم التطرف والغنتقال من الدفاع عن المرأة إلى معاداة الرجل كما حدث مع العالمة الامريكية " جوديت بتلر" رئيسة جمعية: " تقطيع أوصال الرجال " التي تعتبر أعمالها تهديدا للغنسجام الإجتماعي والتعايش السلمي بين الرجل والمرأة.
جوليا كريستيفا المنفتحة حياتيا وعلميا معادية للرؤى المغلقة والجامدة نتيجة تنوعها الثقافي، هي التي ولدت في بلغاريا في 27 جوان 1941 واستقرت في فرنسا وسافرت كثيرا في الجغرافيا وفي ذاتها وبين التخصصات المعرفية التي طرقتها طوال مسارها المعرفي الممتد على فترة زمانية تقارب النصف قرن فقد بدأت نشر أعمالها الاولى أواخر الستينات من القرن الماضي.
في هذه الفترة المبكرة من حياة كريستيفا العلمية التي بدأتها في فرنسا بعيدا عن موطنها الأصلي بلغاريا، كانت عضوا في مجلة " تل كل "، وأيضا من الأعضاء البارزين لجمعية " الكتاب " التي كانت تضم نخبة مفكري فرنسا من امثال ميشال فوكو ورلان بارث و فيليب سولاز، هذا الأخير الذي الذي سلبت قلبه تلك البلغارية الشقراء الحادة الذكاء فتزوجها سنة 1970؛ وهي السنة نفسها التي نشرت فيها كريستيفا كتابها الأكثر تميزا في بداية مشوارها العلمي: " نص الرواية " لتتلوه بمجموعة مؤلفات أخرى كرست أسم كريستيفا كواحدة من أعلام النظرية السيميولوجيا الحديثة، وواحدة من أبرز نقاد البنيوية وما بعد البنيوية، ومن أشهر هذه المؤلفات: " أبحاث في تحليل المعاني " سنة 1969، " اللغة المتعددة " سنة 1977 ، " الطليعة "، " عبقرية النساء " ويضم ثلاث اجزاء " الحقد والغفران" 2005، " ثورة في اللغة الشعرية "...الخ، بالإضافة إلى العديد من المقالات التي نشرتها في مجلات اكاديمية متخصصة.
في فترة حاسمة من تاريخ النقد الغربي الحديث، فترة الغنتقال من البنيوية إلى ما بعد البنيوية، قدمت كريستيفا مفهومها الاكثر تميزا وأصالة في الساحة النقدية الفرنسية والأوروبية وهي مفوم " التناص " أو الحوارية النصية التي تعني عندها التداخل بين النصوص السابقة واللااحقة، فكل نص ما هو في النهاية سوى نتيجة لحوار معرفي مع نصوص أخرى سابقة عليه؛ كذلك في محاضرة ألقتها بعيد وصولها إلى باريس قامت بنشرها لاحقا في مقالة بعنوان: " الكلمة، الحوار، الرواية "، وقد جاء تقديمها لذلك المفهوم تحت مسمى "النصوصية او عبر النصية"، هذا المفهوم الذي شكل في تلك الفترة وبعدها لبنة أساسية في الجهاز المفاهيمي للنقد الغربي الحديث، وهو ما جعل رولان بارث يقر لها بريادتها لمنهج التناص في النقد: " نحن مدينون لجوليا كريستيفا بالمفاهيم النظرية الأساسية التي يتضمنها تعريفها للنص وهي: الممارسة الدالة، الإنتاجية، النص المولد، التناص".
ركزت كريستيفا ابحاثها على مفهوم التداخل النصي الذي سبقها في الإشارة إليه أستاذها " باختين "، غير انها لم تتوقف طويلا عند الإشارات الباختينية لمفوم التداخل النصي، بل عملت على صياغته في اطار نظري متين جعل منه منهجا يحتدى في النقد الأدبي.
كما كانت" جوليا كريستيفا" على صلة بالنظرية التحويلية في اللسانيات التي بلورها" تشومسكي" على مبعدة من اللسانيات الاوربية، معتبرة النص الأدبي أداة تحويل للنصوص السابقة أو المعاصرة فدخول هذه النصوص إلى نص جديد ينتج عنه بالضرورة تحويل في دوالها ومدلولاتها وكأن النص يعيد قراءة النصوص التي دخلت في تكوينه ويقوم بتحويلها لفائده الخاصة، فالنص الأدبي عندها أصبح تناصا أي حضور للنصوص الأخرى يقيم معها النص المدروس حوارية معرفية أثرت وتأثر في تمظهره النهائي.
من الأراء التي رفضتها كريستيفا في النقد الأوربي مبدأ " تأصيل الأدب " طبقا للجنس الذي ينتسب إليه الكاتب ذكر او أنثى، فهي وانطلاقا من نزعتها النسوية المنفتحة سالفة الذكر ترفض مقولة الأدب النسوي، فالنص الأدبي يقصد لذاته بعيدا عن جنس كاتبه أو كاتبته، فمقولة الأدب النسوي تمثل نظرة تميزية قد تكون لا واعية ضد المرأة، ومنه تنتهي كريستيفا إلى حقيقة أن دراسة الأدب وفقا لمسألة الثنائية الجنسية نظرة فرويدية متعذرة التطبيق.
إن كل من يعرف حوليا كريستيفا بتفردها يصعب عليه وصفها أو ضبطها لأنها سيدة التميز بامتياز رشيقة، وهادئة، ماجنة وخجولة، وهي مندفعة في قضايا الر اهن ومتوارية عنها أيضا ..بعيدة عن أضواء المنصات والكاميرات والميكروفونات والإعلام بكل أشكاله، لأنها دائما ترغب أن تعمل في هدوء وتترك أراءها تعبر عنها دون ضجيج، مكانتها الأكاديمية المتفردة تضعها ضمن قائمة نخبة النقاد ومنظري اللسانيات الحديثة في الغرب، هذه القائمة التي قد لا تضم سوى اسم امرأة واحدة هي جوليا كريستيفا .
أو عبقرية النساء
جوليا كريستيفا تلك التي وصفها رولان بارث ذات يوم بأنها إمرأة غريبة، لأنها متعددة وغير مستقرة فكريا على مجال معرفي معين، بالرغم من انتصارها للنقد الأدبي وللنظرية اللغوية الحديثة التي تعد هي واحدة من أبرز منظريها واكثرهم ألمعية في القرن العشرين؛ فهي باحثة في السيميولوجيا وناقدة ادبية ومحللة نفسانية مشتبكة مع السياسة بشكل متوارى، هي كذلك واحدة من المدافعات الشرسات عن حقوق المرأة، كريستيفا مناضلة من أجل مكانة ودور أكثر تميزا للمرأة في مجتماعتنا المعاصرة لأن المرأة في نظر كريستيفا عبقرية وقادرة على فعل الكثير حين لا توضع العقبات في طريقها وهي أكدت على هذه العبقرية الانثوية من خلال ثلاثيتها النظرية الموسومة بـ "عبقرية النساء".
في ديسمبر 2006 حازت كريستيفا على جائزة في الفكر السياسي تبرعت بمردوها المالي إلى جمعية تهتم برعاية النساء الأفغانيات اللواتي أصبن بأضرار نتيجة الحرب الدائرة في هذا البلد، لتؤكد من خلال هذه الإلتفاتة على العلاقة بين الممارسات السياسية الخاطئة في عالمنا وبين وضع المرأة كضحية ممكنة ومحتملة لهذه السياسات الرعناء التي يكون ضحايا غالبا هم أؤلئك الذين لم يكن لهم رأي ولا يد فيها ؛ ونزعة كريستيفا النسوية المفرطة لم تفقدها حدسها العلمي ويقضتها الابتسمولوجية في النظر إلى الأشياء بكثير من التجرد الذاتي، فالانتصار للنوعة النسوية لا يعني بأي شكل من الأشكال عندها تحميل الرجال المسؤولية كاملة ومن تم التطرف والغنتقال من الدفاع عن المرأة إلى معاداة الرجل كما حدث مع العالمة الامريكية " جوديت بتلر" رئيسة جمعية: " تقطيع أوصال الرجال " التي تعتبر أعمالها تهديدا للغنسجام الإجتماعي والتعايش السلمي بين الرجل والمرأة.
جوليا كريستيفا المنفتحة حياتيا وعلميا معادية للرؤى المغلقة والجامدة نتيجة تنوعها الثقافي، هي التي ولدت في بلغاريا في 27 جوان 1941 واستقرت في فرنسا وسافرت كثيرا في الجغرافيا وفي ذاتها وبين التخصصات المعرفية التي طرقتها طوال مسارها المعرفي الممتد على فترة زمانية تقارب النصف قرن فقد بدأت نشر أعمالها الاولى أواخر الستينات من القرن الماضي.
في هذه الفترة المبكرة من حياة كريستيفا العلمية التي بدأتها في فرنسا بعيدا عن موطنها الأصلي بلغاريا، كانت عضوا في مجلة " تل كل "، وأيضا من الأعضاء البارزين لجمعية " الكتاب " التي كانت تضم نخبة مفكري فرنسا من امثال ميشال فوكو ورلان بارث و فيليب سولاز، هذا الأخير الذي الذي سلبت قلبه تلك البلغارية الشقراء الحادة الذكاء فتزوجها سنة 1970؛ وهي السنة نفسها التي نشرت فيها كريستيفا كتابها الأكثر تميزا في بداية مشوارها العلمي: " نص الرواية " لتتلوه بمجموعة مؤلفات أخرى كرست أسم كريستيفا كواحدة من أعلام النظرية السيميولوجيا الحديثة، وواحدة من أبرز نقاد البنيوية وما بعد البنيوية، ومن أشهر هذه المؤلفات: " أبحاث في تحليل المعاني " سنة 1969، " اللغة المتعددة " سنة 1977 ، " الطليعة "، " عبقرية النساء " ويضم ثلاث اجزاء " الحقد والغفران" 2005، " ثورة في اللغة الشعرية "...الخ، بالإضافة إلى العديد من المقالات التي نشرتها في مجلات اكاديمية متخصصة.
في فترة حاسمة من تاريخ النقد الغربي الحديث، فترة الغنتقال من البنيوية إلى ما بعد البنيوية، قدمت كريستيفا مفهومها الاكثر تميزا وأصالة في الساحة النقدية الفرنسية والأوروبية وهي مفوم " التناص " أو الحوارية النصية التي تعني عندها التداخل بين النصوص السابقة واللااحقة، فكل نص ما هو في النهاية سوى نتيجة لحوار معرفي مع نصوص أخرى سابقة عليه؛ كذلك في محاضرة ألقتها بعيد وصولها إلى باريس قامت بنشرها لاحقا في مقالة بعنوان: " الكلمة، الحوار، الرواية "، وقد جاء تقديمها لذلك المفهوم تحت مسمى "النصوصية او عبر النصية"، هذا المفهوم الذي شكل في تلك الفترة وبعدها لبنة أساسية في الجهاز المفاهيمي للنقد الغربي الحديث، وهو ما جعل رولان بارث يقر لها بريادتها لمنهج التناص في النقد: " نحن مدينون لجوليا كريستيفا بالمفاهيم النظرية الأساسية التي يتضمنها تعريفها للنص وهي: الممارسة الدالة، الإنتاجية، النص المولد، التناص".
ركزت كريستيفا ابحاثها على مفهوم التداخل النصي الذي سبقها في الإشارة إليه أستاذها " باختين "، غير انها لم تتوقف طويلا عند الإشارات الباختينية لمفوم التداخل النصي، بل عملت على صياغته في اطار نظري متين جعل منه منهجا يحتدى في النقد الأدبي.
كما كانت" جوليا كريستيفا" على صلة بالنظرية التحويلية في اللسانيات التي بلورها" تشومسكي" على مبعدة من اللسانيات الاوربية، معتبرة النص الأدبي أداة تحويل للنصوص السابقة أو المعاصرة فدخول هذه النصوص إلى نص جديد ينتج عنه بالضرورة تحويل في دوالها ومدلولاتها وكأن النص يعيد قراءة النصوص التي دخلت في تكوينه ويقوم بتحويلها لفائده الخاصة، فالنص الأدبي عندها أصبح تناصا أي حضور للنصوص الأخرى يقيم معها النص المدروس حوارية معرفية أثرت وتأثر في تمظهره النهائي.
من الأراء التي رفضتها كريستيفا في النقد الأوربي مبدأ " تأصيل الأدب " طبقا للجنس الذي ينتسب إليه الكاتب ذكر او أنثى، فهي وانطلاقا من نزعتها النسوية المنفتحة سالفة الذكر ترفض مقولة الأدب النسوي، فالنص الأدبي يقصد لذاته بعيدا عن جنس كاتبه أو كاتبته، فمقولة الأدب النسوي تمثل نظرة تميزية قد تكون لا واعية ضد المرأة، ومنه تنتهي كريستيفا إلى حقيقة أن دراسة الأدب وفقا لمسألة الثنائية الجنسية نظرة فرويدية متعذرة التطبيق.
إن كل من يعرف حوليا كريستيفا بتفردها يصعب عليه وصفها أو ضبطها لأنها سيدة التميز بامتياز رشيقة، وهادئة، ماجنة وخجولة، وهي مندفعة في قضايا الر اهن ومتوارية عنها أيضا ..بعيدة عن أضواء المنصات والكاميرات والميكروفونات والإعلام بكل أشكاله، لأنها دائما ترغب أن تعمل في هدوء وتترك أراءها تعبر عنها دون ضجيج، مكانتها الأكاديمية المتفردة تضعها ضمن قائمة نخبة النقاد ومنظري اللسانيات الحديثة في الغرب، هذه القائمة التي قد لا تضم سوى اسم امرأة واحدة هي جوليا كريستيفا .